الأقباط متحدون - قانون ازدراء العقل وعدم الأمانة التاريخية
  • ٢٠:٢٧
  • الاثنين , ١٦ يوليو ٢٠١٨
English version

قانون ازدراء العقل وعدم الأمانة التاريخية

مقالات مختارة | نوال السعداوي

٠٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ١٦ يوليو ٢٠١٨

نوال السعداوي
نوال السعداوي

تقدم أحد الأشخاص ببلاغ للنائب العام، الأربعاء ١١ يوليو ٢٠١٨، يتهمنى بازدراء الأديان، لأنى قلت إن الأديان ليس فيها ثوابت، وتتغير على مر العصور، وأن فى الإسلام مدرسة كبيرة، تؤكد أنه «إذا تعارض النص مع المصلحة غلبت المصلحة على النص، لأن المصلحة متغيرة والنص ثابت»، هذه حقائق تاريخية معروفة فى الإسلام وكل الأديان، لعبت دورا إيجابيا فى تجديد الفكر الدينى، وتقتضى الأمانة الفكرية واحترام العقل تأكيدها، وتقدير من يعتز بها، لا إدانته وتقديمه للمحاكمة، خاصة فى هذا الوقت الذى يطالب فيه الجميع بتجديد الخطاب الدينى.

ظهرت الأديان منذ آلاف السنين فى مجتمعات خاضعة للرق، وأصبح تقنينه واردا فى نصوص بالتوراة والإنجيل والقرآن، لكن مع تطور المجتمعات إنسانيا، وإلغاء الرق فى جميع الدول غربا وشرقا، سقط الرق دينيا أيضا، ولم يعد أحد يذكر آياته ونصوصه، لكن فى فترات الردة السياسية الاقتصادية الفكرية، نتيجة الاستعمار الخارجى والداخلى معا، ومحاولة إضعاف الشعب وتفتيته طائفيا، يتم التدعيم لبعض التيارات الدينية السلفية، علنا أو سرا، لتظهر بلحاها الكثيفة وأصواتها الزاعقة، فى محاولة لإجهاض أى حركة شعبية تحريرية.

فى أعقاب ثورة الشعب المصرى عام ١٩١٩، للتخلص من الاستعمار البريطانى والحكم الداخلى معا، بدأت هذه القوى المسيطرة، خارجيا وداخليا، تدعيم القوى الدينية السلفية، ومنها جماعة الإخوان منذ أوائل عشرينيات القرن العشرين، وبالمثل فى أعقاب ثورة الشعب المصرى فى يناير ٢٠١١، للتخلص من الاستعمار الأمريكى وحليفه الداخلى خلال حكم السادات ومبارك، تم تدعيم جماعة الإخوان والتيارات الدينية السلفية، التى أصبح لها، حتى اليوم، حزبها السياسى، رغم مخالفته للدستور.

يظل تحرير العقل المصرى هو السلاح الأهم فى مواجهة الفتن الدينية السياسية والردة الفكرية والثقافية، الناتجة دائما عن الردة السياسية الاقتصادية.

ليس غريبا أن يكون أصحاب العقل المستنير فى بلادنا، هم الهدف الأول فى هذه المعارك، يساقون إلى المحاكم والسجون والمنافى تحت اسم قانون الحسبة أو قانون ازدراء الأديان.

عرفت السجن والمنفى والمحاكمات فى سبعة قضايا حسبة، تحت اسم ازدراء الأديان، وكان آخر هذه القضايا عام ٢٠٠٧، حين طلب أحد الأشخاص سحب الجنسية المصرية منى، لكنى نلت البراءة الكاملة فى جميع هذه القضايا، بسبب نزاهة القضاة والمحامين المصريين، من أصحاب العقل والأمانة الفكرية.

لم أعلم عن هذا البلاغ الأخير ١١ يوليو ٢٠١٨، إلا من الصحف، لم تصلنى ورقة رسمية مختومة بالنسر تطلب منى الحضور أمام النائب العام،

رغم ذلك التقطت الأنباء بعض الفضائيات الدينية السياسية، الممولة خارجيا وداخليا، لتفتيت الشعب طائفيا، وراحت تكيل لى الاتهامات، وأصبحت سمعتى الوطنية والأدبية نهبا للاغتيال، فمن المسؤول عن هذا الانتهاك للعقل والأمانة الفكرية؟ يؤكد الدستور المصرى على حرية الرأى والعقيدة فلماذا يتم انتهاك الدستور ولحساب من؟ ولماذا يكون فى مصر حزب سلفى مخالف للدستور حتى اليوم؟ ولماذا يحق لأحد الأشخاص تقديم بلاغ للنائب العام تحت اسم ازدراء الأديان، ولا يحق لأحد من الشعب تقديم بلاغ للنائب العام تحت اسم قانون ازدراء العقل وعدم الأمانة التاريخية؟
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع