الأقباط متحدون - المفتي يكشف أسباب ابتعاد الجماعات المتطرفة عن المنهج الوسطي للإسلام
  • ٠٠:٥٦
  • الأحد , ٢٠ مايو ٢٠١٨
English version

المفتي يكشف أسباب ابتعاد الجماعات المتطرفة عن المنهج الوسطي للإسلام

محرر المتحدون ا.م

برامج دينية

٢٢: ١٠ ص +02:00 EET

الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٨

المفتي
المفتي
- فقهاء الإسلام منذ قديم الزمان قعَّدوا لقواعد الحرب، ومنها أن الحرب تكون بيد ولي الأمر، وليس بيد مجموعة من الناس.
 
 
كتب – محرر الأقباط متحدون أ. م
 
قال د. شوقي علام مفتي الجمهورية: "إنَّ من أسباب ابتعاد الجماعات المتطرفة عن المنهج الوسطي للإسلام الفصلَ بين الشكل والجوهر".
 
جاء ذلك في الحوار اليومي الرمضاني في برنامج "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" ويقدِّمه الإعلامي شريف فؤاد، مؤكدًا على أن فصل بعض الجماعات بين الشكل والجوهر ليس وليد اللحظة، بل هو أمر قديم حدث على عهد النبي الكريم من بعض المنافقين الذين أساءوا إلى النبي الخاتم الأمين، فَقَد قالَ أحدهم للنبي وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْدِلْ. فَقَالَ: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟!» وهذا إنما نتج من عدم تمركز الإيمان في نفوسهم وعدم وقره في قلوبِهم.
 
وأضاف المفتي أن هذا الخلل المتمثل في الانفصام بين الشكل والجوهر إنما ينتج من اتِّخاذ التبريرات الفاسدة والتأويلات الخاطئة وَهُمْ في حالة وَهْمٍ أنهم هُمُ المصلحون وغيرهم هُمُ المفسدون.
 
ولفت فضيلته إلى أن الأحاديث المروية في صفات الخوارج تصل لحد التواتر وهي ما تنطبق تمامًا على المجموعات الإرهابية التي تعيث في الأرض فسادًا في العصر الحاضر؛ فالاهتمام بالمظهر دون الجوهر هو أمر بارز وحاضر عند كلٍّ من المجموعات القديمة كالخوارج والمجموعات الإرهابية المعاصرة.
 
وأوضح فضيلة المفتي أن ما دفع هؤلاء الخوارج إلى أن يفهموا هذا الفهم الخاطئ وأن يظهروا بهذه الصورة؛ أسبابٌ متعددةٌ ومتشعبة، منها: سعيهم إلى تحقيق مآرب خاصة لهم، فضلًا عن غياب المنهج الوسطي عنهم لضيق أفقهم، وهو ما ينطبق عليهم وصف رسول الله «حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ» بسبب عدم تلقِّيهم العلم كابرًا عن كابر، وإنما اتَّخذوا قشورًا فهموها على غير وجهها.
 
وعن اغترار هؤلاء الإرهابيين وبعض الناس بكثرة عبادتهم من صلاة وقراءة للقرآن فقد فنَّد فضيلته هذا الادِّعاء بأن النبي قد نبَّهنا إلى ذلك بقوله في وصفهم: «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مَعَ صَلاتِهِمْ، أَوْ صِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، أَوْ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ. يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَلا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ». وصدق الصادق المصدوق؛ فهو أمر مُلاحظ في تصرفاتهم، لم تُفِدْهم أعمالهم ولم تُفِدْ غيرَهم، فلم ترتقِ مشاعرهم، ولم تتحسن أخلاقهم، بل أصبحوا أجسادًا بلا روح.
 
وأضاف فضيلته أن المجموعات الإرهابية أخطأت وأخلَّت بقواعد الفهم الصحيح فيما يتعلق بالقرآن الكريم وسنة رسول الله والمقاصد الشرعية والسيرة النبوية، فأخذوا منها بعض المواقف وفهموها فهمًا مغلوطًا ورتبوا عليها نتائج كارثية، فلم يدركوا أن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى قواعد اللغة العربية وإلى دلالات الألفاظ، وإلى معرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغًة وشرعًا وعرفًا.
 
وتابع فضيلته: "إن هؤلاء الإرهابيين فهموا بعض آيات القرآن الكريم فهمًا خاطئًا ونزعوها من سياقها ولم يعولوا في الحقيقة على الظروف التي قيلت فيها ولا حتى ما جاء بعدها ولا ما قبلها ولا مسلك سيدنا رسول الله، وهذه أمور ضرورية في فهم النص الشرعي".
 
وأشار فضيلته إلى أن التدين الشكلي ينعكس بدوره على الفهم الخاطئ للأدلة الشرعية كحديث «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ …». مضيفًا: "إن النبي هو المخاطب هنا، فلم يأتِ بلفظ أُمرنا، أو أَمرتكم حتى لا ينسحب الأمرُ على الأفراد أو الأمة، وكأن النبي يقعِّد قاعدة وهي أن أمر الحرب، وهو شأن من شئون الدولة بلا ريب، ليس بيد أحد وإنما بيد الإمام أو الخليفة أو بيد الدولة في معناها المعاصر.
 
وأضاف فضيلته: "وإذا كان الأمر بسيطًا في الزمن الماضي في وقته حيث كان يحتاج إلى استشارات موجزة وقليلة، فالأمر الآن يحتاج إلى أجهزة كثيرة يمكن أن تعاون الدولة في اتِّخاذ القرار، وهو أمر مفقود عند الآحاد أو عند هذه المجموعات الإرهابية، ومن ثم لزم أن يكون بيد الدولة وحدها، وهو أمر واضح في مسيرة الفقه الإسلامي والمسيرة الاجتهادية على مر الزمان؛ فقد اتفق الفقهاء على أن الجهاد لا يكون إلا تحت راية.
 
وختم فضيلته حواره بالترسيخ لقاعدة مهمة من قواعد فهم الخطاب الشرعي ردًّا على من يتساءل: إذا كان الخطاب في "أُمرت" هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف نعطي الأمر للدولة؟ فقال: إن ولاة الأمور تشترك مع رسول الله في هذا الخطاب كما في قوله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:103] ففي قوله: {خُذْ} دليل على أن الخطاب هنا وإن كان للرسول لفظًا فهو لولاة الأمور من بعده معنًى، فهم مخاطبون شرعًا بتحصيل الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية المحددة.
 
الكلمات المتعلقة