الزحف السلفى المقدس
مقالات مختارة | سحر الجعارة
السبت ١٤ يوليو ٢٠١٨
أحيانا أشعر بأن الدكتور «مختار جمعة»، وزير الأوقاف يواجه السلفيين وحده!.. منذ منع الداعية «عبد الله رشدى»، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة السابق من الخطابه، بعد تكفيره للأٌقباط، وهاجمه الوزير قائلًا: (هل يريد عبد الله رشدى وأمثاله أن يجعلوها حرب عقائد، نحن لا نقبل ذلك).
وقد دخل الوزير معارك كثيرة لضبط المساجد التابعة للوزارة، منها معركة «الخطبة المكتوبة»، التى لم ينجح الوزير فى إقرارها، لتعود المساجد لحالة «دس السم فى العسل»، ومحاولة فرض الفكر السلفى على المصريين بأساليب ملتوية، وهو ما رأيناه فى انتشار النقاب وكذلك انتشار حملات مطاردة المفطرين جهرا فى نهار رمضان وكأنها لجان شعبية لما يسمى «النهى عن المنكر».. فى تقليد للسعودية التى أنهت نشاط تلك الهيئة وسحبت كل صلاحياتها!.
ومؤخرا قامت وزارة الأوقاف بالدقهلية، بنقل 3 مسؤولين بإدارة أوقاف ميت غمر من عملهم لتمكينهم أحد مدعى السلفية من المسجد لأنه غير مصرح له من قبل المديرية بالقيام بالدعوة.
وكان الدكتور «محمد مختار جمعة» قد أرسل تكليفا إلى عموم الإدارات حمل عنوان «ميثاق المنبر» وأكد خلاله أن «للمنبر رسالة عظيمة سامية، فهو موضع هداية، ووسيلة إصلاح وبناء وتعمير، ومنارة فكر واستنارة، وسبيل الوسطية والتسامح، لا يمكن ولا ينبغى أن يكون عامل هدم أو تخريب أو إفساد أو تحريض، أو أن تختطفه جماعة أو حزب، أو أن يستغله شخص لمصالحه الخاصة، أو يوظفه لخدمة جماعة أو نشر فكرها أو أهدافها».
لكن بكل أسف خلف من يستغلون المنابر، خاصة فى الأرياف والصعيد، أحزاب دينية تكرس الفكر السلفى، وتدعم هؤلاء الدعاة، الذين يستغلون شعبيتهم، وأحيانا منابرهم فى غفلة من الجميع، لخلق قاعدة جماهيرية للأحزاب الدينية يمكن استغلالها فيما بعد فى جمع «الأصوات الانتخابية»!.
وكنا قد حذرنا مرارا من عدم شرعية الأحزاب ذات المرجعية الدينية، لكونها تتعارض مع الدستور، وبالفعل تحركت «لجنة شؤون الأحزاب» لمراجعة وجود هذه الأحزاب بالتعاون مع النيابة العامة، لكن فجأة أُغلق الملف، وصمتت الأصوات النيابية التى كانت تطالب بذلك دون سبب معلن!. أحيانا أشعر أن تيار الاستنارة يحارب «طواحين الهواء»، وأن عملية «سلفنة مصر» و«شرعنة الأحزاب الدينية» تجرى بسرعة الريح، وتنتشر بقوة عبر منابر أخرى مثل «الإنترنت»، وأنها تجد من يغذيها بأفكار محددة تفتت الوحدة الوطنية وتكفر الدولة وتضرب الاقتصاد بفتاوى من عينة تحريم «فوائد البنوك».. وتغسل عقول الناس وتغيبهم وتلهيهم بفتاوى شاذة.. ومن خلفهم تقف «كتائب الحسبة» لاصطياد المفكرين والمجددين!.
وزير واحد لا يكفى لوقف «الزحف السلفى المقدس» لاحتلال مصر.. وعشرات الكتاب لن يطهروا العقول من العناكب التى عششت فيها لتحلل لهم أعراض وممتلكات الأقباط أو مفاخذة الصغيرة.. وما إلى تلك الخزعبلات.
نحن بحاجة إلى مناخ تنويرى ثقافى عام.. مناخ حاضن للعقل والعلم والحريات.. وطارد لخفافيش الظلام الذين خرجوا إلى «النور»!.
نقلا عن المصري اليوم