الأقباط متحدون - درة الأدب العربى
  • ١٧:٤٨
  • السبت , ١٤ يوليو ٢٠١٨
English version

درة الأدب العربى

مقالات مختارة | وسيم السيسي

٣٢: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ١٤ يوليو ٢٠١٨

وسيم السيسي
وسيم السيسي

آمن الإنسان البدائى «٢٠ ألف سنة ق. م» أن هناك عالما آخر بعد الموت، وأن تنفس الإنسان الذى يتوقف عند الموت يذهب إليه، فأطلق عليه كلمة بمعنى الروح، والروح من ريح أى هواء، تؤكدها اللغات الأجنبية Spirit وهى من Respiration أى تنفس، وحتى الآن إذا توقف التنفس نقول: روحه طلعت! «ويل ديورانت - قصة الحضارة.. مجلد١».

جاء الإنسان المصرى القديم، وكانت محاكمة الروح، محكمة العدل الإلهية، الجنة والنار.... إلخ، جاء اليهود ونقلوا الفكرة فى أسفار الكابلاه «الزهار وتزيروتا»، ثم الآشوريون من قبلهم «جلجاميش»، الفينيقيون «زياة عشتروت للعالم الآخر»، ثم فى الأوديسة لهوميروس، ثم فى مسرحية الضفادع لأريستوفان، ثم فى الإلياذة لفرجيل، ثم فى رسالة الغفران لأبى العلاء. سوف أقص عليكم جانبا من رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى.

قال عنها الدكتور طه حسين: هى درة الأدب العربى كله لا أستثنى منه شيئاً، وكانت رسالة الدكتوراه لبنت الشاطئ الدكتورة عائشة عبدالرحمن عن رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى.

أرسل ابن القارح رسالة لأبى العلاء، فكان رد أبىالعلاء عليه برسالة الغفران، وهى رحلة للعالم الآخر، يسأل فيها ابن القارح كل من يراه: بم غفر لك؟

زار ابن القارح قصر عبيد بن الأبرص الذى مات فى الجاهلية، وهو الآن فى الجنة، سأله بم غفر لك؟ قال عبيد: ببيت من الشعر:

من يسأل الناس يحرموه.. وسائل الله لا يخيب.

جلس ابن القارح وسط الشعراء.. فيمر سرب من أوز الجنة، فينتفض فيصرن كواعب، ابتدأن الغناء، فيقول ابن القارح: تبارك الله القدوس، الذى حول ربات الأجنحة إلى ربات الأكفال المترجحة.

اصطفى ابن القارح ابن دريد، وكان أمامه غلام وضىء «جميل» يقرأ له أشعاره، ودائماً يخطئ، وابن دريد يتضرر، وأخيراً قال له: أكمل يا من: فى وجهه غفران ذنوبه.

أخيراً أذكر لكم جانباً من زيارته لجنة الحيات! استقبلته واحدة منهن قائلة له: هلم إلى اللذة، لو تذوقت رضابى أى لعابى، لعرفت أن صاحبة عنترة نتنة كريهة الرائحة «كان يضرب المثل بحلاوة رضاب عبلة صاحبة عنترة»، تجمعت الحيات حول ابن القارح، جرى منهن مذعوراً، نادته واحدة: لو شئت لانتفضت لك من إهابى «جلدى»، وصرت لك من أجمل الغوانى، ولندمت أنك كنت فى الدار الفانية «الدنيا» علينا عدواناً، وأنك فى يوم من الأيام قتلت حية أو عثماناً أى ثعباناً صغيراً!

هذه التحورات ظهرت فى الكوميديا الإلهية لدانتى «الفردوس - ثمار الجنة تتحول إلى حوريات»، أخيراً هذه الدراسة الممتعة للدكتور لويس عوض: الأصول الإسلامية «رسالة الغفران» فى الكوميديا الإلهية «المطهر الجحيم - الفردوس» تذكروا جيداً: فى البدء كانت مصر.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع