اليونيسيف تكشف عن معاناة أربعة ملايين طفل عراقي لفقر مدقع
دعت بغداد لإنفاق مليار دولار سنوياً لرعاية الأطفال الأكثر حرماناً
أطفال عراقيون لعائلات مهجرة من مناطقها السكنية
رسمت منظمة اليونيسيف التابعة للامم المتحدة صورة مأساوية لأطفال العراق ودعت حكومتهم إلى زيادة الاستثمارات الموجهة نحو الأكثر حرماناً منهم في البلاد والبالغ عددهم أربعة ملايين وذلك بتخصيص مليار دولار سنويا للعناية بهم وقالت إن العراق أصبح من اقل البلدان متوسطة الدخل ملائمة لحياة الأطفال بعد إن كان في الثمانينات واحداُ من أفضل مناطق الشرق الأوسط ملائمة وأشارت إلى أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية ألقت الحروب والعقوبات الدولية بعبء ثقيل على الأطفال العراقيين.
وصف ممثل منظمة اليونيسيف للطفولة في العراق اسكندر خان أوضاع الأطفال العراقيين البالغ عددهم 15 مليون طفل من بين حوالي 32 مليون هم عدد سكان البلاد حاليا بالمقلق.. وأوضح ان هناك فرقا ملحوظا في نوعية حياة الأطفال العراقيين الذين يعيشون في بغداد والأطفال الذين يعيشون مثلا في أربيل أو البصرة أو الديوانية فعلى مدى العقود الثلاثة المنصرمة ألقت الحروب والعقوبات الدولية بعبء ثقيل على المجتمع بأسره وبالأخص الأطفال.
وأشار خان في تصريح صحافي وزعته اليونيسيف وتسلمت "ايلاف" نسخة منه اليوم إلى أنه وفقا لمسح أجرته المنظمة عام 2006 فقد أصبح العراق مع الأسف أقل البلدان متوسطة الدخل ملائمة لحياة الأطفال بعد أن كان في منتصف الثمانينات واحداً من أفضل الأماكن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال "اذا أخذنا مسألة إمكانية الحصول على المياه الآمنة كمثال كان في منتصف الثمانينات يتيسر لـحوالي 87% من العراقيين الحصول على المياه الآمنة وبحلول عام 2006 انخفضت هذه النسبة لتبلغ 77% حيث ان هناك حوالي 2.5 مليون طفل من بين أولئك المحرومين من هذا المورد الحيوي وبالإضافة إلى ذلك يعيش حوالي 3.5 مليون طفل في فقر ويعاني أكثر من 1.5 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية ويموت 100 رضيع تقريباً كل يوم لذلك هناك حاجة إلى تحسين ظروف خمسة عشر مليون طفل في العراق اليوم.
وأكد وجود اكثر من 400 الف طفل عراقي يعانون من سوء التغذية وينبغي حصولهم على الغذاء الكافي والمواد المغذية لتمكينهم من النمو بشكل سليم بحلول عام 2015. وأوضح انه فيما يتعلق بتعميم التعليم الابتدائي يتعين تسجيل ما يقرب من 700 ألف طفل في المدارس خلال السنوات الخمس المقبلة. وأشار إلى أنه حتى يتمكن العراق من تحقيق هذا الهدف يتعين إنقاذ أرواح زهاء 100 الف طفل على مدى الفترة نفسها كما يتعين على العراق توفير فرص الحصول على المياه الآمنة لنحو مليون طفل فضلاً عن توفير خدمات الصرف الصحي اللائق لحوالي 3 ملايين آخرين بحلول عام 2015.
وأضاف إن هذه ليست مجرد إحصاءات.. وقال "ان وراء كل رقم هناك طفل يتألم ويعاني في صمت ومع ذلك فإن تحقيق هذه الأهداف ممكن إذا تمكن العراق من التركيز على أكثر من أربعة ملايين طفل هم الأكثر حرماناً والذين وفقاً لنتائج لمسح عام 2006 يعانون من نقص الخدمات الأساسية ويواجهون أخطر الانتهاكات لحقوقهم المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها العراق عام 1994 وفي قرار مجلس الأمن رقم 1612.
وأوضح خان انه عندما باشر مهام عمله في العراق عام 2008 كان عمل اليونيسيف في هذا البلد يركز بشكل أساس على الإسهام في إنقاذ أرواح الملايين من الأطفال الذين تضرروا من جراء العنف بين عامي 2005 و2007 عن طريق توفير المياه النظيفة والرعاية الصحية المُنقذة للحياة والتعليم في حالات الطوارئ وإيجاد أماكن آمنة لحماية الأطفال من العنف الشديد الذي تعرضوا له ومساعدتهم على التعامل معه.
أطفال الجنوب يعانون حرمان مدقع وعوز شديد
وأوضح خان انه في عام 2008 بدأ الوضع الأمني بالتحسن وأخذ تركيز الحكومة يتجه نحو الإنعاش المبكر والتنمية.. وقال انه من حينها "أصبحنا قادرين على إعادة توجيه برامجنا بطريقة تساعد الشركاء العراقيين على تجاوز العقبات التي تفرضها السياسات الاجتماعية التي عفا عليها الزمن وقدرات الحكومة التقنية المحدودة والبنى التحتية الاجتماعية المتهالكة فقررنا التركيز على ثلاثة مجالات رئيسة تتمثل في دعم تحديث السياسات الحكومية والمساعدة في تعزيز القدرات المؤسسية لنظرائنا في الحكومة وتنفيذ البرامج في جنوب العراق التي يعيش فيها الأطفال في حرمان مدقع وعوز شديد".
وأشار إلى أنه استنادا لذلك فأن اليونيسيف تساعد الحكومة العراقية على تحديث عدد من السياسات مثل الإستراتيجية الوطنية للتعليم والسياسة الوطنية للمياه والصرف الصحي وسياسة حماية الطفل كما تقدم الدعم لحملات التحصين في كل أنحاء البلاد فضلاً عن خدمات الرعاية الصحية الأولية حيث تتعاون المنظمة حالياً مع وزارة الصحة لوضع ترتيب لشراء وتزويد النظام الصحي العراقي بأجود الأدوية ولوازم الرعاية الصحية الموجودة في الأسواق العالمية".
وأشار إلى أنه يمكن للحكومة المركزية أيضاً أن تتخذ خطوة هامة من خلال توجيه استثمارات إضافية تستهدف الأطفال الأكثر حرماناً حيث انه من شأن تخصيص مليار دولار إضافي سنوياً دعماً للأطفال الأكثر حرماناً البالغ عددهم أربعة ملايين طفل أن يتيح أمامهم فرصاً جديدة لتحقيق كامل إمكاناتهم".
تحسين أوضاع الأطفال العراقيين مازال بعيد المنال
وشدد خان على أن "تحقيق معظم أهداف المنظمة الإنمائية للألفية التي لها علاقة مباشرة بالأطفال في العراق لازالت بعيدة المنال بحلول عام 2015 رغم كل الجهود المبذولة". وأكد ضرورة أن "تبدأ الجهود للحد من الفقر وتقليل عدد السكان الذين يعيشون دون خط الفقر الذي يعادل أقل من 2.2 دولار يومياً في العراق والذين يعانون من الجوع إلى النصف" وطالب الحكومة العراقية بالعمل على "تخفض معدل وفيات الأطفال.
وأضاف خان انه منذ شباط (فبراير) الماضي فقد قاد الشباب والشابات الاحتجاجات والمظاهرات مطالبين بالحصول على الوظائف والكهرباء والمياه والتعليم والخدمات الأساسية حيث ان مستقبل العراق يعتمد بشكل حاسم على كيفية التعامل مع الشباب العراقي فإذا تم تخصيص مبلغ المليار دولار وإستخدامه بكفاءة فإن هذا الاستثمار في أطفال اليوم إلى جانب إحترام الحقوق والحريات الأساسية سيقود الى حالة تؤشر ان جيل الغد لن يخرج إلى الشوارع للنداء بمثل هذه المطالبات المشروعة وسوف يقود ذلك في النهاية إلى السلام والإستقرار الاجتماعي والتنمية العادلة.
الوضع الامني الهش يتحمل لوماً
والقى خان باللائمة على الوضع الامني الهش في العراق الذي قال انه لم يتحسن لدرجة تسمح للموظفين الدوليين بالتحرك بحرية خارج المنطقة الخضراء. وقال "كان حلمي أن أمشي في شارع المتنبي وأن أتناول (المسكوف) العراقي في شارع أبو نواس وأن احتفل مع أهالي بغداد بإزالة الجدران الأمنية وأن أرى كل الأطفال يضحكون ويبتسمون".
وأضاف " تمنيت أيضاً لو تمكنت من فتح مكتب لليونيسيف في البصرة فمع أنه لدينا خمسة موظفين عراقيين يعملون في فيها فقد تمنيت لو كان لدينا مكتب يعمل بقدرة كاملة هناك إلى جانب التواجد الكامل للأمم المتحدة في هذا الجزء من البلاد إذ من شأن ذلك أن يقربنا أكثر إلى من هم في أمس الحاجة إلى مساعدتنا في هذا الجزء المهمل من البلاد".
وأكد ان العنف يؤثر على عمل المنظمة في العراق وقال "في عامي 2005 و2006 عندما بلغ العنف أعلى مستوياته دافعاً اليونيسيف إلى إدارة عملها من عمّان كان لنا شبكة تضم ما يزيد على 100 مقدم خدمات عراقي تمكنوا بشجاعة من ضمان استجابة اليونيسيف للاحتياجات الفورية اللازمة للبقاء عن طريق تيسير إيصال مواد مثل المستلزمات الطبية والمواد اللازمة للحصول على المياه النظيفة ووسائل النظافة".
وأشار إلى أنه "بحلول نيسان (أبريل) عام 2009 عادت اليونيسيف إلى بغداد بفريق صغير مؤلف من ستة مدراء دوليين كنت أنا من ضمنهم ومنذ ذلك الوقت قمنا بتعيين العشرات من العراقيين وكثير منهم يشغلون مناصب عليا ترتكز عليها برامجنا". وأوضح انه يوجد اليوم لدى اليونيسيف في العراق 103 موظفين منهم 80 موظفاً عراقياً و23 موظفاً دولياً يتواجد معظمهم في بغداد وبعضهم في شمال ووسط وجنوب العراق. وأضاف ان اليونيسيف تعتزم حاليا فتح تسعة مكاتب على مستوى المحافظات.
وقال "ببلوغنا القدرة التشغيلية الكاملة أي بإدارة 12 مكتباً و185 موظفاً منهم 151 موظفاً عراقياً و34 موظفاً دولياً سوف نكون قادرين على توفير الدعم الكامل لشركائنا العراقيين في حماية حقوق الأطفال في أنحاء البلاد".
مهمات اليونيسيف في العراق
وكان إسكندر خان باشر مهام عمله كممثل لمنظمة اليونيسيف في العراق في آب (أغسطس) عام 2008 بعد إن شغل منصب نائب ممثل المنظمة في أفغانستان بالإضافة إلى مناصب مختلفة في بلدان عديدة بما فيها السودان. ويمتد التزام خان بصون حقوق الأطفال وتنفيذ حقوقهم على مدى 22 عاماً من الخدمة مع الأمم المتحدة. ويحتل العراق مكانة خاصة في مسيرته الشخصية والمهنية حيث عمل خان سابقاً في العراق بين عامي 1996 و1997.
وتعمل منظمة اليونيسف في العراق منذ عام 1983 لضمان بقاء الأطفال وتحقيق طموحاتهم وهي لذلك تدعم جهود حكومة العراق من خلال وضع السياسات الملائمة للأطفال وبناء قدرات المؤسسات وحشد الموارد اللازمة لحصول الأطفال على حقوقهم.
وتنفذ اليونيسف برامجها من خلال موظفيها وشركاءها بهدف تحسين الخدمات الصحية الأساسية وضمان جودة التعليم وإعادة بناء شبكات المياه والصرف الصحي وحماية الأطفال من الاعتداء والعنف والاستغلال وتلبية احتياجات الأطفال الأكثر عرضة للضرر في الازمات.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :