الإصلاح وأهل التنوير !!
مدحت بشاي
٤٣:
٠٣
م +02:00 EET
السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٨
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
لاشك أن "الإصلاح الديني" لا يعني بالطبع تعديل الدين ولا تبديله، لكنه يعني إعادة التفكير في الأنماط الفاسدة من "التدين" وأشكال التديين المنتشرة و التي تحول الدين إلى أيديولوجيا أو فلكلور أو تجارة أو أساطير،وتغربل في الوقت نفسه الكثير من "علوم الدين" التي تستعين، اقتباسا واقتطافا وإحالة واستعادة، لكتب السابقين من الفقهاء أو الرواة، وإضفاء قداسة عليها.
والخطاب الديني للمجتمع يشكل أبرز المتحكمات في إنتاج الثقافة الدينية لإفراده , والتي تعتبر المحرك الأساس لسلوكهم داخل المحيط , اذ ليس مهما ما يعنيه الدين لغة أو اصطلاحا ......المهم ما يعنيه على أرض الواقع ..وما ينتجه من اثر في سلوك الإنسان وفي علاقته مع المجتمع ...وبالتالي لا بد من متابعة هذه الثقافة وتحليلها والتأكد من كونها قائمة على المبادئ الإنسانية السامية لتي جاءت بها الأديان , وليست مستندة إلى مجموعة من الأفكار المريضة المسمومة القاصرة عن احتواء الآخر والتعايش معه, ساهم في صناعتها ارث ثقيل من القراءات غير الواعية
ومشكلة المعاناة من التلكؤ في تصويب الخطاب الثقافي والإعلامي المتعلق بالأمور العقائدية مشكلة قديمة ، ولعل الاقتباس من مقال كتبه المفكر الرائع رفعت السعيد عام 1992 موجهه للحكومة مايؤكد على تجذر وقدم مشكلة الخطاب الديني ..
يكتب السعيد " ولعلي لا أثقل مرة أخرى على وزير التعليم ، ولكن يبدو أنه قد تلقى تركة مثقلة تسلل إليها المتطرفون بحيث جعلوها أداة من أدوات نشر التطرف ، بما يذكرنا بسيطرة المتطرفين على جهاز التعليم في اليمن ، الأمر الذي وضع اليمن كله في موضع صعب ، والموضوع مثير للدهشة والغضب معاً ، ويمس أعمق مشاعر الإخوة المسيحيين لأنه وببساطة يتطاول على معتقدهم الديني .ولست أدري أية مصلحة لأحد عاقل رسائل عديدة بعضها يحمل قصاصات من جريدة " وطني " والبعض الآخر يبث همومه المباشرة في ذلك ، اللهم إلا إذا كان يخطط وبوعي لإشعال نيران الفتنة في هذا البلد ، وفجأة انهالت عندما يواجه ابنه الطالب بكلية التربية جامعة أسيوط فرع سوهاج بأنه مطلوب منه أن يستذكر وأن يمتحن في كتاب يتهجم وبضراوة غير مبررة على الديانة المسيحية ولا يتبقى إلا أن يُطلب منه أن يجيب عن سؤال من نوع " اذكر كيف تحولت المسيحية إلى ديانة وثنية ؟ " أي عبث هذا ؟ بل أي جنون ؟ ولنقل بصراحة أي ضعف هذا الذي يغلف حكومة الدكتور عاطف صدقي .. ؟
فقط سأورد فقرات غير عاقلة وغير معقولة من كتاب عنوانه " محاضرات وبحوث في أصول التربية " الفرقة الثالثة ـ إعداد قسم أصول التربية ، لنقرأ هذه الفقرات ولنر أثرها على نفسية طالب مسيحي ، ولنر أثرها على مواطنين شركاء في ملكية هذا الوطن ترابه وتراثه وتاريخه ومستقبله ، لنقرأ لندرك أن أصحاب هذا الكتاب .. من قسم أصول التربية .. يستحقون هم أنفسهم درساً في التربية ، فأية تربية هذه التي تمزق الطلبة إلى مسلم ومسيحي ، والتي تمزق المسيحي وتضعه في موضع الممتهن ، وماذا سيحل بنا إذا تخرج في قسم التربية مدرسون يمتلكون " تربية " تشبه " تربية " أساتذتهم فيعيثون في الوطن تمزيقاً وتطرفاً .
يا دكتور عاطف صدقي أقرأ معي ، وانظر ماذا أوصلنا إليه ضعف حكومتك ..
.. " المسيحية تقوم على اليهودية ، واليهودية ليست ديناً " ص 15
.. " أن المسيح قد لا يكون له وجود على الإطلاق " ص 86
.. " المسيحية طُعمت بالوثنية " ص 18
.. " المسيحية تأثرت في الفكرة الإلهية بالثالوث المقدس عند قدماء المصريين وبالثالوث الهندي " ص 19
.. " بولس الرسول تظاهر بالنصرانية لتحريف المسيحية " ص 19
.. " المسيحية تم فيها عبث بشري جعلها توليفة يهودية وثنية " ص 78
وهكذا تمتد عشرات الفقرات لتتطاول على ديانات سماوية ، وكأن المسلم لا يكون مسلماً حقاً إلا إذا أهان وامتهن الديانات الأخرى ، بينما صحيح الإسلام يقوم على الاعتراف بالديانات السماوية وعلى احترامها .
ولنقرأ معاً الآية الكريمة " كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " .