بالأدلة الدامغة: كيف دمر الخطيب والقيعى الكرة فى الأهلى؟
مقالات مختارة | أسامة خليل
الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٨
لا أظن أننى طوال عملى فى الصحافة الرياضية لما يقترب من 25 عاماً شاهدت فى فترة قصيرة مثل هذه الأحداث المتلاحقة والصدمات المذهلة والانقلابات الكبيرة والانفلاتات الغريبة والانكسارات المُذِلّة وانهيار الأساطير الكروية، التى عاشت محمية من النقد ومُحاطة بمحبتنا، وسقوط الأقنعة عن المتاجرين والمحتكرين للأخلاق والمبادئ والقيم والانتماء، فى مشهد مفزع.
لكننى عندما أدقق فى المشهد، وأتابع تلاحق الأحداث، والمواقف الهشة، ولهث الجميع وزحفهم خلف المال والمكسب السريع دون مجهود، وحالة الخطف والتخطيف من جانب كبار المسؤولين فى الأندية واتحاد الكرة واللاعبين وبعض الإعلاميين والصحفيين، عندما أدقق وأحلل أكتشف أن هذه هى النهاية الطبيعية والمنطقية لسنوات طويلة من الفساد والكذب والرياء والضحك على الجماهير المغلوبة على أمرها، التى تسير مغمضة الأعين خلف إعلام كاذب ونجوم هشة ومسؤولين فاسدين يأمرون الناس بالشرف والأخلاق وينسون أنفسهم.
ورغم الحزن والكآبة التى تتملّكنى من انهيار المجتمع الكروى بهذا الشكل المُزْرِى والصادم للناس، فإننى سعيد أن النهاية اقتربت، وأن القانون الإلهى يأخذ مجراه، بعد أن عطَّلنا القانون الوضعى فى محاسبة الفاسدين والفاشلين والكذابين، وأن الأقنعة التى تسقط، والفضائح التى تظهر لنجوم ومسؤولين، أوهمنا الإعلام بنظافة أياديهم ونزاهتهم، هى مشهد النهاية، التى يستحقونها على كذبهم وريائهم وسوء أخلاقهم وفسادهم كى يخرجوا غير مأسوف عليهم جميعاً.
وتعالوا نحلل المشهد، ونفسّر الأحداث الجسام، التى تمر بها كرة القدم، ونكشف كيف أنها النهاية، وسيكون ذلك بسيطاً عن طريق سؤال وجواب.
س: هل صحيح أن الكرة المصرية انهارت بعد ارتفاع أسعار اللاعبين بهذا الشكل المفاجئ؟
ج: الانهيار كلمة ثقيلة، لكنها واردة، لكن يمكن القول إن الشواهد تقود اللعبة تجاه الضعف، لأن تقييم اللاعبين أكبر من مستواهم بكثير، والأموال التى يتحصّل عليها بعضهم أكبر من إمكانياتهم، الأمر الذى يقود السلعة إلى البوار، فالفلوس الكثيرة بلا حق مفسدة كبيرة بلا شك.
س: هل فريق بيراميدز أو الأهرام والممول السعودى هو المسؤول عن الارتفاع الجنونى؟
ج: لو عايزنى أضحك عليكم، وألعب على المشاعر والعاطفة، سأقول مثل آخرين: نعم هو السبب، وإن ما أفسدنا هو التمويل السعودى أو الرز السعودى (مع تحفظى على الكلمة التى استحدثها بعض جماهير الأهلى بعد أن انقلبت على الممول السعودى، الذى كان مبجلاً وعظيماً عندما كان رئيسهم الشرفى الذى يموّل الصفقات، ثم أصبح رزاً عندما وجّه تمويله إلى أندية أخرى)، لكن الحقيقة والواقع اللذين لا يقبلان الشك أن إدارة الأهلى والأسطورة محمود الخطيب وعدلى القيعى هم الذين قادوا مصر إلى هذه الأزمة، وكان التعاقد مع صلاح محسن، لاعب إنبى، مقابل 38 مليون جنيه هو الجريمة التى تدفع الكرة ثمنها الآن.
وهنا أريد أن أُذكِّركم بأن «القيعى» الذى ارتكب هذا الخطأ له حوارات مسجلة، يتهم فيها مجلس الإدارة السابق، برئاسة محمود طاهر، (الذى انسحب باحترامه من الحياة الرياضية، ولا يلعب أى أدوار علنية أو خفية كما يُشيعون)، يتهمه بأنه رفع أسعار اللاعبين على غير حقيقتها عندما اشترى مروان محسن من الإسماعيلى بـ10 ملايين جنيه، وأنهم جاءوا ليصلحوا ما أفسده السابقون لتكون أول صفقة لهم شراء ناشئ محلى لا يلعب فى منتخب بلاده مقابل 38 مليون جنيه. وقتها لم أسمع أحداً من الأشاوس، الذين أقحموا أنفسهم فى المشهد الآن، والذين يدّعون حرصهم على مصلحة الوطن ونظامه الكروى، يلومون الأهلى على الجريمة، التى ارتكبتها الإدارة، بل كانوا يتفاخرون بأن الأهلى غنى، ومن حقه أن يشترى، وعندما يفعل ذلك الزمالك أو بيراميدز أو غيرهما يتحول الأمر إلى فساد ورز ومكرونة.
س: ما الآثار السلبية الأخرى لصفقة صلاح محسن على الكرة المصرية؟
ج: الآثار الأخرى ليست للكرة المصرية، بل فى فريق الأهلى، الذى تم تدميره، وهو الفريق الذى بناه المجلس السابق بشق الأنفس، وبتمويل من حر مال النادى، واستثماراته، ومن رجال مُحِبِّين يمولون فى الخفاء، فبتعاقد الأهلى مع صلاح محسن جُنّ جنون اللاعبين، وعلى رأسهم عبدالله السعيد، أحسن لاعب فى الدورى.
س: لكن «عبدالله» باع الأهلى وذهب للتعاقد مع الزمالك، فى واقعة لم تحدث منذ زمن؟
ج: ما رأيك، لديك عرض من ناديك الذى انتقلت إليه من الإسماعيلى بسبعة ملايين جنيه، وعرض من نادٍ منافس بـ20 مليون جنيه فى السنة، فأيهما تقبل، خاصة أن ناديك يدفع لغيرك؟. بالعقل والمنطق تذهب إلى عرض الزمالك، وهذا ما فعله عبدالله السعيد.
س: إذاً الزمالك كان شريكاً للأهلى فى رفع أسعار التعاقدات والرواتب للاعبين؟
ج: سأعود مرة أخرى، وأقول ابحث عن صلاح محسن، فالزمالك عندما تجرأ وعرض هذا المبلغ الخيالى على اللاعب، كانت وجهة نظره أن منافِسه الأهلى دفع لإنبى فى لاعب محلى 38 مليون جنيه، بخلاف راتب اللاعب،.
س: لكن عبدالله السعيد عاد وأخلف توقيعه للزمالك ومدّد عقده مع الأهلى؟
ج: نعم، هذه هى الجريمة الأخرى التى ارتكبتها إدارة الأهلى وأفسدت بها البقية الباقية من وحدة الفريق وتلاحم لاعبيه، وهذا الخطأ كان مزدوجاً، الأول أدبى وأخلاقى، ويكسر قيم النادى وقواعده الثابتة فى التعامل مع اللاعبين الشاردين، فمادام اللاعب وقَّع لنادٍ منافس، فهذا يعنى أنه لا يقدر قيمة وقدر الأهلى، مهما كانت قدراته الفنية، لكن ما حدث من جانب الإدارة كان على خلاف قواعده، حيث راحت تلهث خلف اللاعب، وتوسط القاصى والدانى، وجاءت برئيس النادى الشرفى من السعودية كى يحل لها أزمة اللاعب، وفى مشهد مُخْزٍ يكشف حالة الضعف والمهانة والاستكانة والهوان التى يعيشها الأهلى مع إدارته الحالية يجلس الرئيس الشرفى فى غرفة جهاز الكرة ويجتمع مع اللاعب، فى حضور الخطيب ومدير الكرة والمدير الفنى، ويتفاوض معه ويُنهى المشكلة، ثم يقوم بتوزيع المكافآت على اللاعبين، بينما يجلس رئيس النادى المنتخب صامتاً، وكانت الليلة السابقة قد شهدت موقفاً مخزياً آخر بطله العامرى فاروق، نائب رئيس النادى، والذى تواجد فى منزل رئيس الأهلى الشرفى، فى الوقت نفسه الذى تواجد فيه أحمد فتحى فى غرفة مجاورة لترضيته من جانب المسؤول السعودى وتجديده للأهلى. الخطأ الثانى مادى، فاستسلام الأهلى لطلبات عبدالله السعيد وأحمد فتحى المادية وخضوعه لهما بهذا المنظر المُذِلّ دفع باقى اللاعبين إلى العصيان والتمرد، وترك شرخاً عميقاً، وفتح بوابة الجحيم على الإدارة، حيث يطلب جميع اللاعبين ترضيتهم مادياً.
س: كيف يخرج الأهلى من الأزمة التى يمر بها الآن ويوقف نزيف الإهانة والمهانة التى يتعرض لها دون أن يحرك القائمون عليه ساكناً، فبغض النظر عن أخطاء الأشخاص ولهثهم خلف المكاسب الخاصة، يبقى الكيان هو الأهم، والهزة الأخلاقية والمعنوية التى يمر بها من شأنها أن تضر الكرة، بدليل أن شراءه لاعباً وتعاقده مع آخر أفسدا سوق اللاعبين فى مصر بكاملها؟
ج: الإجابة يطول الكلام والشرح فيها، فالأزمة تمس الكرامة والشرف والنزاهة والتاريخ، لذا فهى تحتاج مساحة واسعة وقراءة متأنية، وإن شاء الله، سأتعرض لها الأسبوع القادم.
نقلا عن المصري اليوم