الأقباط متحدون - الفساد وشبهة الظلم فى جمع المال العام
  • ١٦:٠٧
  • السبت , ٢١ يوليو ٢٠١٨
English version

الفساد وشبهة الظلم فى جمع المال العام

مقالات مختارة | عادل نعمان

١٣: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢١ يوليو ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

يقال إن الفساد قد طال بعضا من ولاة الأمصار منذ عهد أبى بكر، حتى إن عمر بن الخطاب قد قاسمهم مع بيت المال ما جمعوه من أموال وغنائم ليست من حقهم، أو اختلط الأمر عليهم،

فهذا أبوهريرة قاسمه عمر ما جلب من ولاية البحرين ثم عزله، وهذا أبوموسى الأشعرى قاسمه ما جمع من ولاية البصرة وعزله، وهذا سعد بن أبى وقاص قاسمه ما استجلب من ولاية العراق وعزله، وكما كان عمرو بن العاص والحارس بن كعب. وهكذا كان عمر، إلا أن الخليفة على لم تصل يده إلى ابن عمه عبدالله بن عباس، حين خرج من الكوفة يجر أموالا من بيت المال، اختصها لنفسه، تاركا الكوفة إلى حضن أخواله فى مكة، والرأى الآخر فى هذا العزل ولا أميل إليه، أن عزلهم ومصادرة نصف أموالهم لم يكن لخيانة، بل اجتهاد، وأمر احتياطى، حيث شعر عمر بنمو الأموال لدى بعض الولاة، فخشى أن يكونوا قد اكتسبوها من أموال المسلمين، وهذا رأى بن تيمية (وكذلك محاباة الولاة فى المبايعة والمؤاجرة والمضاربة والمساقات والمزارعة والهدايا، وقد شاطرهم عمر ليس لخيانة، وإنها لما كانوا خصوا لأجل الولاية من محاباة وغيرها).

فهل يا ترى كانت هذه الفتوحات لإعلاء كلمة الله فقط، أم كانت تسبقها أو تؤخرها أو تسير بجوارها الرغبة فى الثراء، وجلب الغنائم والأسلاب والسبايا والذرارى والفئ، وقد كان المبدأ الذى لم يبرأوا منه فى الجاهلية ورافقهم وتمكن منهم، وهو مبدأ أصيل فى الغزو واستمر معهم بعد الإسلام» من قتل قتيلا فله سلبه، ومن أسر أسيرا فهو له «ولم يكن سهلا أن ينخرطوا فى قانون القبيلة الجديد» سلم واستلم «وظلوا على قناعاتهم، يدفعون للخليفة باليمين على نظامه ويأخذون بالشمال على نظامهم. وهذا سر الإسراع والتنقل فى الغزو، وكان يتم تحت إلحاح القادة فى الميادين، فيغزو بلدا وعينه على الأخريات، وقد دهش وذهل الصحابة من كثرة الغنائم

حتى إنهم لم يعرفوا أرقام مئات الألوف أو الملايين، بل وصلتهم أرقام الفقراء من العشرات والمئات فقط، وكان الفرسان يعلمون أن بغيرهم ما كانت هذه الأموال وهذه الغنائم تصل لأصحاب العطايا من أهل المدينة المتكاسلين بلا عمل، فهم الأحق والأولى من كل هؤلاء، فمالوا به ميلا إليهم، ومنهم من رآها حقهم محاباة وشرعا، ولم يجدوا فى هذا حرجا، فشيدت القصور، والضياع، وزينت القصور بالحرير والديباج، وحشرت بالسبايا والخدم والحشم. وماذا نحن من هذا؟ لسنا ببعيد بل نحن أقرب، فمازلت القبيلة بمرجعيتها تحكم عقولنا، فما هو القاسم المشترك بين هؤلاء، فى تاريخنا القديم والحديث؟ القاسم المشترك استمرار العمل «بقانون القبيلة» تاريخها يهيمن على الضمائر ويسوقها، والناس تروح لما جاءت به المصلحة، وهذان المثالان دليلنا: الأول عدم إقامة الحد فى سرقة المال العام لشبهة الملكية فيه، فاستباحه الولاة قديما وحديثا طالما شركاء فيه، ولا جريمة بغير حد . الثانى عدم إقامة الحد فى سرقته لشبهة الظلم فى جمعه، فهان على الناس، وكان سهلا فى النهب أسهل عند سرقته، وإباحة الناس تخليصا للحقوق، وانتقاما لتقصير الدولة، فسرق المال العام خفية، وقبلوه إما من بيت المال أو رشوة حجة أو عمرة . أما القانون فيرى كل ما أخذ بغير حق فهو سرقة، فإذا تخلصنا من فكر القبيلة إلى فكر الدولة اقتنع الناس ليس بالحلال والحرام فقط، بل يلزمهم قانون المدينة بالأصل «قانونى وغير قانونى».
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع