الأقباط متحدون | هي الحداية بتحدف كتاكيت؟!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٣٢ | الجمعة ١٧ يونيو ٢٠١١ | ١٠ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٢٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هي الحداية بتحدف كتاكيت؟!!

الجمعة ١٧ يونيو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القس أيمن لويس
كنت قد قلت هذه العبارة عندما تم المطالبة بإصدار قانون موحَّد لدور العبادة من خيرة المثقفين أصحاب النفوس المشفية والعقول المفكرة والضمائر الحرة، الذين يطلقون عليهم إما علمانيين أو ليبراليين. وكان ذلك في الأشهر الأخيرة من النظام السابق الفاسد، بعد تصاعد العنف ضد الأقباط، بداية من مذبحة "نجع حمادي" ثم موقعة "العمرانية" فمحرقة كنيسة "القديسين". وتوقعت أن ما يُدار بهذا الشأن ما هو إلا حيلة بهدف امتصاص موجة الغضب، ونصحت المسيحيين بعدم تصديق هذا الخداع وقلت.. "الحداية مبتحدف كتاكيت".

وبالفعل بعدما هدأت أيام الحداد بعد محرقة "الإسكندرية"، خرج علينا أصحاب الوجوه الكريهة من أقطاب النظام السابق في وسائل الإعلام ينفون هذه الأقاويل. وقال وزير الشئون القانونية في ذلك الوقت إننا لا نحتاج لقانون لهذا الأمر، بالفعل لدينا قانون ينظم هذا الأمر- طبعًا يقصد الخط الهمايوني الذي تم إصداره منذ قرنين من الزمان وتم له العديد من الإضافات والتعديلات بقصد مزيد من التعقيدات!!- ثم حدثت الثورة، وخرج بعدها الغل الكامن في الصدور، وتم التلكيك والتزرع ببعض الحجج مثل قصة "كاميليا" ثم "صول" وبعدها "عبير، وكان البركان من حرق وهدم وقتل، فتجدَّد الحديث عن موضوع قانون دور العبادة الموحد.

صدقوني وضعت يدى على قلبي وقلت.. يا خوفي من القانون ده!!! ورغم أن كثيرين اعتبروه بشرى، إلا أنني كنت أطفئ بهجتهم بتوجساتي وظنوني غير الإيجابية، وإنني لا أنتظر من الأمر خيرًا!!! فبدأ البعض يرمقني بنظرة تعني أنني سوداوي الشخصية وسلبي الإتجاه، والحقيقة أنا لست ذلك، فقط لديَّ أسانيدي من واقع دراسة تحليلية. وإليكم مبرراتي لهذا الرأي وهذا الظن:

أولًا- الإفراز الثقافي: فمنذ قيام ثورة 23 يوليو من القرن الماضي، والعربة تسير في إتجاه تيار الإسلام السياسي وأسلمة المجتمع، وإن كان أصابها العطب أحيانًا لأسباب سياسية، إلا أنها نجحت في المسير والتعافي. إذًا فنحن أمام حصاد عقود ماضية من سياسات الفساد والتطرف نتج عنها أجيال لم تعد ترى الفساد فسادًا ولا التطرف تطرفًا، إنه تلوث فكري وتشوُّه عقلي أفرز مجتمعًا سقيمًا يرجع للوراء ويرفض التعايش مع منظومة الحداثة، إنه يعيش حالة من الرفض، رفض الذات والآخر، أوله ديني وليس له آخر، رفض لأي نوع من الاختلاف.

ثانيًا- المناخ العام: إننا نعيش أعلى درجات الاحتقان الطائفي، وهي السمة الغالبة للسواد الأعظم من المجتمع، إلا نفر قليل نجوا من هذا الوباء. فرغم كل التهوين الإعلامي لمحاولة حفظ نسيج الوحدة، إلا أن الحقيقة والواقع أن هناك حالة تحفز تصل لمرحلة التلكيك للقفز على الآخر، حيث يرى معظم المسلمين من طبقة متوسطي الثقافة والأميين- وهم النسبة الأكثر في المجتمع- ما ردَّده شيوخ الفضائيات في الأيام الماضية من أن المسيحي يُعامل بنوع من التميز من قِبل النظام! بل ويرى البعض أن حقوق المسلم مهدرَة مقارنةً بما يحصل عليه القبطي من امتيازات وتدليل! وأن القائمين على النظم السياسية يخضعون لضغوط خارجية بما يسمونها الدول المسيحية، حيث أن العالم لديهم لا يصنَّف إلا على مستوى الأديان. ورغم أن هذا مضحك، إلا أن هناك الكثير من مثل هذه الأفكار الفاسدة هي مصدر اعتقاد وقناعة كثيرين، بل وهناك من يرى من الشيوخ أقطاب الفكر الإسلامي الحالي أن المسيحيين ليسوا في حاجة لبناء مزيد من الكنائس، ومطالبتهم في هذا الشأن ما هو إلا تجبُّر واستقواء!!

ثالثًا- الرسائل العسكرية الملغومة: فمنذ قيام ثورة 25 يناير، وصلتنا نحن المسيحيين بكل صراحة عدة رسائل، اسمحوا لى إن قلت أنها رسائل ملغومة غير مطمئنة، أصابتنا بالإحباط والقلق مما هو قادم. فقد استهل المجلس العسكري ولايته باستجداء الإخوان للإنضمام للحوار المجتمعي، بعد الاعتراف بهم رسميًا والاحتفاء بهم في كل وسائل الإعلام، وهم الذين عاشوا قرابة قرن من الزمان يحلمون فقط بحسن المعاملة، وكان المشهد العجيب أن الإخوان يتمنعون ويتعززون طبعًا سياسة لفرض الشروط، كما رأينا المجلس يتعامل مع السلفيين بكل التساهل والطيبة رغم ما ارتكبوه من عنف بيِّن تجاه الأقباط، ثم جاءت التعديلات الدستورية ليتم تنحية اللجنة المشكلة بقيادة "يحيي الجمل" ذات الميول المعتدلة، ليتم تشكيل لجنة بقيادة "طارق البشري" ذات التوجه الإسلامى الإخواني في تأكيد دعمهم لتمكين التيار الإسلامي، والذي أكَّده فيما بعد مشهد موقعة الصناديق الشهيرة التي قسَّمت المجتمع لنعم للإسلام ولا للمسيحية! ويكمل المجلس فى ذات التيار بكل إصرار ليكون البرلمان قبل كل شئ، مع العلم الواضح أنه قد تم تهيئة كل الظروف ليكون برلمانًا ذو توجُّه وصبغة إسلامية. في المقابل تم إظهار العين الحمراء للمثقفين والمفكرين وغيرهم من الذين يتطاولون بالنقد والتحليل، لتكون الرسالة أن المسئولين والسلطة تريد التيار الديني! مع تقديم وافر الشكر للثورة وشباب الثورة، فقد أدو دورهم.. إلى هنا انتهى سقف حدود الثورة ولا يجب تعديه، بالإضافة للتودد لدول عربية خليجية معروف عنها كرهها لنموذج التسامح الديني المصري، ومعروف عنها دعمها الكامل لهذا التوجًّه.

من خلال هذه الخلفية كان عدم شعوري بالارتياح والتفائل بخبر إصدار قانون دور العبادة الموحد، وأعتقد إنني نجحت إلى حد كبير في قراءة المشهد ونتائج التحليل، فقد خرج القانون، وها هو يواجه الانتقادات والرفض من كل صوب وحدب، بكل صدق وأمانة كانت سعادتي أكثر لو خابت توقعاتي وظنوني، ولكن كان من الطبيعي والمنطقي أن نتوقَّع أن الأجيال التي نشأت وترعرعت في هذه الثقافة التي ذكرناها، والتي خلقت هذا المناخ الذي نعيش فيه، من الصعب عليها صياغة قانون يقدم الحيادية والمساواة. إن الخلفية التي تحدثنا عنها خلقت أجيالًا لا يمكن أن ترضى ولا تقبل الحيادية والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، فنحن نعيش حالة من عدم وجود منطق الإنصاف، بل أن ازدواجية المعايير جزء من تحقيق العدالة! ولدعم ما أقول أستأذنكم بعرض بعض مما قرأت خلال الأيام الماضية، فإننا نجد أن المسئولين والسياسيين وأصحاب التيار الإسلامي يستخدمون كلمة الأقلية على المسيحيين أحيانًا وتثيرهم وتستفزهم ويرفضونها بشدة أحيانًا أخرى! فعندما نتحدَّث عن دور العبادة أو مطالبة المسيحيين بنصيبهم في الحياة السياسية والمناصب وكمال حقوق المواطنة، يقولون على الأقلية أن تراعي حقوق الأغلبية. وعندما يطالب المسيحيون بكوتة أو التلويح بحقوق الأقليات الدولية، يرفضون وصف المسيحيين بالأقلية، مؤكِّدين أنهم جزء من النسيج الوطني، ليبقى موقف المسيحيين معلقًا بين اعتبارهم أقلية من عدمه بحسب الطلب وكما يروق لكل فريق بحسب خدمة أهدافه!!

أما عن تصريحات التيارات الإسلامية في أعقاب إعلان بنود القانون فحدِّث ولا حرج، ها هو الشيخ "عبد الآخر حماد"، مفتي الجماعة الإسلامية، يصرِّح "إن الصياغة الحالية للقانون مجحفة بحق الأغلبية المسلمة، لأنها لا تراعي وزنها النسبي بحجم السكان". وصرَّح السلفيون إنه انحياز سافر للأقباط، قائلين: "لقد تحوَّلت مصر من بلد الألف مئذنة لبلد المئة ألف كنيسة"!!!!. أما الإخوان ففتواهم معروفة، إنه لا يجوز بناء مثل هذه الأشياء في بلاد المسلمين، واعتبر المحامي "ممدوح إسماعيل" أن هذا القانون المقترح إن تم، هو عبارة عن أحزمة متفجرة لمزيد من الاحتقان، وتساءل: "كيف يتم المساواة بين المسلمين والمسيحيين؟ وبين المسجد والكنيسة؟!!". وأضاف: "المسيحيون فقط أربعة مليون، فكيف يطلبون المساواة؟! إن هذا ضد العدالة واستمرار لفرض الكنيسة سلتطها على الدولة لإصدار قوانين تثير مشاعر المسلمين". أما الشيخ "وجدي غنيم"، فقد قال "الأقباط ركبوا ودلدلوا أرجلهم".

ورغم أن القانون المقترح لا يقدِّم أي إنصاف للمسيحيين بل يزيد الأمور تعقيدًا، ماذا كان يحدث لو كان القانون قدَّم حلًا منصفًا للمسيحيين؟! كما أعتقد أن القانون المقترح إن تم تنفيذه يعطي مساحة للتحيز لصالح فريق دون الآخر، وفقًا للهوى وحسب الإتجاه الشعبي..

وأخيرًا، من الخطأ اختزال مشاكل الأقباط في مسألة دور العبادة، ولكنها جزئية هامة من بقية المطالب، وتحقيقه مؤشِّر يبعث على التفائل إنه قد بدأ طريق الإصلاح، والرب يشفي النفوس السقيمة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :