الأقباط متحدون - لغز مقتل الأنبا إبيفانيوس.. 3 سيناريوهات وراء جريمة دير أبو مقار
  • ١٤:٢٠
  • الثلاثاء , ٣١ يوليو ٢٠١٨
English version

لغز مقتل الأنبا إبيفانيوس.. 3 سيناريوهات وراء جريمة دير "أبو مقار"

أخبار مصرية | الوطن

٣٠: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٨

الأنبا إبيفانيوس
الأنبا إبيفانيوس

يترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ظهر الثلاثاء، صلاة التجنيز على جثمان الأنبا إبيفانيوس، أسقف رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون، والتي ستقام بدير أبو مقار، وسط حضور عدد كبير من أساقفة ورهبان الكنيسة.

واستمر لليوم الثاني على التوالي، غلق أبواب الدير، الذي تجري النيابة العامة والشرطة، تحقيقاتهما فيه لمعرفة تفاصيل جريمة مقتل رئيس الدير، الذي وجد فجر أمس غارقًا في دمائه، وأظهرت التحريات الأولية للشرطة استخدام مرتكب الجريمة لأداة حادة لقتل المجني عليه في أثناء خروجه من القلاية "مكان سكن الرهبان"، ونقلت الجثة لمشرحة مستشفى وادي النطرون لتشريحها لمعرفة سبب الوفاة.

الأمن: قتل بآلة حادة.. والكنيسة: ننتظر نتائج التحقيق.. والبابا: الأسقف اتسم بالوداعة والتواضع

وقالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن الغموض الذي أحاط بظروف وملابسات رحيل الأنبا إبيفانيوس، استلزم الاتصال بالجهات الرسمية من الشرطة والنيابة لتولي التحقيق وكشف ملابسات الحادث، مشيرة إلى أن الأسقف الراحل أب الناسك وعالم جليل وأن الكنيسة تنتظر نتائج التحقيقات. فيما قال البابا تواضروس الثاني عنه: "اتسمت حياته بالوداعة والتواضع والتجرد والنسك، مع العلم الغزير الذي أثمر تعاليم ودراسات مميزة في فروع العلوم الكنسية المختلفة".

والأنبا إبيفانيوس من مواليد 27 يونيو 1954 في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وهو حاصل على بكالوريوس في الطب، والتحق بالدير في 17 فبراير 1984، قبل أن يرسم راهبًا في 21 أبريل 1984، باسم الراهب ابيفانيوس المقاري، ورسم قساً في 17 أكتوبر 2002، وكان يشرف على مكتبة المخطوطات والمراجع بكل اللغات في الدير، واختير رئيسًا للدير بالانتخاب في 10 مارس 2013.

سيناريوهات الجريمة تستبعد فرضية العمل الإرهابي أو السرقة وتحصرها في تعمد القتل

وكشفت مصادر كنسية، لـ"الوطن"، عن وجود 3 سيناريوهات لجريمة مقتل رئيس الدير، الأولى أن يكون مرتكب الجريمة أحد رهبان الدير، أو أحد العمال الذين يعملون في المزارع الملحقة بالدير، أو عمل إجرامي تم من خارج الدير"، مشيرًا إلى أن الشرطة والنيابة يعملان على تتبع خيوط السيناريوهات الثلاثة لكشف غموض الحادث، مع استبعاد فرضية العمل الإرهابي وراء الجريمة كون أن الأسقف ليس بالشخصية العامة الشهيرة ولا يمكن تمييزه عن باقي رهبان الدير، لافتة إلى أن الهدف من الجريمة هي "قتل رئيس الدير" وليس "السرقة"، وهو ما يعني أن الجاني ستوجه إليه تهمة "القتل العمد مع سبق الأصرار والترصد".

ودير الأنبا مقار، يقع بوادي النطرون، وينسب للأنبا مقار وهو تلميذ الأنبا أنطونيوس الكبير مؤسس الرهبنة القبطية، ويعود تاريخة إلى القرن الرابع الميلادي، ويعد الأب متى المسكين الأب الروحي للدير في العصر الحديث، واشتهر الدير ورهبانه بخلافهم فكريًا مع الكنيسة في بعض الأمور اللاهوتية، وحدث صدام بين الدير والكنيسة في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، إلا أن البابا تواضروس أهتم به، وسيم عليه الأنبا أبيفانيوس.

وتبلغ مساحة الدير الإجمالية حوالي 11.34 كم2 شاملة المزارع والمباني التابعة، ويحتوي على 7 كنائس، وملحق بالدير متحف صغير ومشفى ومحطة لتوليد الكهرباء ومطبعة ومكتبة تضم مخطوطات نادرة، وهناك مساكن للعاملين بالدير من غير الرهبان.

الراهب جبرييل أول من أكتشف الحادث.. و"باسيليوس": القاتل من داخل الدير ويعرف طريق الأسقف ومكان كاميرات المراقبة

فيما قال الراهب باسيليوس المقاري، أمين مكتبة دير أبو مقار، لـ"الوطن"، إن الدير يوجد به أكثر من 130 راهبًا، وأن الجريمة تم اكتشافها عن طريق الراهب جبرييل المقاري، وهو مسؤول الألحان خلال القداس بالدير، والذي توجد قلايته بجوار رئيس الدير، وخلال خروجه من قلايته –مكان سكنه-، لحضور تسبحة منتصف الليل، وصلاة باكر، قبل قداس الأحد، اكتشف جسد الأنبا إبيفانيوس ملقى على وجهه في الممر المؤدي إلى كنيسة الدير التي يقام بها القداس، وتحيط به بركة من الدماء، حيث تبين ضرب الأسقف من مؤخرة الرأس بآلة حادة تسببت في خروج جزء من "المخ" خارج الجمجمة، وسارع الراهب بإخبار الرهبان الموجودين في الكنيسة بما حدث.

وأضاف "باسيليوس"، أن الجريمة وقعت في جنح الليل وتحديدًا الثالثة من صباح أمس الأول، وجرى الاتصال بالبابا تواضروس وقتها والذي طلب إحضار الشرطة والنيابة للتحقيق، وهو ما تم.

واستبعد الراهب، أن تكون الجريمة بهدف السرقة، حيث لا يمتلك رئيس الدير أي شئ، ولم يتم الكشف عن سرقة أي من متعلقاته، حيث يعيش الرهبان في حالة زهد تام بعد أن تركوا متاع الدنيا من أجل الصلاة والفقر الاختياري، كما ألمح إلى أن عمال الدير كلهم مسيحيون ولا يوجد ما يدفعهم لارتكاب تلك الجريمة.

وكشف "باسيليوس"، أن القاتل هو أحد الموجودين بالدير وليس من خارجه إذ أنه يعرف ممرات الدير وأماكن كاميرات المراقبة، إذ أنه يوجد بالدير كاميرات مراقبة ولا توجد تلك في الممرات، كما أنه استهدف رئيس الدير ولم يستهدف أحد أخر، لافتًا في الوقت نفسه إلى عدم وجود خلافات بين الأنبا إبيفانيوس وأيا من رهبان الدير أو العمال، ولا يمكن اتهام أحد بالجريمة، مشددًا على أن الشرطة والنيابة هي من تستطيع فك لغز الجريمة.

وجريمة مقتل الأنبا إبيفانيوس، هي أول جريمة في تاريخ الكنيسة تقع بين جدران الدير، وتعد حدث استثنائي ما جعلها تهز الكنيسة، ويتخوف الأقباط من قيدها "ضد مجهول"، وأمام هذا الحدث ترجمت الكنيسة بياناتها الرسمية عن الحادث إلى اللغات الأجنبية.

وكشف مصدر كنسي، أن بعض الرهبان الذين يعملون في مزارع للدير خارج جدرانه، يخرجون للعمل طوال الأسبوع ويعودون مساء السبت من أجل الاشتراك في قداس الأحد، وهم الوحيدين الذين يخرجون من بين الرهبان للخارج ويدخلون مرة أخرى.

قبل مقتل الأنبا إبيفانيوس.. 3 أساقفة ومطارنة قتلوا و"قيدت الفاعل مجهول"

وكانت 3 وقائع قتل تعرض لها أساقفة ومطارنة بالكنيسة خلال السنوات الماضية، إلا أنها قيدت ضد مجهول وهم: "الأنبا ثاؤفيلس، مطران القدس والشرقية ومحافظات القناة، والذي رشح مرتين للكرسي البابوي، وقتل عام 1945 في أرض دير الأنبا أنطونيوس بمنطقة "بوش"، بعد إصابته بطلق ناري".

كذلك واقعة مقتل الأنبا مرقس، وهو أول أسقف مصري لجنوب إفريقيا، والذي وجد مقتولًا بالرصاص داخل سيارته المسجلة باسم دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، عام 1953، قبل وصوله للطريق العمومي الواصل بطريق الدير.

والثالثة: "الأنبا يوأنس، مطران الجيزة والقليوبية وسكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي قتل بالسم حسب مراجع كنسية، عام 1963، إذ كان يستعد لحضور أكليل "زفاف"، وأصيب بـ"الكحة"، فأحضر له الشراب من غرفته وشربه قبل أن يشعر بهبوط في الدورة الدموية ويتوفي بعدها بدقائق، وقيل أن "سم شديد الخطورة وضع في زجاجة الدواء"، وطلب وقتها البابا كيرلس السادس من النيابة التحقيق، وتم تشريح الجثمان، إلا أنه لم يتم تحديد هوية المتهم".

"إبيفانيوس" تلميذ "المسكين" الذي دافع عنه أمام هجوم تيارات "المتشددين" في الكنيسة

ويعد الأب متى المسكين، من أشهر رهبان دير أبو مقار الذي شهد الدير هجوم من بعض التيارات داخل الكنيسة التي توصف بالمتشددة بسبب كتابات الأب متى المسكين، والذي دخل في صدام مع البابا شنودة الثالث والأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ والبراري، وهو صدام فكري، ترجم في كتب، حيث منعت الكنيسة 48 كتاب للمسكين وصفت بانها تحتوى على خلافات فكرية، فضلًا عن علاقات المسكين مع الرئيس الراحل أنور السادات وتبريره قرار "السادات" بعزل البابا وتشكيل لجنة بابوية لإدارة شؤون الكنيسة وقتها.

وكان البابا شنودة منذ وصوله للكرسي البابوي دائم الحرص على زيارة دير أبو مقار، إلا أن تلك الزيارات توقفت عند عام 1978، ولم يزور الدير حتى وفاة الأب متى المسكين عام 2006، وزار البابا دير أبو مقار عام 2009، وذلك بعد 3 سنوات من وفاة المسكين، وتقدم الأنبا ميخائيل مطران أسيوط الراحل ورئيس الدير منذ عام 1946، باستقالته من رئاسة الدير، وقام البابا شنودة خلال تلك الزيارة بالباس الرهبان "قلنسوة" –غطاء رأس للرهبان- معتمد من المجمع المقدس كان الأب متى المسكين لا يعترف به ويرفض ارتداءه، وحدث بعد وفاة المسكين انشقاقات داخل رهبان الدير، وحتى وفاة البابا شنودة عام 2012، وعودة الأنبا ميخائيل للأشراف على الدير من جديد، قبل أن يطلب من البابا تواضروس فور توليه المسؤولية اختيار رئيس جديد للدير وهو ما تم عبر الانتخابات التي شارك بها رهبان الدير، وأسفرت عن اختيار الراهب أبيفانيوس المقاري، والذي أوصاه البابا قبل رسامته في 10 مارس 2013 بـ"لم شمل الدير".

وتصاعدت خلال الفترة الماضية، داخل الكنيسة صدامات وخلافات حول بعض التعليم الكنسي، والذي كانت تصوب الهجوم على اتباع وتلاميذ الأب متى المسكين، وانتهت بتشكيل المجمع المقدس في مايو الماضي لجنة لمراجعة التعليم الكنسي بالكنيسة.

ويعد الأنبا إبيفانيوس، من تلاميذ الأب متى المسكين، فيكفي ما قاله الأسقف عام 2016 عن "المسكين" في مؤتمر "بوزي Bose" بإيطاليا، بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة المسكين: "من الصعب على غير الدارسين لتاريخ الكنيسة القبطية في العصر الحديث أن يُدركوا مدى الأثر الذي تركه الأب متى المسكين في نظرة الأقباط للكنائس الأخرى، أو مدى تأثير الأب متى المسكين على الحياة الرهبانية، وعلى حقل الدراسات الآبائية والإنجيلية في مصر، ومنذ أول يوم لتكريس حياته للرهبنة، وضع الأب متى المسكين في قلبه أن يحيا حياة رهبانية تقوم على مبادئ الإنجيل ووصايا قدِّيسي الرهبنة،أحدثت كتابات الأب متى المسكين تغييراً ملحوظاً في مجال التعليم في الكنيسة القبطية، والسبب الحقيقي وراء هذا التغيير، أنَّ الأب متى المسكين لم يتتلمذ على اللاهوت القبطي المعاصر أو المستحدث الذي كان منتشراً في ذلك الوقت؛ إذ أنه بتدبيرٍ إلهي، حسب تعبيره، حصل على مجموعة كاملة لأقوال الآباء مُترجمة إلى اللغة الإنجليزيـة، فقرأها بنهَمٍ. فانطبع فكر الآباء على تفكيره، واصطبغت حياته بسِيَر قدِّيسي الكنيسة،  فخرجت كتاباته لها طعم كتابات آباء الكنيسة، دون الحاجة لذِكْر نصوص كثيرة حرفية لهم.. لقد آمن الأب متى المسكين أنَّ الوحدة المسيحية يمكن أن تتحقَّق، ليس عن طريق الحوار المسكوني بالدرجة الأولى، ولكن عـن طريق قدِّيسي كلِّ كنيسة، الذيـن بصلواتهم وسيرتهم سوف يُلهمون قادة الكنائس ما يُعينهم على إتمام الوحدة.. نُصلِّي أن تعود الرهبنة لأُصولها الأولى، كما اشتاق أبونا متى المسكين وسَعَى في سبيل ذلك كل حياته، وهذا أيضاً ما يتمنَّاه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إذ صرَّح مراراً وتكراراً أنَّ هذا هو ما يرجوه للرهبنة، لأن نهضة الكنيسة لن تتحقَّق دون النهوض بحياة الرهبنة".

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.