متي يتصدي الرئيس السيسي لملف المتشددين والكنائس؟
يوسف سيدهم
٤١:
٠٥
م +02:00 EET
الاثنين ١٨ يونيو ٢٠١٨
بقلم : يوسف سيدهم
في مقال الأسبوع الماضي تحت عنوان: خواطر حول حلف السيسي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب, تناولت خاطرا حول كلمته بعد حلف اليمين جاء فيه: .. ذكر الرئيس الكنيسة القبطية ممتدحا إياها إزاء مواقفها الوطنية وحكمتها في التعامل مع الأزمات وتحصينها لرعاياها ضد مواجهة الإرهاب بالعنف أو بما يخدش وحدة المصريين, دون أن يتعرض لاستمرار تقاعس أجهزة الإدارة والأمن عن إرساء دعائم القانون والذود عن هيبة الدولة أمام هجمات المتشددين والمتطرفين الذين يواصلون الاعتراض علي بناء الكنائس وعرقلة فتح الكنائس المغلقة بالرغم مما يجيزه القانون في هذا الإطار.
هذا الوضع المريض بات محيرا بدرجة كبيرة ويثير علامات استفهام يتحتم أن تعيها جميع مراتب السلطة بدءا من الرئيس السيسي نفسه ومرورا علي سائر المسئولين التنفيذيين والسياسيين والإداريين والأمنيين… فحرية العبادة التي ينص عليها الدستور هي حرية كل مواطن علي أرض مصر بدون استثناء في ممارسة حياته الروحية ومباشرة صلواته وشعائره الدينية… وممارسة ذلك في حياته المعاشة, ولا يستقيم إدعاء تحقق ذلك بتكرار تردير إصدار الدولة لقانون بناء وترميم الكنائس وتشكيل لجنة عليا لتقنين أوضاع الكنائس المغلقة وغير المرخصة -وهو الأمر الذي يحلو لكافة المسئولين والبرلمانيين التشدق به في المحافل السياسية والإعلامية داخليا وخارجيا- لأن الجميع يعلمون أن ما يصدر من تشريعات علي الورق يبقي مرهونا بالتطبيق العملي الصارم, وأن أية حالات مهما كانت قليلة يفشل فيها تطبيق القانون هي تجاوزات صارخة تدل علي فشل الدولة في كفالة الحريات الدستورية وفي الذود عن مواطنيها وفي الضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه تحدي القانون واغتصاب الحقوق.
كما لا يستقيم من أجل ذر الرماد العيون التعتيم علي ما ينفجر بين الحين والآخر في مناطق تمركز بؤر التطرف علي أرض مصر من الهجوم علي الكنائس والاعتداء عليها وفرض منع الصلاة فيها, بأن تتشدق مراتب السلطة بأن الصلوات تقام بهدوء وانتظام في سائر محافظات مصر وأن الأقباط يذهبون إلي كنائسهم وأن أجهزة الأمن تحميها… فيجب أن يعي الجميع أن الاعتداء علي كنيسة في أصغر قرية علي أرض مصر وترويع كهنتها وإرهاب شعبها مهما كان عدده صغيرا لا يغفره أو يجيزه أن غالبية الأقباط يصلون في أمان ودون معوقات.
أيضا لا يستقيم أن تسئ جميع مراتب المسئولين في الدولة استقبال حكمة ووطنية قداسة البابا عندما يمتدح السلطة أو عندما يتحدث عن دور الدولة في محاربة الإرهاب أو عن سياسات الإصلاح والتنمية التي تتم علي أرض مصر ولصالح شعبها… فإذا كانت هذه كلها علامات حكمة ووطنية قيادة الكنيسة وحرصها علي أن يتعلل أولئك المسئولين بهذا الكلام ويدعون أن كل شئ تمام وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان!!
وأخيرا لا يجب أن يسوق أحد وقائع بعينها للتغطية والتعتيم علي حقائق أخري… فنحن نعرف جيدا الروح الطيبة للرئيس السيسي ومحبته للمصريين جميعا وأن لا فرق عنده بين مسلم وقبطي, كما نعرف تماما أنه ذهب أكثر من مرة إلي الكنيسة لتهنئة الأقباط في أعيادهم, ونعرف أيضا أنه أمر ببناء كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة علي أروع ما يكون التصميم والتنفيذ… ونعرف غير ذلك الكثير والكثير الذي لا ننكره في إطار ما تفعله الدولة للأقباط… لكننا في الوقت نفسه نعرف ونعيش ونحقق ونعطي وننشر بين الحين والآخر عن الهجمات الشرسة التي تحيق ببعض الأقباط في المدن الصغيرة والمراكز والقري والنجوع علي يد شرذة من المتشددين والمتطرفين والمتعصبين المتأسلمين الذين يتجمعون ويتظاهرون من أجل منع بناء كنيسة مرخصة أو من أجل إغلاق كنيسة تجري فيها الصلوات منذ زمن وجار تقنين أوضاعها طبقا للقانون… وتلك كلها جرائم نتفهم أن تحدث إذا كانت السلطة تهرع بالتصدي لها وحماية الأقباط من إرهابها وتقديم الضالعين فيها إلي العدالة وترسيخ القانون والذود عن هيبة وكرامة الدولة… لكن ما يحدث علي أرض الواقع في سائر بؤر التطرف التي تحدث فيها تلك الجرائم أن السلطة ممثلة في أجهزة الإدارة والأمن تترك الاعتداءات تحدث وتغض البصر عن التجمهر والتظاهر والترويع وتتحرك متأخرة جدا إلي مواقع الأحداث بعد انتهاء الاعتداءات وفرار المجرمين, وتلجأ إلي حيلة قديمة وعقيمة لتزييف الصورة بالقبض علي مجموعات متساوية من الأقباط والمسلمين في مساواة كارثية بين الضحايا والجناة ولاستثمار ذلك الغبن في فرض مجالس عرفية لا قانونية يتصالح الطرفان عنوة فيها ويتم إخلاء سبيل المجرمين وترك الأقباط يلعقون جراحهم ويتجرعون قهرهم وتغلق كنائسهم!!!… هل يدرك الرئيس السيسي كل أبعاد هذه الصورة؟
الكلمات المتعلقة