الأقباط متحدون - الديمقراطية بين التحليل والتحريم !!
  • ٠٧:٤١
  • السبت , ٢١ يوليو ٢٠١٨
English version

" الديمقراطية " بين التحليل والتحريم !!

مدحت بشاي

بشائيات

١٢: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ٢١ يوليو ٢٠١٨

القيادى السلفى عبدالمنعم الشحات
القيادى السلفى عبدالمنعم الشحات

مدحت بشاي

حتى الديمقراطية خضعت لمعايرة وتوصيف «التحليل والتحريم» بعد عودتنا ــ والأمر لله من قبل ومن بعد ــ إلى قرون ما قبل الحضور الإنسانى مع القيادى السلفى عبدالمنعم الشحات عندما أعلن أن الديمقراطية بتاعتنا «حلال» والديمقراطية بتاعة الغرب حرام وكفر، ولولا أن «الشحات» حين أطلق تعريفاته تلك كان بصدد دخول الانتخابات وهى أداة من أدوات الديمقراطية لكان قد أكد بشكل نهائى على أهمية رفض وإلغاء المدعوة «ديمقراطية» بكل أشكالها من الوجود على الأرض!

لقد أعلنها «الشحات» واضحة جلية بعد تنحى حسنى مبارك بشهور قليلة: «السلفيون لن يتركوا السياسة لأشخاص كارهين لدين الله»؛ هكذا رأى المتحدث باسم الدعوة السلفية، من كان تواجدهم بارزاً فى المشهد الينايري، وفاجأ الجميع بعد الثورة بتصريحات غير مألوفة فى درجة التشدد عبر كل وسائط الإعلام المتاحة؛ بدأت بالكلام عن أزمة الهوية، وتطبيق الشريعة، ودعوته لتغطية وجوه التماثيل الفرعونية بالشمع، وتحريك صبيانهم للخروج فى مظاهرات تحت مسمى «جمعة الهوية والاستقرار» وغيرها.

يقول الكاتب «محمد كامل» أن «الشحات» القيادى السلفى يرى أن الديمقراطية فلسفة تناقض عقيدة المسلم، لكنها قد تصنع نظاما يناسب تياره الذى ليس لديه مشكلة فى أن يكون له تحفظات شرعية على تحية العلم والسلام الجمهوري، لكن صدور القانون يلزم الجميع، واعتبر أن التحدى الأكبر للإسلاميين هو تضمين الدستور مادة حاكمة تقرر مرجعية الشريعة وحينئذ يشرع لهم المشاركة الديمقراطية».

إن الديمقراطية التى تقوم على «أهواء الشعب»، ستؤدى إلى كوارث، فقد تبيح الخمر أو تحرم الزواج للإناث الأصغر من 18 عاما، أو تبيح إقامة عبدة الشيطان حفلاتهم فى أفخم الفنادق دون أن يتعرض لهم أحد لأنهم» - هكذا أفتى المهندس «الشحات» بأنه لا يجوز لغير المسلمين تولى رئاسة السلطة التنفيذية فى مصر، وتوجد موانع شرعية ودستورية وسياسية مِن تولى غير المسلم.

وأوضح «الشحات»، فى مقال منشور على موقع الفتح، التابع للدعوة السلفية، مواقف الحزب من الديمقراطية وما أسباب قبولها على مضض، علاوة على موقفه من ترشيح المرأة وولاية الأقباط. وحاول تبرير مواقف حزب النور، وتأييد الدعوة السلفية للانتخابات، رغم عدم قناعاتهم بها.

وقسم «الشحات» شأن الديمقراطية إلى ثلاثة أقسام، أولها هو المخالف للشريعة ويتلخص فى الاحتكام للشعب، والثانى أشياء تخالف النظام السياسى فى الإسلام، وإن كانت لا تصادم أصل العقيدة، وثالثًا أمور وصفها بالجيدة يمكن الاستعانة بها. وطرح سؤالا: «هل تقبل الديمقراطية التفكيك أو الأسلمة؟»، مجيبًا بأن الإسلاميين أمام تحدٍ هو: «تضمين الدستور مادة حاكمة تقرر مرجعية الشريعة»، وبالتالى يكون أمر الشريعة قد تم إقراره بآليات الديمقراطية.

وذهب إلى أن تضمين الشريعة كمادة فى الدستور مردود عليه بأن هذا يتنافى مع قوله تعالى: «إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّه»، ولفت إلى أن هذا صحيح، ولكن الواقع الحالى لن يترك للإسلاميين خيارًا غير ذلك. وبخصوص ولاية الأقباط، فقال إن الأمر محسوم دينيًا، بحسب وصفه، حيث يرى أن الدولة الإسلامية حددت للأقباط مهام تنفيذية بعيد عن الولاية.

إنها إذن «الديمقراطية الحلال» وفق رؤى حزب مصرى ممثل فى البرلمان رغم مخالفة وجوده لبنود دستورنا الجديد الذى نهى عن تشكيل أحزاب دينية!
نعم، هى هى الديمقراطية التى أشار إليها فيلسوف الجيل «أحمد لطفى السيد»، التى حدث عنها ناخبيه منذ حقب من السنين، فاستغل أحد منافسيه أن الرجل قد تحدث بمصطلح سياسى جديد على أذن مواطنيه، ونزل إلى دائرته وقال للناخبين إن «الديمقراطية» التى سمعوها من مرشحهم معناها ياناس ياهووه «إن الرجل كما يُسمح له بالزواج من أربع، يُسمح لزوجته هى أيضاً أن تتزوج من أربعة».. وفى أحد المؤتمرات وقف مواطن يسأل لطفى السيد: هل أنت ديمقراطي، فلما رد بالإيجاب انصرف عنه كل من بالسرادق وكان أن سقط لطفى السيد.. وبالثلاثة!

نعم، وكأن أحمد لطفى السيد وغيره من التنويريين العظام معدوش على مصر، ولا قالوا ولا علموا ولا كتبوا ولا عرفوا المدعوة «الديمقراطية» حلم الملايين لإنهاء عصور الاستبداد والطغيان والفساد..

وكأن ثورة يوليو 1952 لم تضع بين أهدافها الهدف رقم (6): «إقامة حياة ديمقراطية سليمة»، وإن كان رموزها لم يحاولوا السعى إلى تحقيقها بجدية ودأب.