الهجرة شر أم نعمة؟
مقالات مختارة | حاتم بن رجيبة
الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٨
القصد هنا الهجرات الكبرى أي نزوح مئات الآلاف والملايين في فترة محددة تحت ظغط كبير وليست التحركات البشرية العابرة للبلدان والقارات في كل زمان ومكان.
للهجرات الكبرى قانون سرمدي ثابت ألا وهو أنه كلما كان الشعب المهاجر والزاحف أكثر تحضرا وتمدنا كلما كان ذلك أكثر نفعا للمضيف أو البلد المجتاح وكلما كان النازح بدويا وقبائليا وبسيطا في تنظيمه وثقافته كلما كان الخراب والدمار للمجتاح كبيرا. كلما زادت البداوة كلما تفاقم الخراب والضرر وكلما زاد التحضر غلب النفع.
انظر كيف هلكت الإمبراطورية الرومانية المتحضرة والتي مازالت إنجازاتها المعمارية والأدبية والفكرية تبهرنا إلى اليوم الحاضر على يد الشعوب البدوية البسيطة والهمجية مثل الشعوب الجرمانية من الشمال والبربر من الجنوب والعرب من الشرق. 800 سنة من الحضارة والنظام السياسي الثابت والديمقراطي والبنية التحتية المذهلة والقوانين الدقيقة والمعقدة والمؤلفات الفنية البديعة هلكت ودمرت في رمشة عين فلم تتعاف البشرية من هذا الدمار إلا بعد 1400 سنة تقريبا!!!! يا للهول!!!
ماذا جلب الجرمان إلى أوروبا غير الإنحطاط؟ لا أدب ولا تقنية ولا طرقات ولا علم. مدن باهرة مثل مرسيليا وباريس وبون اندثرت، كالبركان المدمر لا يبقي على حياة.
كذلك العرب استقروا بالخيام وتركوا المدن الرومانية الزاهرة والطرقات المعبدة وقنوات توزيع المياه تتداعى وتتهاوى. و بقوا رعاة ولم يعلموا الشعوب المجتاحة سوى الغزو والرعي وسفك الدم فتقاسموا العالم مع البرابرة الجرمانيين ليغرق هذا الأخير في ظلام القرون الوسطى ويطغى الجهل والغباوة والبداوة قرونا قبل أن تبزغ الحضارة من جديد في أوروبا الغربية بانية على أنقاض الحضارة الإغريقية و الرومانية.ولم يبق من زمن الجرمان إلا كابوس أحمر مخيف.
كذلك زحف المنغول لم يجلب إلا الخراب والعنف والموت ، فهم شعب بدوي بسيط وهمجي، لا ثقافة ولا حضارة.مثل البكتيريا والفيروسات، تفكك وتدمر وتقتل ولا تبني. كذلك الزحف المعاصر للملايين من العرب والبربر والأفارقة ورعايا الكتلة الشرقية لأوروبا. زحف يذكرنا بزحف القبائل الجرمانية والهونية للإمبراطورية الرومانية قديما. كذلك زحف المهمشين من أمريكا اللاتينية للولايات المتحدة وكندا. وحدها اليابان بقيت مصونة من هجرة الهمج. على الحضارات الغربية أن تستثمر بلايين الدولارات حتى تثقف جحافل الهمج الغازي وتطهره من الجهل والوسخ الفكري والجسدي ليتعلم التحضر ويتثقف ليندمج ويصبح نافعا.
الكثير من الشعوب الأوروبية المتقدمة غير واعية بحجم الخطر الهمجي للنازحين القادمين من العالم الثالث. فعلاوة على استحواذهم على نسبة هامة من النفقات والخدمات الإجتماعية كمنح الفقر والبطالة تصل إلى النصف وأكثر في بعض المدن فهم ينشرون سلوكيات وأفكارا عدائية تعلموها في أوطانهم المتخلفة. نسب البطالة والأمية بين المهاجرين هي أضعاف الشعوب المحلية.
لكن انظر ماذا جلب المهاجرون الأوروبيون المتحضرون إلى أمريكا وإفريقيا الشمالية وكل مكان غزوه. السكك الحديدية والطرقات المعبدة والموانئ و المناجم و آبار النفط و الزراعات الكبرى و المصانع و التقنيات الحديثة كالكهرباء و السيارات و القاطرات إلخ. المباني الحكومية في العالم الثالث جلها ما تركه المستعمر الأوروبي. النخب السياسية والثقافية والعلمية لمجتمعات العالم الثالث نشأت وترعرعت في الغرب فاستنارت بعلمه وتحضرت بثقافته وآدابه. فكان الإستعمار الأوروبي حافزا لهذه الشعوب للصحوة والنهوض من سبات عميق والشفاء من مرض عضال اسمه البداوة والهمجية.
لا تتهمني بالعنصرية! الغرب أحمق ما عدى بعض الجمهوريات مثل سويسرا والبلدان الإسكندنافية التي تسثمر الكثير لتثقيف الهمج المهاجرين فتنفعهم وتنتفع منهم. الغرب لا يدرك أن المهاجرين مثل الرطوبة التي تقيض الأساس في الخفاء ببطء لكن بفاعلية وإن لم يستفيقوا فستنهار حضارتهم وتمحي ليتقلد الهمج الحكم ونعود إلى ظلمات القرون الوسطى بفكر ديني خرافي وعصبية عرقية دامية غاية في العنف والكراهية. وما تنامي التطرف العرقي اليميني في الدول الأوروبية و الإرهاب الإسلامي إلا ناقوس خطر يهلل لدمار هائل وتقهقر مروع كما شاهده العالم إبان انهيار الحضارة الرومانية على أيدي الهمج من كل أصقاع العالم القديم. الحل السحري للغرب هو تحصين حدوده والسماح للمهارات والأدمغة فقط بالعبور كما الإستثمار السخي لتثقيف رعاياها من المهاجرين ومساندة النخب المستنيرة في البلدان المتخلفة حتى تحضر شعوبها وترقى بها وعدم التغاضي عنها أو المساهمة في تفقير هذه الدول أكثر لتزداد حدة هجرة الهمج نحوها.
نقلا عن الحوار المتمدن