الأقباط متحدون - شعبية الرئيس وفاتورة الإصلاح الاقتصادى
  • ٠١:٠٤
  • الاربعاء , ٤ يوليو ٢٠١٨
English version

شعبية الرئيس وفاتورة الإصلاح الاقتصادى

مقالات مختارة | سحر الجعارة

١٩: ١١ ص +02:00 EET

الاربعاء ٤ يوليو ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

 مع تزايد سخرية «خرفان الإخوان»، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، من الشعب المصرى الذى يعانى من الغلاء ويسدد فاتورة «الإصلاح الاقتصادى»، أصبح الحديث عن شعبية الرئيس «عبدالفتاح السيسى» يفرض نفسه على كافة المجتمعات التى تعانى من الضغوط الاقتصادية.

 
والحديث عن شعبية الرئيس لا علاقة له بالشرعية السياسية للرئيس المستمدة من ثورة 30 يونيو، ومن ملايين الجماهير التى طالبته بخوض انتخابات الرئاسة ثم عادت وانتخبته مرة أخرى ليفوز بالمدة الرئاسية الثانية باكتساح.
 
بداية، لقد غامر الرئيس مرتين، الأولى: حين انحاز وهو وزير للدفاع لثورة الشعب ضد «حكم المرشد»، وتعرّض أكثر من مرة لمحاولات اغتيال، والثانية حين اتخذ قرار «الإصلاح الاقتصادى» بحسم، وراهن على صلابة الشعب المصرى، حتى لو تأثرت شعبيته الكاسحة بهذه الإجراءات، بل قالها الرئيس «السيسى» بنفسه وبصراحته المعهودة، ثم أخذ ينفذ تلك الإجراءات بحزم. ويُحسب للسيد الرئيس أخلاقياً وسياسياً تغليب مصلحة البلاد على شعبيته، ومصارحة الشعب بفاتورة الإصلاح القاسية مهما كانت «حزمة الحماية الاجتماعية» التى تنفذها الحكومة، لأنها لا تصل للطبقة الوسطى، وهى أكثر من تضرر من سياسات الإصلاح الاقتصادى.
 
أنا آخر من يدافع عن غلاء الأسعار، وبعض السياسات العشوائية التى تصعّب الحياة اليومية على المواطن، وقد كتبت هنا فى جريدة «الوطن» مقالاً بعنوان: «البنزين وسنينه» قلت فيه رأيى.. ولكنى أجد المقارنة فى الظروف المحيطة بالقرار، وليس بالأشخاص، تفرض نفسها.
 
لقد تردد «السادات»، ومن بعده «مبارك»، فى اتخاذ هذا القرار خوفاً على شعبيتهما أو على وجودهما فى الحكم، لكن كليهما كان أكثر حظاً من «السيسى».. «السادات» كان يفرض «اقتصاد الحرب» والناس تفتش عن السكر والشاى ثم تغنى لأبطال «أكتوبر»، وبعدها أغرق البلاد فى حمى الاستهلاك بالانفتاح العشوائى.. أما «مبارك» ففى عهده كانت دول الخليج ترحب بالعمالة المصرية، وكان المناخ مهيأ لبناء مدن سياحية (الغردقة وشرم الشيخ وطابا)، ومدن صناعية (6 أكتوبر والعاشر من رمضان)، وكان هذا كفيلاً باستيعاب البطالة (رغم ما صاحبه من فساد واستبداد سياسى).
 
وحين جاء الرئيس «السيسى» للحكم كان حجم الديون الداخلية والخارجية مروعاً، و«حكم المرشد» استنفد كل التبرعات الممكنة من الخليج، والغرب اتخذ موقفاً معادياً من استعادة مصر من قبضة الإخوان وأصبحت «المعونة الأمريكية» موقوفة!.
 
جاء ليجد ملايين العمال قد عادوا إليه، بعد سقوط العراق وليبيا، وبدأت دول الخليج تستغنى عن المصريين لتخفيف أعبائها أو لتوظيف أبنائها!
 
أما المشروعات العملاقة، التى كانت كفيلة بتحقيق طفرة اقتصادية، مثل «قناة السويس الجديدة»، فقد أعاقت «الحرب على الإرهاب» فى سيناء جلب الاستثمارات إليها، وكذلك الإعلام الأعمى الذى يكتب نصفه إشارة «مصر تحارب داعش».. بينما يرفع الآخر شعار: «خليك مع مصر اكتشف واستثمر»!
 
وفى القلب من هذا كان عبء تنويع مصادر السلاح ضرورة حتى لا تصبح مصر أسيرة للقرار الأمريكى، وكان «الفساد» يتوغل فى كافة مؤسسات الدولة، مما يعيق الاستثمار أيضاً مهما تغيرت القوانين ليصبح «الشباك الواحد» مدخلاً للاستثمار.
 
وكلنا نعرف أن رأس المال «جبان» كما يقولون، وطالما بقيت ولو رصاصة واحدة تطلق فى «سيناء» ستبقى المشكلة قائمة. صحيح أن العديد من الأشقاء العرب اشتروا شققاً وأراضى فى مصر، بعض الإخوة الإماراتيين أراهم بنفسى يروجون للسياحة فى مصر على موقع «تويتر»، ولكن يظل هذا هو الاستثناء المبنى على أسس عروبية تعرف معنى «المصير المشترك» وتقدر أن مصر هى «الدرع الواقى للعرب».
 
حتى «رجال الأعمال» الذين طالبهم الرئيس «السيسى» بدعم البلد الذى استثمروا فيه وأصبحوا مليارديرات من خيره، قبل أن يصبح رئيساً، بعضهم «تخلى عن وعده».. والبعض الآخر متعثر بسبب «البيروقراطية والفساد»!
 
ورغم ذلك إن قست حجم المشروعات العملاقة التى تم إنجازها فى مصر، فى مجالات الطرق والمواصلات، أو الأنفاق العملاقة أسفل قناة السويس، أو العاصمة الإدارية الجديدة، أو المجتمعات العمرانية التى انتقل إليها سكان العشوائيات، أو ما تم بناؤه من مساكن للشباب.. ستجد أن ما تحقق معجزة بكل المقاييس، لكن بكل أسف تظل «شعبية الرئيس» مرهونة بسعر البنزين وفاتورة الكهرباء!
 
وهذا يتطلب من الحكومة العمل على تمكين الفقراء ودعم الطبقة المتوسطة بصورة عاجلة، والتمكين ليس منحة بل تفعيل للدستور، وما فيه من بنود تنص على «العدالة الاجتماعية».. كما يفرض حرباً ناجزة على «الفساد»، وكذلك تنقية مؤسسات الدولة من «الإخوان» الذين يشيعون روح الإحباط بين الناس.
 
أما إن شئت التعرف على «شعبية الرئيس» بعد كل ما ذكرته، فعليك أن تسأل لماذا لم تخرج المظاهرات بعد غلاء البنزين؟.. ولا تقل إنه القهر أو الخوف من قانون «تنظيم التظاهر»، لأننا أسقطنا نظامين كانا يحكماننا بقبضة بوليسية حديدية وبقانون الطوارئ.. فهذا الشعب يثق فى رئيسه وقراراته، ويقدر انحيازه للوطن فى 30 يونيو.
نقلآ عن المصرى اليوم

 

الكلمات المتعلقة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع