الأقباط متحدون - الشباب والاحتياجات (1): الاختلاف أساسى للجسد الصحيح
  • ٠٦:٢٤
  • الاثنين , ٢٨ مايو ٢٠١٨
English version

الشباب والاحتياجات (1): الاختلاف أساسى للجسد الصحيح

مقالات مختارة | الأنبا موسى

٥٣: ٠٧ م +02:00 EET

الاثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨

الأنبا موسى
الأنبا موسى

فى أعماق الإنسان إحتياجات أساسية يصعب أن يحيا سعيدًا دون إشباعها بأسلوب سليم، وهذه بعضها:
1- الحاجة إلى الحب.

2- الحاجة إلى الآخر.

3- الحاجة إلى الأمن.

4- الحاجة إلى الانتماء.

5- الحاجة إلى اللانهائية.

6- الحاجة إلى المشاركة.

7- الحاجة إلى المعنى.

8- الحاجة إلى المرجع.

9- الحاجة إلى الإبداع. 10- الحاجة إلى التفرد.

1- الحاجة إلى الحب:
فالإنسان كائن اجتماعى لا يستطيع أن يعيش فى جزيرة معزولة من الأنانية والوحشية الداخلية، بل يريد الإنسان أن يكون محبًا ومحبوبًا. وفى أعماق كل منا طاقة عاطفية ضخمة، اكتسبها الإنسان من خلال انفعالات الحياة اليومية، فهذا يحب ذاك، والثانى يحب الفضيلة والثالث يحب المال.. إلخ. هذه كلها عواطف تتجه نحو أشخاص أو أشياء أو قيم، وتختلف من إنسان لآخر حسب ما يقابل فى حياته، وحسب تكوينه الروحى، فالإنسان المتدين يحب الجميع (الأشخاص)، ويحب الفضيلة (القيم)، ويكره الرذيلة (الخطايا والشهوات)..

ومن خلال هذه التفاعلات الوجدانية، يحقق الإنسان رؤيته للحياة، ومبادئه التى يعتنقها عن قناعة. ومن هنا لا يحدث له اغتراب عن النفس، بل رضى وسعادة حقيقية.

أما إذا عاش الإنسان بعيدًا عن الله، فسوف تتحكم فيه الانفعالات الخاطئة، والشهوات المختلفة التى تعطل عمل كلام الله، فيعيش كارهًا للغير، محبًا لذاته وللذاته، فيحيا بالغربة، وينعزل داخليًا عن مجتمعه.

2- الحاجة إلى الآخر:
الإنسان السوى، إنسان اجتماعى، يرى فى الآخرين أعضاء متفاعلة فى الجسد الإنسانى الواحد. والإنسان المتدين يرى فى إخوته أعضاء مكمّلة فى جسد المجتمع. لهذا فالإنسان السوى ليست لديه غيرة من الآخرين، إذا ما رأى فيهم نجاحات إنسانية أو دينية، ولا «يحسد» غيره لتفوقه أو لاقتنائه طاقات ليست له، ولا «يخاصم» أصدقاء لمجرد الأنانية والذاتية، بل هو يرى فى الآخر مكملاً له، ورفيقًا فى الطريق، وصديقًا للعمر.

وكما أن «الاختلاف» أساسى للجسد، إذ يستحيل أن يكون الجسد مجموعة متكررة من عضو واحد، كذلك فالإنسان السليم نفسيًا واجتماعيًا وروحيًا، يرى فى «الاختلاف» (وليس الخلاف) مع إخوته، شيئًا أساسيًا لسير الحياة وتكامل الوظائف.

لا حياة بدون «تنوع» و«اختلاف»، سواء فى الإمكانيات، أو الوظائف، أو العطايا الإلهية، المهم ألا يتحول «الاختلاف» إلى «خلاف وخصام وانشقاق» يدمر الجسد كله..

والإنسان الذى يحيا بالتوافق مع الآخرين، هو إنسان سوى نفسيًا واجتماعيًا وروحيًا، لا يحيا بالاغتراب عن النفس، لأنه يجد نفسه فى وظيفته ودوره، وتفاعله مع الآخرين.

3- الحاجة إلى الأمن:
يستحيل أن يحقق الإنسان ذاته وهو خائف مرتعد.. فالخوف يشل الطاقات الكامنة فى حياة الإنسان، بينما الأمان النفسى يعطيها فرصة الظهور والانطلاق. المهم أن يكون استخدام هذه الطاقات، لخير الجماعة كلها، وليس لحب الظهور، وطلب المديح والمجد الباطل. والمهم أن يكون الهدف هو مجد الله، الصاحب الحقيقى لهذه الطاقات، والمعطى إياها للإنسان!. أما أن يعيش الإنسان خائفًا مذعورًا بسبب قيادة طاغية، أو جماعة لا تعطيه فرصة الإسهام، أو سيادة نزعات الشهوة والأنانية على الوسط المحيط.. إلخ. فهذا لن يسمح للإنسان بأن يحقق نفسه، بل سيرمى به فى قاع سحيق من السخط والتذمر والشلل، وبالتالى سيحيا عذاب الاغتراب عن النفس، لأنه لم يستطع تحقيق نوعيته الخاصة، وإظهار ما فى أعماقه من عطايا إلهية، لخير المجتمع كله. ويستمر حديثنا إن شاء الله .

*الأسقف العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع