الأقباط متحدون - لا وجود لهذا الاختلاف!
  • ١٣:٥٩
  • الثلاثاء , ٢٩ مايو ٢٠١٨
English version

لا وجود لهذا الاختلاف!

مقالات مختارة | بقلم : زاهي حواس

١٥: ٠٧ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٨

زاهي حواس
زاهي حواس

 فى البداية، أود أن أوضح للدكتور يحيى طراف نقطة مهمة للغاية، وهى أنه على الرغم من أن القوانين الدولية قد تعطى الحق الكامل للدول فى امتلاك الآثار الموجودة والمعروضة فى متاحفها، وذلك إذا كانت قد خرجت من بلادها الأصلية بالطرق القانونية، فإن هذا لا ينفى حق الدول الأصلية المنتجة لهذه الآثار الثقافية فى الاعتراض على ما يحدث لآثارها التى تعد ملكًا لها وللإنسانية جمعاء، ومن حق الدول صاحبة هذه الآثار أن تعرض آثارها وفقًا لسياقها التاريخى والأثرى، وألا تتعارض طرق عرضها مع الرسالة الثقافية والفنية التى أبدعها قومها من أجلها.

وأحب أن أضيف فى هذا الصدد أننى قد أعلنت من قبل، عندما كنت الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى مصر، أن وجود آثار مصرية على أرض أجنبية لا يعنى أنها ملكٌ لهم فقط يفعلون بها ما يحلو لهم، وأنه لنا كل الحق فى الحفاظ والدفاع عن آثارنا لديهم إذا حدث لها ما يشين. وأذكر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، مثالاً واضحًا مهمًا جدًا فى هذا الأمر، وهو عندما قام ديتريش فلدونج، مدير المتحف المصرى ببرلين، بتكليف فنان بعمل جسم لامرأة، وحاول بعد ذلك بحركة مسرحية وضع رأس الملكة نفرتيتى عليه، وهو تصور حديث للملكة الجميلة. على الفور، قمت بوقف هذه المهزلة تمامًا. ووقف معى المجتمع الدولى بالكامل.

 
واتفقت معى رئيس قسم الآثار المصرية فى متحف بروكلين فى الولايات المتحدة الأمريكية بأن فلدونج ليس من حقه إهانة الآثار المصرية بهذه الطريقة الفجة. ولذلك فإننى أعتقد أن ما قام به نيل سبنسر، أمين قسم المصريات فى المتحف البريطانى، هو إهانة صريحة للآثار المصرية حين قام بالتجرؤ ووضع هذا الحذاء أمام تمثال الملك رمسيس الثانى العظيم.
 
أما بالنسبة لموضوع تمثال شامبليون الذى تعرضه فرنسا فى ساحة أكبر جامعة «الكوليدج دى فرانس»، وهو يطأ بحذائه رأس ملك مصر الملك تحتمس الثالث، وأننى لم أفعل شيئًا تجاه هذا الأمر عندما كنت أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للآثار، فأود أن أشير إلى أننى لم أعلم شيئًا عن تمثال شامبليون إلا بعد أن تركت الآثار، وعندما عرفت كتبت مقالاً ��د هذا الموضوع، بل وقعت على نداء أرسله المثقفون إلى السفير الفرنسى فى مصر اعتراضًا على هذا السلوك غير المتحضر تجاه ملك مصرى عظيم. وأود أن أوضح أننى كنت دائم الحرص على الحفاظ على الآثار المصرية فى الخارج.
 
وأذكر فى هذا الصدد أنه عندما قام متحف اللوفر بشراء عدد من القطع الأثرية المسروقة من مقبرة من الأقصر، قمت على الفور بإيقاف عمل بعثة اللوفر فى سقارة. ووصل الأمر إلى أن تدخل الرئيس الفرنسى آنذاك ساركوزى. ولم تعاود تلك البعثة عملها فى مصر إلا بعد أن أعادت الآثار المسروقة إلى مصر. ولو كنت مسؤولاً عن الآثار فى مصر الآن لقمت على الفور بإيقاف عمل كل البعثات الأثرية الفرنسية فى مصر اعتراضًا على هذا التمثال الذى يهين أعظم فراعنة مصر قاطبة، بل يهين كل المصريين عبر الأزمان. وأنتهز هذه الفرصة لتوجيه نداء للدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، كى يدعو اللجنة الدائمة للآثار المصرية للانعقاد لإرسال إنذار عاجل إلى الحكومة الفرنسية لإزالة هذا التمثال على الفور.
 
وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من المتاحف التى فى الحقيقة تعرض الآثار المصرية بمنتهى الاحترام والتقدير وبطريقة حضارية لائقة وتضعها فى موضعها الصحيح الذى يليق بها. وهناك العديد من المتاحف التى تعاونت معنا فى إعادة العديد من الآثار المصرية المسروقة إلى الوطن الأم: مصر. وأذكر منها متحف المتروبوليتان فى نيويورك فى عهد رئيسة قسم المصريات السابقة، دورثيا أرنولد، التى قامت بإعادة 23 قطعة أثرية من متحفها كانت مسروقة من مجموعة الفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون. وهنا أرفع صوتى متسائلاً: «ما المطلوب منا نحن المثقفين المصريين؟! أن نصمت عندما تتم إهانة حضارتنا؟!». والإجابة بالطبع لا. وأؤكد أننا لن نصمت أبدًا عندما تتعرض حضارتنا لأى إهانة فى الداخل أو فى الخارج، لأننا حراس الحضارة وأبناء هذه الأمة الغيورون عليها مادام فى الجسد نَفَس. وأكرر ثانيةً، إن هذا التصرف المشين بوضع هذا الحذاء أمام تمثال ملك الملوك الملك العظيم رمسيس الثانى مرفوض جملةً وتفصيلاً.
 
وأؤكد أن هذا التكريم ليس فى محله إطلاقًا، وهو أمر غير مقبول على أى نحو من الأنحاء من أى مصرى أو أجنبى.
 
ومن الجدير بلفت الانتباه أن الدكتور طراف لم يتعرض فى مقاله إلى رأيه صراحة فى موضوع وضع هذا الحذاء بالمتحف، بل صادر على حقنا فى الدفاع عن آثارنا التى خدمناها طوال عمرنا ودافعنا عنها بكل ما أوتينا من قوة. ونظرًا لأنه أشار إلى تمثال شامبليون، وأننى لم أتخذ تجاهه موقفًا، وكما أوضحت آنفًا، فإننى ومن هذا المنبر سوف أقود مجموعة كبيرة من المثقفين مرة أخرى حتى تتم إزالة هذا التمثال من ساحة هذه الجامعة الفرنسية، وحتى يتم احترام آثارنا المصرية العظيمة فى كل مكان فى العالم.
 
وفى النهاية، أؤكد مدى سعادتى الكبيرة برد الدكتور طراف، غير أننى سعيد جدًا أيضًا بالردود والمكالمات المؤ��دة لى والرافضة وضع حذاء محمد صلاح بين آثارنا المصرية العظيمة فى المتحف البريطانى فى لندن!.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع