بوتين ـ ترامب واللعب مع الكبار
سليمان شفيق
الجمعة ٢٩ يونيو ٢٠١٨
سليمان المنياوي
يقترب موعد قمة بوتين ترامب المزمع عقدها في العاصمة الفلندية هلسنكي في 16 يوليو القادم ،وكما ذكرنا في مقال سابق ان الرئيس الامريكي ترامب يأمل في عقد صفقة حول سوريا مع الرئيس بوتين .. بما في ذلك وجود القوات الامريكية في سوريا ، ولكن الخبراء يبحثون عن المقابل الروسي لذلك ، وكانت قناة cnnالامريكية قد اشارت الاسبوع الماضي إنه وفقا لخطة ترامب ستسمح الولايات المتحدة الأمريكية للسلطات السورية باستعادة السيطرة على الأراضي في مناطق الحدود مع الأردن مقابل ضمانات روسية بعدم ملاحقة دمشق للمسلحين الموجودين هناك والسماح لهم بمغادرة المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر للقناة إن ترامب يسعى إلى منع النفوذ الإيراني في المنطقة الأمر الذي يعد الجزء المفتاحي من خطة ترامب حول سحب القوات الأمريكية.
من جهة اخري كما يبدو ان لقاء ترامب مع بوتين مكافأة علي الموقف الروسي الداعم للقاء ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون الشهر الماضي ، ويرتبط بذلك ما قالة ترامب في حديث أمام أنصاره في فارغو بولاية داكوتا الشمالية: "إن التوصل إلى تفاهم مع روسيا والصين هذا جيد، وليس سيئا".. ولكن هناك اعتراضات غربية علي هذا اللقاء منذ الازمة الاوكراينية في مارس 2014 ، وايضا ما نسب من اتهامات بريطانية لروسيا بمحاولة تسميم العميل المزدوج سكريبال هذا العام وما ادي الي ازمة دبلوماسية وان خفتت ابعادها الا انها مازالت مطروقة ، حتي ان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك،يري أنه يجب على الاتحاد الأوروبي الاستعداد للسيناريوهات الأسوأ، بسبب التوتر في العلاقات مع امريكا ، دون فقدان الأمل في الأفضل
جاء ذلك بعد القمة الاخيرة للسبع الكبار (28/29) يونيو ، في قمة توسك بكندا ، وجاء في الرسالة :" ينظر السبع الكبار في كندا بعين الاعتبارالي التعقيد الاخير في السياسة الامريكية علي الرغم من جهودنا الدؤوبة للحفاظ على وحدة الغرب، إلا أن العلاقات عبر الأطلسي تتعرض لضغوط هائلة بسبب سياسة الرئيس دونالد ترامب. لسوء الحظ، فإن الخلافات تتجاوز التجارة"
وردا علي ذلك قال صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، بأن رئيسي روسيا والولايات المتحدة فلاديمير بوتين، ودونالد ترامب، يدركان أهمية إقامة حوار بين بلديهما.
واضاف بولتون، الأربعاء الماضي 27 يونيو للصحفيين بعد المحادثات في موسكو: "إذا نظرنا إلى مجالات التعاون الممكنة، فإن كل من الرئيس ترامب والرئيس بوتين يعتقدان أنه يجب المناقشة، يجب أن نجري مناقشات حول القضايا المشتركة وتحديد مجالات التعاون، لأن علاقاتنا الثنائية تؤثر على الاستقرار في جميع أنحاء العالم".
وشدد المسؤول الأمريكي على أنه "لا يوجد شيء غير عادي في اجتماع القمة"، لأن ترامب يجري محادثات مع العديد من زعماء العالم.
وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأنه لا يتوقع نتائج محددة من لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي.
وقال بولتون، بعد المحادثات: "لقد ناقشنا هذه المواضيع اليوم في الاجتماعات المختلفة التي عقدتها اليوم، لكن لم يكن هناك هدف لتحقيق نتائج ملموسة، فقط لإرساء الأرضية للمباحثات بين الرئيسين. أتوقع أنهم سوف يناقشان فيما بينهما المشاكل التي تعتبر الأكثر
أهمية، لكنني لا أعتقد أننا ننتظر أي نتائج ملموسة
كما اضاف نائب الرئيس الامريكي علن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، إن الزعيمين الأمريكي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، يمكن أن يناقشان العلاقات الاقتصادية في الاجتماع المرتقب، وجاء ذلك وفقا لوكالة بلومبرغ.
موسكو — سبوتنيك ،وقال بنس: "يعتزم الرئيس ترامب مناقشة مجموعة واسعة من القضايا التي يتعين معالجتها"، من بينها، "العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى في العالم".
وأشار بنس إلى أن ترامب قد يتطرق أيضا، لموضوع "تدخل روسيا" في الانتخابات الأمريكية ، والإجراءات الروسية في أوكرانيا وسوريا وغيرها من القضايا الحساسة"
يذكر ان هذا اللقاء المرتقب في يوليو بين بوتين وترامب لا يعد اللقاء الاول ، لانة بعد نحو 7 أشهر من وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، التقى بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى قمة العشرين، والتى أقيمت فى هامبورج الألمانية.
ورغم أنه ما تم، مجرد تصافح بالأيدى، أعقبه لقاء رسمى مصغر، إلا أن العلاقات الأمريكىة الروسية خلال فترة وجود ترامب فى حكم أمريكا اتسمت بالتقلب الحاد، حيث أبدى رئيس الولايات المتحدة أكثر من مرة إعجابه وتطلعه للقاء الرئيس الروسى، فى حين كان يرد الأخير بتحية عابرة للقارات.
علاقة الإعجاب تلك تحولت فى أوقات عدة لعلاقة توتر، بسبب الحرب فى سوريا، والموقف الامريكي من إيران، وعدد آخر من الملفات حمالة الأوجه بين أكبر دولتين فى العالم.
اللقاء الأمريكى الروسى فى ألمانيا ليس الأول لقطبىْ العالم، ولن يكون الأخير، فالقطبان عادة ما يلتقيان حتى لو كان ما بينهما ما صنع الحداد.
وسبق ذلك عدة لقاءت بين الزعماء الروس والامريكان ،أول زيارة رسمية فى تاريخ العلاقات الروسية (السوفيتية سابقا) والأمريكية، قام بها نيكيتا خروشوف زعيم الحزب الشيوعي السوفيتى ورئيس الحكومة السوفيتية إلى الولايات المتحدة فى سنة 1959 وتزامنت مع انعقاد دورة الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، والتقى خروشوف عدة مرات فى أثناء هذه الزيارة بدوايت أيزنهاور رئيس الولايات المتحدة.
وفى عام 1960 زار خروشوف الولايات المتحدة مرة ثانية بصفته رئيس الوفد السوفيتى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما التقى بعدها بعام آخر بالرئيس الأمريكى جون كنيدى.
كان ريتشارد نيكسون أول رئيس للولايات المتحدة يقوم بزيارة رسمية إلى الاتحاد السوفيتى، عام 1972، حيث وقع خلال لقائه بليونيد بريجنيف الأمين العام للحزب الشيوعى السوفيتى عددًا من وثائق التعاون الثنائى وبصورة خاصة معاهدة الحد من نشر منظومات الدرع الصاروخية والاتفاقية المؤقتة الخاصة ببعض الإجراءات فى مجال الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، وفى 1973 قام بريجنيف برد الزيارة إلى واشنطن.
والتقى جيرالد فورد بليونيد بريجنيف مرتين، عام 1974 حيث تم التنسيق فى جميع القيود الناجمة عن معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجة، وفى مدينة هلسنكى عام 1975 حيث تم توقيع اتفاقية الأمن والتعاون فى أوروبا.
وعند صعود الأمين العام الجديد للحزب الشيوعى السوفيتى ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة فى الكرملن وإعلانه نهج الـ"بيرسترويكا" اكتسبت السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتى ملامح الانفتاح الأكثر والتوجه نحو إقامة التعاون مع دول العالم الأخرى.
ففى عام 1985 عقد جورباتشوف لقاء بالرئيس الأمريكى رونالد ريجان. كما التقى عام 1990 برئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب خلال زيارة الدولة التى قام بها إلى الولايات المتحدة.
وبعد تفكك الاتحاد السوفيتى، التقى أول رئيس فى روسيا الاتحادية بوريس يلتسين برئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب فى عام 1992 فى كامب ديفيد، وفى سنة 2000 عقد فى موسكو أول لقاء بين رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون.
بعد 8 سنوات عقد فى مدينة سوتشى الروسية لقاء آخر بين دميترى مدفيديف الرئيس الروسى السابق، وجورج بوش الابن، وذلك فى إطار قمة الثمانى الكبار فى جزيرة هوكايدو باليابان.
فى عام 2009 عقد لقاء الرئيس دميترى مدفيديف بالرئيس باراك أوباما الذى رسم نهجا نحو إعادة إطلاق العلاقات الروسية الأمريكية.
فى العام الماضى التقى بوتين وأوباما فى قمة الـ20 التى احتضنتها الصين، وهى الزيارة التى شهدت توترا فى العلاقات بشكل ملحوظ، لا سيما بعد الصور التى تم تداولها لأوباما وهو ينظر إلى بوتين بينما كان الأخير يصافح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى إشارة لتوطيد العلاقة بين البلدين.
هكذا فأن كل من الولايات المتحدة وروسيا سوف يستفيدان من هذا اللقاء ، روسيا سوف "تخرج لسانها " لاوربا خاصة بريطانيا ، وترامب سوف يستفيد أعلاميا وأنة يقول للقارة العجوز " الكبار سيظلون الكبار " مهما اختلفوا .