معا للقضاء على الفقراء
د. مينا ملاك عازر
٣٥:
٠١
م +02:00 EET
الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
تُشكَر، أعلنتها الحكومة الحالية بوضوح أن هدفها هو القضاء على الفقراء، أعلنت عما كانت تستهدفه سراً الحكومات السابقة، ولذا فأنا تعاطفاً مع هذه الصراحة سأساعد الحكومة على هذا العمل الجلل الذي سيخلص مصر بحسب إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء وبحسب خط الفقر المصري من قرابة ثلاثين مليون شخصاً قد نرفعهم لو وضعنا نصب أعيننا خط الفقر العالمي ليصلوا لخمسين مليون تقريباً.
وبعيدا عن جذبي لحضرتك بالإقناع، أنك لو تخيلت البلد بدون الخمسون مليون دول كيف ستكون فارغة؟ وكيف ستتخلص من الشحاذين؟ وكيف سيكون مستقبل أحفادك عندما سيكتشفون البترول الناجم عن تحلل هؤلاء الخمسون مليون، فيما سيعد حينها أكبر بير بترول أو حقل غاز طبيعي، ليتباهى به حكامهم يومئذ، بعيداً عن هذا كله تعالى ندخل للمقترحات التي يمكننا بها التخلص من هذا العدد الكبير الذي تستهدفه الحكومة.
يمكن للحكومة أن تترك الأسعار ترتفع في جنون في مقابل ترتفع الأجور بثبات معقول شكلاً، حتى تصبح يوماً ما غير قادرة تماماً ونهائيً على سد الطلبات الأساسية جداً من أكل وشرب، حينها سيموتون في الشوارع، ويكون للحكومة جمعهم بسيارات، صحيح الأمر سيكون مكلف، لكن كله يهون في سبيل الكشف يوماً ما عن أكبر بير بترول صناعي، نعم تجمعهم الحكومة بسيارات لمكان كبير وتترك الطبيعة تقوم بعملها، ويمكن توفيراً للنفقاتـ أخذ ثمن النقل من ورثتهم أو من مستحقاتهم معاش أو رواتب، ولكن فكرة الورثة ستكون أكثر تأثير ستساهم أسرع في زيادة ديون هؤلاء الفقراء الباقين، فيموتون وتفعل بهم الحكومة نفس ما فعلت بسابقيهم.
ارتفاع أسعار المياه والغذاء حالياً، لعلها خطوة في طريق لن أعتبره طويل لنصل لهذه اللحظة ولكني أعتقده قصير جداً اقتربنا من نهايته السعيدة للحكومة، خاصةً وإذ أضفنا إليه توقف المستشفيات عن تقديم الخدمات الصحية لهؤلاء العالة والعبء على البلد أو قل تقدم لهم بحدود أو بجودة متردية كما هو الحال أو أكثر من هذا الحال سيسهم هذا في تقصير الطريق والوصول للحظة المنشودة للحكومات السابقة والحالية والقادمة أسرع خاصةً مع زيادة سعر الدواء ليكون المرض شريك للحكومات في القضاء على الفقراء، ارتفاع سعر الغذاء والماء أو قل أيضاً شحه ناهيك عن أن حصتنا المائية ستتقلص بفضل اتفاقيات الحكومات السابقة مع إثيوبيا التي ستنهي علينا والحمد لله.
يمكن للحكومة أيضاً تستمر في عملها المُمنهج للقضاء على الفقراء بأن تتركهم فريسة لتعليم ضعيف وخايب يجعلهم يعيدوا نفس هؤلاء الفقراء ليختاروا في انتخابات حرة نزيهة مضحوك عليهم فيها، مستغلين ضعف ذاكرتهم لضعف التغذية، فيختارون نفس الأشخاص الذين يوافقون على برامج الحكومة وقوانينها القاتلة للفقراء، لنصل لنفس اللحظة العظيمة حين نجمع قرابة خمسون مليون وأكثر في مكان متسع بصحارينا في أكبر استصلاح للأراضي لزراعة البترول والغاز الطبيعي.
أعرف أن الحكومات تفعل هذا وأكثر، وحقدها الداخلي على الفقراء بمصر يدفعها لتنفيذ مشاريع سكنية للأثرياء لنقلهم من بين هؤلاء الدهماء ليكونوا في مأمن إذا ما تكررت لا قدر الله كارثة من كوارث الثورات الإنسانية، فلا يتكرر ما جرى في ثورة يناير حين وجد الأغنياء أنفسهم في مهب ريح الثورات والفوضى، فيمكن الحكومة صرف أموال البلد على مشاريع المدن والعواصم التي تؤمن حياة الأغنياء وتنقلهم نقلة بعيدة عن الفقراء، ويبقي العبء الأكبر على كاهل مصر، ولك الله يا مصر ويا فقراء مصر.
المختصر المفيد إذا كان هذا هو مستهدف الحكومة، فمن الآن اسمحوا لي أن أتقدم بواجب العزاء لنفسي في نفسي، وفي أهلي وإخواني فقراء مصر قبل ما لا أجد من يعزي في وفينا من يتلقى العزاء فينا.