الأقباط متحدون - أتمنى فى شهر محرم تحديد إجازة العيد
  • ٢٣:٥١
  • الاربعاء , ٣٠ مايو ٢٠١٨
English version

أتمنى فى شهر محرم تحديد إجازة العيد

مقالات مختارة | خالد منتصر

٣٦: ٠٧ ص +02:00 EET

الاربعاء ٣٠ مايو ٢٠١٨

خالد منتصر
خالد منتصر

أتمنى بصفتى مواطناً مصرياً أن أعرف وأنا فى شهر محرم متى سأحصل على إجازتى عيد الفطر والأضحى؟!، نفسى أجاوب على موظف شركة الطيران وأنا أحجز تذكرتى مثلاً لمؤتمر طبى تصادف ميعاده مع عيد الفطر أو لرحلة إجازة عيد الأضحى.. إلخ، نفسى أجاوبه عندما يقول لى حدد بالضبط ميعاد العيد لكى أحجز لك بناء عليها، نفسى أقول كلمة غير كلمة ماعرفش!!، نفسى فى سنة 1440 هجرية المقبلة يعرف الناس رمضان 1450 مثل باقى تقاويم الدنيا، كان نفسى ألا نتعرض مثلما حدث فى هذا الشهر لتلك البلبلة حين شاهد الناس بدراً فى تمام اكتماله ليلة 12 وشكوا فى صحة صيامهم!!، يا سادة البنوك والبورصة فى العالم تتعامل بالتقويم الميلادى، المؤتمرات الطبية والعلمية والاقتصادية المنتظمة على كل بقاع كوكب الأرض محددة بالشهر واليوم والساعة قبلها بسنين طبقاً للتقويم الميلادى ولا يمكن تحديدها قبلها حتى بشهر طبقاً للهجرى المشابه لمواعيدنا المصرية المضروبة (أقابلك بعد المغرب وأفوت عليك والشمس طالعة… إلخ).

لا أفهم سر تمسك البلاد الإسلامية بالتقويم الهجرى ورؤية الهلال وكأنها الفريضة السادسة فى الإسلام، مع أن الرؤية من الممكن أن تكون إدراكاً بمعنى أوسع من مجرد النظر المباشر، إن التقويم الهجرى ابن زمانه وبيئته ومثل أى تجربة إذا ثبت فشلها نغيرها ونبدلها ونستغنى عنها فى هدوء دون أن يتم تكفيرنا أو اتهامنا بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، كنت أتمنى فى يوم من الأيام أن يكون لدىّ أجندة هجرية مثل الأجندة الميلادية، فيها كل مواعيد الشهور الهجرية بالضبط وبالتمام والكمال بدلاً من تركنا للتخمينات والاستطلاعات، والسعودية قالت كذا، لأ ليبيا صامت النهارده، لأ إيران حتصوم بكرة… إلى آخر هذه التخبطات التى يحسمها الحساب الفلكى بكل بساطة، ويجعلنا نعرف رمضان بعد قرن من الزمان، ميعاده بالتحديد وظهور هلاله بالتأكيد، ويجعلنا نعرف العيد وميعاد الحج وبداية السنة الهجرية بعد ألف سنة وفى أى بلد مهما قرب أو بعد.

نحن الآن يا سادة نعتمد على مواقيت الصلاة بالحسابات الرياضية والفلكية، ولم نعد نرى مثلاً شخصاً يعتمد فى صلاة العصر على أن يرى ظل كل شىء مثله، أو يراقب مغيب الشفق الأحمر حتى يصلى المغرب!! كل مسلم الآن يحدد وقت الصلاة بالساعة أو بالموبايل أو بمشاهدة نتيجة الحائط، لا أعرف اشمعنى بدايات ونهايات الشهور هى التى ما زلنا نتمسك بهلالها وقمرها وبدرها!!، يا معشر المسلمين السفن الفضائية صارت تسير فى الفضاء ملايين الأميال، وتهبط على هدفها بالثانية زمنياً وبالسنتيمتر مكانياً بمجرد الحسابات الرياضية الدقيقة، هناك كواكب ومجرات وتوابع تم اكتشافها ومعرفتها أولاً بالحسابات الرياضية الفلكية قبل رؤيتها بالتليسكوب!!، هناك مراصد عملاقة تستكشف الكون، وأقمار صناعية جبارة تسجل الهمسة والسكنة فى فضاء هذا العالم، كل هذا لا يكفينا نحن المسلمين لكى نقتنع بأن الحسابات الرياضية والأجهزة الفلكية تتفوق دقتها على رؤية العين التى تخدع أحياناً وترى السرابَ حقيقةً، وأن أفضلية التقويم الميلادى على الهجرى ليست أفضلية دين على دين أبداً.

وعلى فكرة التقويم الشمسى فكرة مصرية فرعونية أساساً اقتبسها وطورها الرومان، أقول هذا حتى لا يخرج علينا سلفيو الهوى باتهام وصراخ تباً لكم تريدون تقويماً صليبياً يا كفرة!!! القضية ليست قضية تقويم هجرى أو هلال رمضان وانتظارنا للمفتى مساء أمام التليفزيون لإعلان النتيجة وكأننا ننتظر نتيجة القرعة، لكنها قضية احترام كلمة العلم، واحترام العقل، وعدم الخضوع للتفسيرات الحرفية للنصوص، وجعل الفكر رحباً ومرناً أمام تغيرات الدنيا وتطورات الكون، القضية ليست قضية نتيجة حائط هجرية دقيقة، لكنها قضية اتباع نظام وعدم عشوائية، فمن لا يعرف هل غداً رمضان أم لا، يتبرمج عقله على تفكير الصدفة والعشوائية وكراهية العلم، ذلك لأن العلم يحاول أن يفهم ظواهر الكون التى كان من قبل ظهوره يفسرها بقانون الصدفة أو يحيلها ويلصقها بقوى خارجية، بل يتعدى العلم محاولة فهم هذه الظواهر إلى محاولة التحكم فيها وتسييرها لصالح الإنسان، فقد كان يخاف من الرياح ويجعلها إلهاً، ثم عندما فهمها تحكم فيها واستفاد منها ولم يستسلم إليها، من يستطيع أن يحدد إجازته بعد شهر ويحجز تذكرته بناءً على الشهر الميلادى هو إنسان محدد التفكير، لكن من يقول لك أنا لا أستطيع حجز التذكرة، لأننى لا أعرف ميعاد العيد هو إنسان محدود التفكير، لن يستطيع الانطلاق إلى حدود الحلم وشواطئ التقدم، مواعيد طائرات وحجز فيزا وتذاكر مباريات ومسارح ومواعيد إجازات..إلى آخر كل هذه الأنشطة يعرفها المواطنون فى بلاد الدنيا قبلها بسنة وبالدقيقة والثانية، لكن يعرفها طبقاً لنتيجة الحائط المعتمدة على التقويم الجريجورى وليس التقويم الهجرى، البعض غاضب لأننا نحن المسلمين لا نستخدم التقويم الهجرى ويتهموننا بإهدار الهوية وفقدانها، ولكن أيها الغاضبون، قفوا مع أنفسكم لمجرد دقائق واعترفوا بأن تقويمكم الهجرى بهذه الطريقة العشوائية لا يمكن الاعتماد عليه فى أى نشاط اقتصادى أو اجتماعى أو إنسانى عادى، لا بد أن تسألوا أنفسكم هل هو تاريخ هجرى أم هجرة من التاريخ؟ عندما تقررون الهجرة من التاريخ والحضارة سيلفظكم التاريخ وتخاصمكم الحضارة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع