ماذا يريد الاقباط؟
طوال السنوات الاربعة الاخيرة بقي قانون دور العبادة الموحد على رأس مطالب اقباط مصر واخرهم المعتصمين امام مبنى ماسبيرو الذين لم يقبلوا فض اعتصامهم الا بعدما وعدت حكومة عصام شرف باقرار قانوني تجريم التمييز ودور العبادة الموحد، لكن المفارقة انه بعد استجابة الحكومة تحول نفر من النخب القبطية للهجوم على القانون والتحذير من صدوره قبل الحصول على موافقة الكنيسة عليه، وقبل تنقيته من بعض المواد التي لا ترضيهم وهي حالة اراها امتدادا لحالة الدلع التي تعيشها الكنيسة في مصر منذ عهد الرئيس الاسبق انور السادات.
رفض الاقباط للقانون الذي يفترض به ان يساوي في الحقوق والواجبات بين دور العبادة الاسلامية والمسيحية وفقا للمعايير الدولية لحقوق الانسان التي اقرتها الامم المتحدة لم يكن مفاجئا لي وانما على العكس كان الحاحهم على صدوره هو المفاجيء.. فالمشكلة الوحيدة التي يعانون منها حاليا هي الاجراءات الطويلة والمعقدة لبناء كنائس، وفي مقابل ذلك تتمتع الكنيسة الاثوذكسية بحرية مطلقة وغير مراقبة في ادارة الكنائس التابعة لها بعكس المساجد مثلا، وهو وضع سيلغيه القانون الجديد الذي سيخضع الكنائس والأديرة إلي هيئة الأوقاف القبطية التي يجب ان تتسلم مسؤولية الكنائس والأديرة وفقا للقانون ومثلما هو حال المساجد، وهذه الهيئة تابعة لوزير الأوقاف، وفي هذه الحالة سترفع يد البابا شنودة عن كل ما يتعلق بالكنائس.
كذلك سوف يمنح القانون الجهاز المركزي للمحاسبات حق مراقبة أموال دور العبادة المسيحية، لأنها أموال عامة حتى وان كان مصدرها التبرعات علما بأن اغلب المساجد التي بنيت في مصر خلال العقود الاربعة الاخيرة كانت باموال التبرعات ومع ذلك تخضع تلك المساجد لرقابة الدولة اداريا وماليا، والامر الثالث ان وزارة التضامن سيكون لها حق الاشراف على الهيئات والجمعيات التابعة للكنائس (مثلما تشرف الان على الهيئات التابعة للمساجد)، وبموجب هذا من حق الوزارة أن تعين مجالس إدارات هذه الهيئات والجمعيات، ومن حقها أيضا أن تعزلها دون ان تستطيع الكنيسة أن ترفض أو تعترض.
باختصار فان القانون سيكون مأزقا للكنيسة وليس مخرجا لها لها وهو امر ادركته النخبة القبطية فبدأت تشن حملة اعلامية ضد القانون.. مرة بحجة ان الكنيسة لم تستشر فيه متجاهلين ان الحكومة لم تستشر فيه الازهر.. ومرة آخرى بدعوى أن القانون لن يأتي وفقا لما يطالب به الأقباط لأنه سيكون مشروطا بشروط التيار السلفي الأقرب لمتخذي القرار كما حدث في لجنة تعديل الدستور ولجان الحوار الوطني.!! (الكاتب كمال زاخر- موقع الاقباط متحدون 25 مايو 2011)
وهكذا يمكننا استنتاج ان مشكلة النخب القبطية ليست في عدم الشعور بالمواطنة الكاملة كما يقولون علنا لعامة الاقباط وانما في تكريس مبدأ الضغط للحصول على اكبر منافع وهي طريقة اثبتت نجاعتها خلال العقود الاربعة الماضية، فقد ارتفع عدد الكنائس المقامة فى مصر بنسبة اكبر من الضعف منذ عام 1972 حيث كانت تبلغ وقتها 1442 كنيسة وارتفعت الان الى 3126 كنيسة، كما ان مشكلة ترميم الكنائس التي لا يزال بعض الاقباط يشيرون اليها انتهت تماما في عهد مبارك الذي أصدر قرارين بترميم الكنائس، الأول رقم 13 لسنة 1988، والثاني رقم 453 لسنة 1995.
وبالتالي تحولت مطالب الاقباط من اقرار قانون دور العبادة الموحد الذي طالبوا به لسنوات الى صدور قانون يتوافق مع رغباتهم فيحصلون بموجبه على فوائد القانون المقترح ويحتفظون في نفس الوقت بالسيطرة غير الخاضعة للرقابة على الكنائس.. او باستبدال القانون بقرار جمهوري ملزم للجهات المختلفة ببناء الكنائس مثلما اقترح الدكتور اللواء نبيل لوقا بباوي في مجلس الشورى قبل اسابيع من ثورة يناير، وكانت رؤيته في ذلك صعوبة صدور قانون موحد لدور العبادة نظرا لوجود ثقافات دينية مختلفة، وخاصة القادمة من دول الخليج، وهي ثقافات تتحفظ علي قبول الآخر، وسوف يزايدون بأصواتهم العالية في هذه المشكلة..!.
لا اهدف مما سبق الى مناظرة الاقباط اوالانتصار لطرف مصري على آخر، ولن انكر تعرض العديد من عامة الاقباط (وليس النخب) الى اشكال مختلفة من التمييز تمارس ضد بعضهم، وانما اردت القول ان ما يطالب به بعض المتحدثين باسم الجماعة القبطية المصرية لا يريدون المساواة التي تلغي الفوارق بين المصريين على اساس ديني وانما يهدفون للحصول على تمييز غير مبرر او قانوني للاقباط وهو هدف من المؤكد انه يزيد الاحتقان الشعبي ولا يخففه.
نقلاً عن الوفد
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :