الأقباط متحدون - حول سياسة التعليم
  • ٢٣:٠٨
  • الخميس , ١٢ يوليو ٢٠١٨
English version

حول سياسة التعليم

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٥: ٠٨ ص +02:00 EET

الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

التعليم هو طوق النجاة، وطريق العقل، هكذا عرف العالم هذه الحقيقة منذ قرون، وآمن وعمل بها، وهى المهمة الأولى لمن أراد التقدم والنجاح، أمة بلا تعليم فاشلة مهما كان ريعها ودخلها وحجم مشروعاتها. والتعليم لا دين له، ولا قومية ولا عرقية ولا وطن، شامل عام، وأفضل وأرقى طرق التعليم هى طرق تعليم الدول العلمانية، وهى الدول البعيدة عن تأثير الأديان على العلم، أو تحجيمه أو السيطرة على مناهجه، وهى الدول التى تقف من الأديان على مسافة واحدة. التعليم هو البحث عن حل لكافة المشاكل الحياتية واليومية التى تواجه الناس، وتأمين مستقبل الشعوب وليس تأمين الآخرة أو البحث فى الغيبيات وتضييع الوقت والجهد.

كيف يمكن لدولة تزيد عدد دور العبادة فيها أضعاف دور التعليم من المدارس والجامعات والمعاهد العلمية أن يكون العلم سبيلها ومرادها؟ وكيف لدولة يهتم شعبها بدور العبادة من الفرش الفاخر وأجهزة التكييف ودورات المياه، فى الوقت الذى تفتقر فيه دور التعليم إلى دورات مياه نظيفة، أو مكتبات أو معامل، فكيف يكون التعليم شاغلهم، وتربية أبنائهم وتحصيلهم العلمى هدفهم؟ كيف لدولة توزع فيها موارد الوقف الخيرى على المساجد والمشايخ، أن تنهض وتلحق بركب العلم والحضارة؟ كيف لدولة تصل فيها ميزانية الأزهر إلى ضعف ميزانية التعليم، والبحث العلمى، وصحة الشعب منفردة، ولو أضفنا إليها حجم التبرعات الخليجية تكون قد تفوقت بمراحل، أن يكون العلم التجريبى منهجها وسبيلها؟ كيف لأمة مشغولة بالآخرة عن الدنيا، وبالغيب عن الوجود، حتى أصبح حالنا على هذا النحو من الفشل والضياع أن تخرج من شرنقة الموت إلى رحابة الحياة، وتبحث بالعلم سبل التطوير والتحديث والعصرنة؟.. كيف لأمة تزيد عدد المعاهد الأزهرية فيها على عشرة آلاف معهد أزهرى، ويتجه إليها أولياء الأمور لتعليم أبنائهم لرخص التكلفة على حساب التعليم العام أن يكون البحث العلمى يوما منهجها وسبيلها للتقدم؟ كيف لأمة مازال مشايخها لهم حق الرأى والقبول والرفض فى طرق التعليم ومناهجه،

ويمنعون نقل الأعضاء، أن تتقدم فى مجالات الطب والعلاج والبحث العلمى وتطويره؟ كيف لأمة أن تكون قدوة شبابها ومثلهم الأعلى، لاعب كرة قدم أو مطرب أو ممثل، وتنفق الأسر فى هذا أضعاف ما تنفقه فى التعليم، وتنسى أن يكون قدوته زويل أو يعقوب أو غنيم أو طه حسين أن يكون الأمل فيهم معقودا على العلم والتعليم؟ كيف لأمة يعيش علماؤها عيشة الكفاف ويتقاضى أنصاف المتعلمين الملايين ينفقون ببذخ ويعيشون فى رغد من العيش أن يحافظ فيها على كرامة العلم والعلماء من التسول أو الإفساد؟ كيف لأمة طاردة لأبنائها العلماء تغلق فى وجوههم أبواب العودة تحت سلطان الفساد والبيروقراطية، وتفتح لهم أبواب الهجرة والرحيل أن يكون لديها يوما قاعدة علمية ثابتة تبنى عليها مجتمعا عالما، زاده العلم وشرابه المعرفة؟ هذه هى البداية الحقيقية للنهوض بالتعليم وتجهيز الفرشة، وتمهيد الطريق وتغيير مفهوم العلم عند الناس، ورفع شأن العلم والعلماء، وتوجيه الشباب إلى البحث العلمى وتقديره، ورفع قيمته فى عيونهم، والارتقاء بمستوى العلماء الحقيقيين، وليس سراق البحث العلمى من مكتبات منسية، والاعتراف بحق الإنسان فى تقرير مصيره فى الحياة ومصير جسده بعد الموت بالتبرع أو الهبة، البداية الحقيقية لتطوير التعليم هى فى تغيير المفاهيم أولا لدى الناس، وعندئذ فليعمل العاملون.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع