الأقباط متحدون - الأرز.. ومشروعات الاستصلاح
  • ١٧:٤٤
  • الاربعاء , ٢٥ يوليو ٢٠١٨
English version

الأرز.. ومشروعات الاستصلاح

٥٦: ١٠ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نادر نور الدين
 أحسن الرئيس السيسى بإصدار تكليفاته لهيئة السلع التموينية بسرعة استيراد الأرز قصير الحبة والمشابه للأرز المصرى، والذى يتماشى مع نمط استهلاك الشعب، وذلك قبل ثلاثة أشهر من نفاد المخزون الاستراتيجى، والذى يكفى حتى نهاية شهر أكتوبر على الأقل بعد محصول وفير لأكثر من مليون ونصف المليون فدان فى العام الماضى تم حصادها فى شهر سبتمبر وأعدت للتسويق فى نهايات أكتوبر بعد خضوعها للمضارب والتبييض لتحويل الأرز الشعير من حالته الخام فى الحصاد إلى أرز أبيض جاهز للاستخدام كطبق رئيسى على المائدة المصرية.
وعلى الرغم من أن القطاع الخاص قام فى الموسم المنقضى بشراء كامل محصول الأرز من المزارعين بقرار حكومى خاطئ بعدم مشاركة الهيئة فى شراء الأرز من المزارعين وفقا لأسعار الأسواق والتى لم تتجاوز 3.5 جنيها للكيلوجرام تصل إلى نحو 4.5 بعد الضرب والتبييض إلا أن وزارة التموين فضلت التعاقد مع التجار على توريد الأرز التموينى من الدرجة الثالثة بنسبة كسر 12% بسعر ستة جنيهات وربع وتقوم الوزارة بصرفة على بطاقات التموين بسعر ستة جنيهات ونصف متناسية أن التجار لا يحكمهم إلا قوانين الأسواق والعرض والطلب (ولا يعيبهم هذا) فجاء الإعلان عن تخفيض زراعات الأرز إلى النصف فقط سببا فى ارتفاع أسعاره وتوقع المزيد من ارتفاع الأسعار فامتنع التجار عن توريد الحصص المتفق عليها للوزارة بعد أن ارتفعت الأسعار فى الأسواق إلى ما بين تسعة وعشرة جنيهات لأرز الدرجة الثالثة وما بين ثلاثة عشر إلى خمسة عشر جنيها لأرز الدرجة الأولى ذات نسبة الكسر 3%، وهو الأمر الذى أجبر الوزارة على اقتراح المكرونة بدلا من الأرز لأصحاب البطاقات التموينية. كان يمكن للدولة أن تقرر تطبيق صرف الدعم النقدى الاختيارى لتوفير سيولة مالية تحتاجها الأسر المصرية فى هذا الوقت بعد أن استنزف ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود والمياه والبوتاجاز والغاز والمواصلات الكثير من السيولة المالية للأسر الفقيرة. فالأسر الفقيرة المكونة من أربعة أفراد تستحق دعما على الخبز والسلع التموينية يصل إلى 500 جنيه شهريا يستفيد منها التجار أكثر من استفادة الفقراء بالإضافة إلى فرض سلع بعينها لا تمثل أهمية فى مائدة الأسر الفقيرة، وبالتالى فيمكن لهذا المبلغ فى حال صرفه نقدا أن يعيد الرواج والشراء لبعض السلع التى بار بيعها أو تقلصت مبيعاتها وتخلص الدولة من صداع تهريب الدعم والاتهامات بسوء مستوى الرغيف والزيت التموينى وعدم وجود الأرز وغيره مع خلق منافسة حقيقية بين الأفران ومحال البقالة والسوبر ماركت فى إجراء التخفيضات والعروض التى تجذب هذه القوة الشرائية الجديدة إليها.
 
فمن أهم مميزات قيام هيئة السلع التموينية باستيراد الأرز قصير الحبة من الخارج سواء على صورة الأرز الشعير أو الأرز الأبيض (وأفضل أن يكون من الأرز الأبيض لأن حال أغلب المضارب المصرية ليست بالجيدة وتتسبب فى نسب عالية من الكسر وانخفاض رتبة الأرز على عكس المضارب فى الخارج الأعلى كفاءة إلى أن يتم تجديد أغلب المضارب) إن تخصيص هذا الأرز للصرف على البطاقات بطاقة نحو 1.2 مليون طن سنويا بالإضافة إلى طرحة فى المجمعات وتوفيره لمحال الكشرى التى تتعامل مع الطبقات الفقيرة بسعر منافس يمنع التجار من رفع أسعار الأرز المصرى للموسم الجديد. فاستيراد الهيئة للأرز بسعر قد يكون أعلى من الأسعار الحالية يتيح لها إخضاعه للدعم الحكومى للسلع التموينية وصرفه بأسعار مخفضة بما يمنع رفع التجار لأسعار الأرز المصرى للمحصول القادم. الأمر الثانى أن تشارك الهيئة التجار فى استلام محصول الأرز المصرى من المزارعين بسعر السوق بأسعار نتوقع أن تتراوح ما بين 5500 – 6500 جنيها للطن، وبالتالى يمكن أن توفره للمستهلك فى حدود الجنيهات السبعة فقط بعد أن عايشنا شراء التجار للأرز من المزارعين بأربعة جنيهات فى الماضى وبيعه حاليا بأسعار تقترب من خمسة عشر جنيها مصريا.
 
فى مشروعات استصلاح الأراضى يقوم المسؤول بإسناد المعاينات لبعض من يطلق عليهم لقب الخبراء ليتخلص المسؤول من انحيازه ومسؤوليته عن إقرار مشروع فاشل، وبالتالى فإن مشروع توشكى قام بإجازته من أطلق عليهم خبراء الزراعة ومثله مشروع فوسفات أبوطرطور فى وقته والعديد من المشروعات التى يخشى البعض القول بحتمية التروى فيها والابتعاد عن إدانة مسؤول سابق أقر المشروع. فمن العجيب أن يأتى مسؤول بعد يوم واحد من توليه المسؤولية ليعلن أن مشروع الاستصلاح الذى أطاح بسابقه ليس بمشروع فاشل بما يعنى إعلان انحيازه للمشروع وعدم انتظار تقارير الخبراء الذى أوحى إليهم مسبقا بأن المشروع ليس بفاشل! ثم يبدأ الأمر فى تشكيل لجنة تبدو للعامة من المتخصصين ويطلق فيها على البعض لقب الخبير الدولى فى استصلاح الأراضى، بينما يعلم المتخصصون أن هذا المقصود لم يعمل أبدا فى تخصص الاستصلاح ولم يكن خبيرا دوليا لا فى الاستصلاح ولا فى غيره. بعد هذا يبدأ الأمر فى تكليف علميين من مختلف التخصصات لمعاينة المشروع المقصود وكتابة تقارير جماعية على عكس ما ينبغى اتباعه.
 
فمشروعات الاستصلاح القومية تتطلب أن تبدأ معاينة المشروع بخبراء استصلاح أراضى فقط ومعهم خبراء من الأرصاد الجوية وتغيرات المناخ لتطبيق ما نعلمه لطلابنا بأنه «دراسات ما قبل الاستصلاح Pre- Reclamation Studies» لدراسة سرعة الرياح فى المنطقة خلال خمسة وعشرين عاما ماضية ومعها الموجات الحارة ومدى تكرارهما وربط ذلك بثبات التربة فى المشروع وعدم هشاشتها ومدى صمودها أو عدم صمودها أمام الرياح وعدم إنجرافها وكشف جذور النباتات النامية وتدمير المنشآت القائمة بالإضافة إلى صمود النباتات أو الثروة الحيوانية للموجات الحارة أو الباردة الطويلة والمتكررة، ومدى احتفاظ التربة بالمياه أو سرعة فقدها ومعدلات البخر، وارتفاع استهلاك النباتات للمياه، ثم خصوبتها واحتفاظها بالأسمدة العضوية أو سرعة احتراقها ثم مدى قربها أو بعدها عن العمران والأسواق كثيفة السكان وتكاليف نقل المنتجات ووفرة العمالة وتكاليف إعاشتها ومعها توافر الطاقة بشقيها من كهرباء ووقود سائل لعمل الآلات الزراعية وطلمبات الرى واستدامة المياه بنوعية جيدة لمائة عام قادمة. فإذا ما كان هذا التقرير مبشر وأن الأرض سوف تكون مشروعا صالحا للاستصلاح والزراعة مع توضيح تكاليف متطلبات البنية التحتية والطرق للمشروع. بعد ذلك– وليس قبل ذلك- يبدأ خبراء مختلف التخصصات من خضروات وفاكهة ومحاصيل حقلية وإنتاج حيوانى وصناعات غذائية فى معاينة المشروع لتحديد الاستغلال الأمثل لأراضى المشروع والتركيب المحصولى والصناعات المكملة والثروة الحيوانية والداجنة المقترحة لأن الأمر لا يتطلب عملهم إلا بعد أن يثبت خبراء الاستصلاح ودراسات ما قبل الاستصلاح صلاحية المشروع، وبالتالى فليس من الحكمة ولا من العلم أن يقوم الجميع بالعمل فى نفس الوقت كحزمة من الخبراء كل يكتب فى واد دون أن تكون المنطقة صالحة للاستصلاح أصلا أو عديمة الجدوى اقتصاديا. الأمر يتطلب أيضا الرؤية الواضحة للهدف من الاستصلاح فهل هو من أجل سد فجوة غذائية أو للدخول فى مجال الزراعات العضوية والزراعات النظيفة أو لنقل حاصلات توطنت أمراضها فى الأراضى القديمة أو للمنتجات عالية الأسعار التى تتناسب مع التكاليف المرتفعة لمشروعات الاستصلاح ثم الجدوى من العائد من المياه الثمينة والنادرة فى الصحراء وأولويات استخدامها وزمن نضوبها.
 
عندما ينكر المسؤول مصالحة واتجاهاته الشخصية متناسيا خلافاته مع البعض ويعمل فقط للصالح العام وللوطن فإننا نكون قد وضعنا أنفسنا على طريق النجاح وخير الوطن على أن تتم محاسبة خبراء التقارير التى أشارت بصلاحية مشروعات خاسرة كلفت وتكلف الدولة المليارات.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع