الدكتورة مرفت النمر
المقصود بالصيام هو الانقطاع والامتناع عن الطعام وكل ما يدخل الفم مده من الوقت يعقبها افطار بتناول اي طعام كان به بروتين او دسم حيواني و غيره من الاطعمه كما جاء بالكتاب المقدس : “وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ،
مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ. (1تي 4 : 1 – 5) “فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ” ( كو 2 :16) وقد سمح الله لنوح وابنائه بأكل اللحوم والاسماك والطيور بعد ان استقر الفلك ” وَبَارَكَ اللهُ نُوحًا وَبَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ. وَلْتَكُنْ خَشْيَتُكُمْ وَرَهْبَتُكُمْ عَلَى كُلِّ حَيَوَانَاتِ الأَرْضِ وَكُلِّ طُيُورِ السَّمَاءِ، مَعَ كُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلِّ أَسْمَاكِ الْبَحْرِ. قَدْ دُفِعَتْ إِلَى أَيْدِيكُمْ. كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَامًا. كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ دَفَعْتُ إِلَيْكُمُ الْجَمِيعَ. غَيْرَ أَنَّ لَحْمًا بِحَيَاتِهِ، دَمِهِ، لاَ تَأْكُلُوه ” (تك 9: 1 – 4) لأنه قبل ذلك الوقت لم يكن مسموح بغير أكل الفاكهه في جنه عدن ومنذ بدايه الخليقه يأكلون من كل شجر الجنه عدا شجره معرفه الخير والشر إلي ان تم طرد آدم و حواء بسبب مخالفتهما وصيه الله ولانهما اشتهيا الطعام وبعد سقوطهما في الخطيه اصبحا يشتهيان ان يأكلا مثل الحيوانات فأعطاهما الله العشب المخصص للحيوان وظل آدم ونسله يأكلون عشب الحقل : “وَقَالَ لآدَمَ : لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ “(تك 3 : 17 – 18) فهذه كانت عقوبه من الله لادم ونسله.. وظل هو وابناؤه يأكلون الاعشاب والنباتات . إلي ان سمح الله لنوح و اولاده بتناول اللحوم الناضجه غير النيئه وهذا كان تصريح واضح من الله الي نوح واولاده من اجل طاعتهم , فتناوُل العشب والنباتات كانت عقوبه من الله لآدم وحواء ونسلهما من بعدهما للعصيان, وتناوُل لحوم الحيوانات والطيور والاسماك لنوح ونسله كانت مكافأه وحل من الله للانسان , فلماذا يريد البعض من البشر ان يضعوا انفسهم مكان الله ويحرمون ويمنعون ما حله الله لشعبه ؟؟
ويذكر الكتاب المقدس صيام السيد المسيح اربعين يوما واربعين ليله (متي 2:4) وكانت وقت الضيق لأن السيد المسيح كان يعلم انه ماضيا في طريق الآلام والصلب من اجل ان يتم الفداء,ومن بعد الصعود كان التلاميذ يقومون بالصيام في الضيقات والتجارب .
هل تناول السيد المسيح اطعمه نباتيه بعد صيامه؟؟
من قال ان السيد المسيح ومن بعده الرسل قد قاموا بتناول اطعمه نباتيه فقط دون دسم حيواني او مطبوخه بزيت ؟ هل هناك ما يؤكد هذا الادعاء الذي ليس له اساس او وجود او حتي اشارة عنه في الكتاب المقدس ؟ ومن نقله و تداوله حتي اصبح من المقدسات الثابتة والراسخه كاالصلب والفداء ؟ ولماذا الاطعمه النباتيه والمطبوخه بالزيت وليس بالسمن او الزبد؟؟ للاسف يظن البعض من المسيحيين ان الاطعمه النباتيه والمطبوخه بالزيت تمنع او تقلل الرغبه الجسديه اثناء الصيامات ولكن هذا مفهوم خاطئ انتشر بين المسيحيين والاقباط بسبب المفاهيم المغلوطه والثقافات المتوارثه والتي تسكن رؤوس ساكني الصحراء من الاساقفه والرهبان والذين نقلوها للشعب من خلال الكهنه والخدام وهي ان الاطعمه النباتيه تجعل الجسد في حاله من الهزال والضعف وضبط النفس والتي تجعل مستبدل الطعام في حاله من الزهد الدنيوي الاجباري ليقلل من الرغبه الجنسيه وهذا مفهوم غير دقيق وخاطئ لأن كل شيء خاص بالانسان مرتبط بالعقل الذي يدير كل اعضاء الجسد وحواسه والجنس غريزه مثل كل الغرائز بالجسد كالألم والشعور بالجوع والظمأ فهل يستطيع اي انسان كان ان يمنع هذه الغرائز ؟ حتي ان الكتاب المقدس ذكرها صريحه عن السيد المسيح (فبعد ما صام اربعين نهارا واربعين ليلة (جاع اخيرا) )ومعني هذا ان رب المجد ذاته وبرغم آلوهيته كان لجسده الانساني احتياج غذائي فمن صاحب الافكار الادعائيه التي تريد ان تضع ابناء الملك في تجارب واظهار تعاليم المسيحيه بانها وصايا مريرة وتناسي بعض كارهي الحياه ان السيد المسيح قال(واما انا فقد اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل) واما الذي هو اجير وليس راعيا ,الذي ليست الخراف له ,فيري الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب ,فيخطف الذئب الخراف ويبددها) و هناك بعض الاساقفه يريدون فقط ان يمارسوا الحرمان والضغوط التي مورست عليهم في عزلتهم الاختياريه دون رحمه ولا محبه ووضع العثرات ومزيد من التعاليم البشريه للسيطره علي الشعب وافكاره وحياته. و هنا نشير ونؤكد ان الاطعمه النباتيه صحيه ولكن لا تكون عاملا اساسيا للضعف والزهد الجنسي “جَرِّبْ عَبِيدَكَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. فَلْيُعْطُونَا الْقَطَانِيَّ لِنَأْكُلَ وَمَاءً لِنَشْرَبَ. وَلْيَنْظُرُوا إِلَى مَنَاظِرِنَا أَمَامَكَ وَإِلَى مَنَاظِرِ الْفِتْيَانِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ مِنْ أَطَايِبِ الْمَلِكِ. ثُمَّ اصْنَعْ بِعَبِيدِكَ كَمَا تَرَى». فَسَمِعَ لَهُمْ هذَا الْكَلاَمَ وَجَرَّبَهُمْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَعِنْدَ نِهَايَةِ الْعَشَرَةِ الأَيَّامِ ظَهَرَتْ مَنَاظِرُهُمْ أَحْسَنَ وَأَسْمَنَ لَحْمًا مِنْ كُلِّ الْفِتْيَانِ الآكِلِينَ مِنْ أَطَايِبِ الْمَلِكِ. فَكَانَ رَئِيسُ السُّقَاةِ يَرْفَعُ أَطَايِبَهُمْ وَخَمْرَ مَشْرُوبِهِمْ وَيُعْطِيهِمْ قَطَانِيَّ.” (دا 1 : 12 – 16) عندما رفض ان يأكل دانيال من اطياب الملك لان الذبائح كانت قربانا للاوثان ورفض دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا الأكل من ذبيحه تقدمه للاوثان وطلب ان يأكل القطاني (القطاني انواع من الحبوب مثل العدس والفول ) معني ذلك ان البقول لا تفعل ما يدعيه رجال الكهنوت كون انها تسبب الزهد وغيره من هراء تم زراعته في عقول المغيبين .وهذا ايضا لا يؤكد مطلقا ان السيد المسيح او الآباء الاوائل كانوا يتناولون اطعمه نباتيه بعد الصيامات او يؤكد الطبخ بالزيت من عدمه ! الصيام اصبح استبدالا للاطعمه بدلا من الانقطاع فاصبح لدينا انواع عديده من الجبن و الهمبورجر والكفته الصيامي واصناف ليس لها عدد من الحلويات الصيامي وغيرها من بدع المسيحيين والاقباط . ومع كل ذلك فالصيام ليس له علاقه بنوع الطعام ولا بالأكل في العموم ! الصيام هو صوم اللسان وصيام القلب عن الكراهيه ,
وصيام الجسد عن الشهوات. البعض يصوم جميع الاصوام المقرره والمعتاده ولكن لا يفعلون ما يريده السيد المسيح , الله يريد العمل بتعاليمه ووصاياه . ” ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي …فيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ… فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل : بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ”. ( مت 25 :34 – 40 ).ولم يسألهم الله عن عدد ايام صيامهم !! وكم وجبه بالزيت أكلوا!! الرب جاء من اجل الانسان الذي خلقه ولم يأتي من اجل الطقوس والصوم ! خلق الله كل شيء من اجل الانسان حتي الكتاب وليس العكس. الله يريد رحمه لا ذبيحه. ” وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَملِوُنَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ ” (مت 9:15 ) فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. الصلاه والصوم ليس غايه ولكنهما وسيله للوصول الي الله.