يوسف سيدهم
مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام أنهي رحلة طويلة وشاقة من الدراسات والصياغة والإجراءات قبل أن يستقر تحت قبة مجلس النواب في منتصف يونية الماضي بعد أن أحيل للمجلس بواسطة اللجنة التي تسلمته من الحكومة في ديسمبر 2016 وهي لجنة مشتركة تتكون من لجنة الإعلام والثقافة والآثار بالإضافة إلي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ولجنة الخطة والموازنة… رحلة طويلة امتدت عبر ما يجاوز سنة ونصف سنة وحفلت بالعمل الجاد لمراجعة وتمحيص مشروع القانون كما قدمته الحكومة وحتي يخرج مستوفيا للمقتضيات الدستورية والقانونية والمهنية للعمل الصحفي والإعلامي باعتباره ليس عملا مهنيا أو تقنيا فحسب إنما هو ينطوي علي رسالة تنويرية وإعلامية في غاية الأهمية والخطورة لامتدادها من دائرة العاملين فيها إلي عموم المواطنين والمجتمع.
لذلك… وقبل الخوض تفصيلا في نصوص مشروع القانون الذي ينظم الصحافة والإعلام, كان مهما التعرف علي مسار عمل اللجنة المشتركة التي تولت دراسته وتشريحه واستطلاع آراء كافة المؤسسات المعنية بخصوصه قبل وضعه في صورته النهائية كمشروع قانون مقدم من الحكومة ومحال إلي البرلمان تمهيدا لإصداره… ويقول تقرير اللجنة المشتركة إنها عكفت علي تلك الدراسة خلال دوري الانعقاد الثاني والثالث لمجلس النواب واحتكمت إلي أحكام الدستور وإلي لائحة مجلس النواب, كما استطلعت رأي الهيئات التي أوجب الدستور أخذ رأيها وهي المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام, والهيئة الوطنية للصحافة, والهيئة الوطنية للإعلام, علاوة علي نقابة الصحفيين, ونقابة الإعلاميين, والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات, وغرفة صناعة الإعلام… كما استلزم الأمر أثناء تداول بعض جوانب المشروع الاسترشاد برأي كل من جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية, وقطاع التشريع بوزارة العدل, ولهذا قصة مهمة, حيث أورد تقرير اللجنة المشتركة الآتي: استرعي نظر اللجنة المشتركة حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996- وهو قانون تنظيم الصحافة المعمول به حتي صدور القانون الذي نحن بصدده- فيما نصت عليه من أنه: يشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة… باعتبار أن ذلك يمثل مخالفة لنصوص المواد (53), (65), (70), (92) من الدستور.. وهي مواد ترسخ المساواة المطلقة بين المواطنين دون أي تمييز وتكفل لهم كشخصيات طبيعية أو اعتبارية حق التعبير عن الرأي بشتي الوسائل القانونية… وبناء عليه فإن ممارسة أي مواطن لحقه في التعبير عن رأيه وحقه في تأسيس منبر لذلك سواء كان صحيفة أو منبرا إعلاميا مشروط بتأسيس شركة مساهمة, وهو ما ينص عليه القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة, يعد أمرا مخالفا لأحكام الدستور… وبالفعل تم تدارك ذلك في المشروع الجديد لتنظيم الصحافة والإعلام حيث نصت المادة (32) منه علي أن: للمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية, عامة أو خاصة, الحق في تملك الصحف أو المواقع الإلكترونية الصحفية أو المشاركة في ملكيتها وفقا لأحكام هذا القانون…. وغني عن التوضيح أن الأشخاص الطبيعية تعني الأفراد, والأشخاص الاعتبارية تعني المؤسسات والشركات المساهمة.
وفي قراءة سريعة لأهم الأحكام التي تضمنها مشروع القانون أوردت اللجنة المشتركة الآتي:
** إلغاء القانون (96) لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة.
** يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به.
** إلزام كل من يعمل في المجال الصحفي أو الإعلامي أن يوفق أوضاعه خلال عام من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون الجديد وفقا للقواعد
والإجراءات التي يصدر بها قرار من المجلس الأعلي للإعلام.
** التزام الدولة بضمان حرية الصحافة والإعلام وحظر فرض رقابة علي الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها.
** استقلالية الصحفيين والإعلاميين وعدم خضوعهم في أداء عملهم لغير القانون, وألا يكون ما ينشرونه أو يقومون ببثه سببا في مساءلتهم, وعدم إجبارهم
علي إفشاء مصادر معلوماتهم, وكفالة حقهم في الحصول علي المعلومات ونشرها.
** حظر نشر أو بث الدعوات التي من شأنها التحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين أو امتهان الأديان السماوية أو العقائد الدينية أو التعرض للحياة
الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام أو ذوي الصفة النيابية أو ما تتناوله سلطات التحقيق أو المحكمة علي نحو يؤثر علي مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة, مع التزام الصحف ووسائل الإعلام بنشر قرارات النيابة ومنطوق الأحكام, ومراعاة القواعد المنظمة لحق الرد والتصحيح.
** تجريم التعدي علي الصحفي أو الإعلامي بسبب أو أثناء عمله, وتجريم الامتناع عن نشر التصحيح.
***… وإلي اللقاء في المقال المقبل حول قراءة في نصوص القانون.