شيخ الأزهر: إنكار البعث نوع من الإلحاد
محرر المتحدون ا.م
٠٨:
١١
ص +02:00 EET
الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٨
كتب – محرر الأقباط متحدون أ. م
قال فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن البعث هو إحياء الموتى وإعادة أرواحهم إلى أجسادهم كما كانت في الدنيا؛ لمحاسبتهم وجزائهم، وهو يعني: إعادة التئام ذرات الجسم واجتماعها بعد أن تفرقت واختلطت بالتراب، ثم رجوع الروح إلى الجسم مرة ثانية، وقد ورد ذكره في مواضع متعددة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم}.
وأوضح فضيلته خلال برنامج "الإمام الطيب" أن طائفة من الماديين والدهريين قديما وحديثا أنكروا البعث واستبعدوا -على اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم- إحياء الموتى، وبعثهم من قبورهم، ومحاسبتهم على ما قدمت أيديهم في الحياة الدنيا، وإنكار البعث نوع من الإلحاد، أو فرع من إنكار وجود الله وإنكار قدرته الشاملة، وهو أيضا نوع من قصر النظر واضطراب التفكير في معالجة الحقائق الكبرى، وليس في أيدي الماديين المنكرين للبعث أي دليل يطرحونه بين يدي إنكارهم هذا، اللهم إلا مجرد استبعاد أن تكون هناك «قدرة» تستطيع إعادة الحياة إلى أجساد تحللت ذراتها واختلطت بالتراب.
وأكد فضيلته أن الذي ينكر البعث هو الملحد الذي لا يؤمن بوجود الله ولا بعدله ولا بثوابه ولا بعقابه في الدار الآخرة، مشيرًا إلى أن المنكرين للبعث لهم شبهات كثيرة يمكن أن نوجزها في شبهتين أساسيتين، الأولى: استبعاد أن تتحول ذرات الجسد -بعد أن صارت ترابا- إلى إنسان سوي يسمع ويبصر ويعي ويعقل كما كان في الحياة الدنيا، وبعبارة موجزة: استبعاد أن تتحول المادة الترابية إلى كائن حي. والثانية: استبعاد إيجاد الشيء بعد عدمه؛ فالشيء إذا عدمت ذاته وفنيت فمن المستحيل -في نظرهم- أن يوجد مرة ثانية.
ويعتقد الماديون أن النفس الإنسانية تفنى بالموت، مثلها في ذلك مثل الجسد، فلا فرق -فيما يرون- بين النفس وبين الجسد في أن كلا منهما يفنى وينعدم بالموت، وهذه الشبهة مترتبة على أصل مغلوط في فلسفة الماديين؛ مؤداه أن الإنسان عبارة عن البدن المركب من الأعضاء المادية وليس أمرا آخر وراء ذلك، فإذا انعدمت الأعضاء انعدم الإنسان بكل أبعاده، ولم يبق هناك شيء يبعث أو يخلق خلقا جديدا بعد الموت: فذكر القرآن عنهم: {أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد}، وذكر عنهم القرآن كذلك قولهم: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}، فالماديون يحاولون تحكيم المحسوس في اللامحسوس وهذا ليس منطقا ولا منطقيا، يحاولون إقحام العلم في تفسير الغيبيات، وهذه هي مشكلة الملحد أنه يحكم ميزان المحسوسات في الغيبيات، مؤكدا فضيلته أن الإيمان بالله إذا غاب يضطرب العقل وتضطرب الدنيا، وهذا نجده في واقعنا المعاصر نراه فيما يحدث من كوارث للإنسان وللشعوب وللأرض وللفقراء ومن السطو المسلح والمقنن، وهذا إنما جاء لطغيان الإيمان بالمادة على الإيمان بالله
وأضاف فضيلته أن القرآن الكريم يعد حقيقة البعث من أوضح الحقائق التي تثبت بالوحي وبالعقل معا، وقد وصفه القرآن الكريم أكثر من مرة بأنه: {لا ريب فيه}، وأن المنكرين لا يستطيعون أن يقدموا حجة واحدة على إنكاره.
وتعجب فضيلته ممن ينكرون حقيقة البعث وينسون أو يتناسون أنهم جاءوا من العدم.
وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن القرآن الكريم نبه إلى أن الأحرى بالعقل الصحيح أن يصدق من أمر البعث أكثر مما يصدق من أمر النشأة الأولى؛ ذلك لأن النشأة الأولى يوجد فيها الإنسان من عدم تام لم يكن للإنسان فيه أدنى شائبة من ثبوت أو وجود، أما البعث فهو لا يزيد عن إعادة إنسان كان موجودا من قبل، ولا شك أن الذي يقدر على إخراج شيء من العدم المحض يقدر -من باب أولى- على إعادة هذا الشيء بعد عدمه.
الكلمات المتعلقة