الأقباط متحدون - الأصوليات والمجتمع «63».. الأسلمة والغرب فى باكستان
  • ١٨:٤٣
  • الجمعة , ٢٩ يونيو ٢٠١٨
English version

الأصوليات والمجتمع «63».. الأسلمة والغرب فى باكستان

مقالات مختارة | بقلم مراد وهبة

٤٢: ٠٥ م +02:00 EET

الجمعة ٢٩ يونيو ٢٠١٨

دكتور مراد وهبة
دكتور مراد وهبة

إثر الانقلاب الذى قام به قائد الجيش الباكستانى، ضياء الحق، على رئيس الوزراء، على بوتو، فى عام 1977، بدأ تنفيذ برنامج الأصولية الإسلامية، والفارق بينه وبين البرنامج الإيرانى أن إيران أمة لها جذور ممتدة منذ قديم الزمان، وباكستان لها هوية مصطنعة؛ إذ إنها أنشئت فى عام 1947 فى مواجهة الهند، وفى مواجهة دول لا تشترك معها لا فى العِرق ولا فى اللغة. ولا أدل على ذلك من سهولة انفصال شرق باكستان الذى سُمى بنجلاديش. ومن هنا يمكن القول إن باكستان تعانى أزمة هوية.

ولا أدل على صحة هذا القول من أننى دعيت إلى الاشتراك فى المؤتمر السابع عشر الفلسفى الباكستانى فى عام 1975 تحت عنوان «أزمة هوية». وقد ذُهلت عندما قرأت ذلك العنوان! وتساءلت: كيف يمكن لدولة ناشئة أن تتحدث عن أزمة هوية؟!

وعندما أراد ضياء الحق أسلمة باكستان تحالف مع فقهاء السُنة والفصائل الأصولية الإسلامية، وفى مقدمتها «الجماعة الإسلامية» بقيادة أبوالأعلى المودودى الذى قرر الانخراط فى الحياة السياسية، من أجل تطبيق الشريعة. ومع ذلك جاءت المعارضة من قبل فقهاء الشيعة، خاصة أن مؤسس دولة باكستان وهو محمد على جناح (شيعى) ومع ذلك كان داعية إلى أن تكون باكستان دولة علمانية. وكان فى ذلك على الضد من الأصوليين السنّيين الذين ارتأوا الدين هو أساس وجود باكستان، لكى تكون مكاناً ملائماً لحياة إسلامية فى مجتمع يكون محكوماً بالشريعة الإسلامية، ومن ثم حاول (جناح) إصدار دستور إسلامى فى عام 1973 إلا أنه لم يتمكن من إصداره خشية إحداث انشقاق فى المجتمع.

ومن ثم اكتفى بقصر تطبيق التشريع الإسلامى على المجال الجنائى والترويج للقيم الإسلامية فى مدارس الدولة. ومع ذلك اضطر ضياء الحق إلى حل البرلمان فى عام 1988، وإقالة الوزارة بدعوى الفشل فى الأسلمة. ومن هنا أعلن فى 15 يونيو 1988 أن سياسة الحكومة محكومة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وبالتالى حذف ما لا يتفق وهذه السياسة، إلا أن هذه السياسة اصطدمت بمعارضة نسائية عنيفة، عندما دعت إلى التزام المرأة بالمنزل.

وعندما أصبحت زعيمة المعارضة بناظير بوتو، رئيسة للوزارة فى ديسمبر من عام 1988 لم تستطع التعامل مع الفوضى السياسية كما أنها لم تستطع منع الأسلمة التى كانت تنتقدها. وفى 6 أغسطس من عام 1990 أقيلت من منصبها بدعوى أن حكومتها تروج للفساد.

وفى 11 إبريل 1991 أعلن رئيس الوزراء نواز شريف تطبيق الشريعة، ولكنه أعلن فى الوقت ذاته أنه ليس أصولياً لكى يجذب الاستثمارات الأمريكية. إلا أنه من حيث لا يدرى انغمس هو وأسرته فى الديون والقروض.

وأظن أن باكستان- فى هذا السياق- لا تتميز عن أى دولة اسلامية فى أنها تواجه أزمة هوية مصحوبة بأزمة اقتصادية، عندما تريد إحداث توليفة بين الشريعة والانفتاح على الغرب.

والرأى عندى أن الخروج من هذه الأزمة يستلزم تجاوز هذه التوليفة، بأن تكون النسبية الكامنة فى العلمانية هى أساس التعامل مع الشريعة والغرب فى آن واحد.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع