لماذا لا يتفق المسلمون على بداية موحدة لرمضان؟
أخبار مصرية | بي. بي. سي.
الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٨
يستقبل المسلمون بطوائفهم ومذاهبهم حول العالم شهر رمضان، الذي يعد صيامُه أحد أركان الإسلام، كل عام وسط حالة من الاختلاف على ثبوت رؤية هلاله وموعد بدء الصوم.
ويعتمد بعضهم في رؤية الهلال على الحسابات الفلكية، بينما يعتمد آخرون على الرؤية الشخصية بالعين المجردة أو مناظير دقيقة، كما يفضل فريق ثالث اتباع مراجع دينية أو بلدان.
وبينما أعلنت غالبية الدول العربية الخميس أول أيام رمضان لتعذر ثبوت الهلال الأربعاء، أُعلن في الولايات المتحدة وتركيا وعدد من دول شرق أوروبا، مثل بولندا، وبعض ولايات ألمانيا الأربعاء أول أيام الشهر.
ويؤدي تضارب ثبوت الرؤية إلى انقسام الدول بل وسكان البلد الواحد وحتى أفراد الأسرة الواحدة أحيانا في بدء الصيام ونهايته.
آلاف السنين
ويثير هذا تساؤلات، أهمها الأسباب التي تمنع اتفاق المسلمين على طريقة محددة في ثبوت الهلال، وما إذا كانت التوترات السياسية والمذهبية في بلدانهم تلعب دورًا في هذا الخلاف.
يقول أستاذ الفيزياء الفلكية في الأردن، حنا صابات، لبي بي سي: "يمكن تحديد بداية الأشهر القمرية وثبوت أهلتها بكل سهولة لآلاف السنين لا لعام أو عامين فقط".
ويضيف أن: "علوم الفلك تعتمد في رؤية الأهلة على الاقتران المركزي بين السماء والأرض قبل غروب الشمس، والاقتران المركزي أمر لا يختلف عليه اثنان في إثبات رؤية الهلال".
لكن الخلاف "يكمن في النصوص الشرعية التي تنص على لفظ الرؤية البصرية. ولا تأخذ الرؤية المجردة عوامل مثل حالة الجو والأتربة في الحسبان".
ويرى صابات أن الخلاف "سينتهي قريبا، فهي مسألة وقت".
"يُرفع لرئيس الدولة"
أما أستاذ التفسير في جامعة الأزهر في القاهرة، محمد سعدي، فيقول في تعليقه لبي بي سي إن الخلاف "يبقى ضمن حيز الاجتهاد، والخلاف السائغ".
ويضيف أن "الفقهاء اختلفوا في كيفية إثبات رؤية هلال رمضان، فمنهم من اشترط للعمل برؤية هلال رمضان شهادة عدل أو عدلين، ومنهم من اشترط جمعا غفيرا من الناس".
ويستطرد قائلا: "ذهب فريق من الفقهاء إلى أن لكل بلد رؤيته ولا يُلزم برؤية أهل بلد آخر"، مشددا على ضرورة رفع الخلاف -حال وقوعه- إلى الحاكم "بغية الاتحاد ونبذ الشقاق".
وفي 2007، شهدت الدول العربية والإسلامية انقساما ملحوظا في ثبوت هلال شهر ذي الحجة، الذي اعتادت المملكة العربية السعودية على الانفراد بإعلانه.
فبينما أعلنت السعودية وبعض الدول العربية 19 ديسمبر/كانون الأول أول أيام العيد، احتلفت باكستان ودول أخرى بالعيد الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول.
وفي العراق، احتفل مقلدو المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني بالعيد الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول، بينما احتفل أتباع الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بالعيد الخميس.
ويعتقد بأن اختلاف الدول العربية والإسلامية أحيانا في تحديد أشهر قمرية وأعياد بعينها يكمن في رغبة بعض الزعماء في ممارسة نوع من السيادة واستقلالية القرار.
"قمر إسلامي"
لكن المحلل السياسي المصري، أيمن الصياد، يرى أنه "حتى إذا حدثت مكايدة سياسية من حاكم أو رئيس ما لا يمكن إثبات الأمر، وستكون الإجابة بكل بساطة: لم نرَ الهلال".
وأضاف الصياد لبي بي سي: "الحسابات الفلكية هي التي تحدد فرصة الظهور، فإذا وجدت أن الهلال لم يثبت الأربعاء فسيكون كذلك دون شك".
لكنه استدرك: "لا تزال حسابات الفلك غير قطعية (على الأقل من المنظور الشرعي) لأنها قطعية النفي لا الإثبات".
ويوضح أنه "إذا قالت الحسابات الفلكية بتعذر ظهور الهلال فهذا ثابت، ولا يمكن لأحد ادعاء رؤية الهلال، لكنها إذا قالت بثبوته، يمكن أن يأتي شخص ويقول إنه لم ير الهلال، ربما بسبب عدم امتلاكه ما لدى هيئات الفلك من أدوات وأجهزة فائقة الدقة".
وأعلنت دار الإفتاء المصرية، في وقت سابق هذا الشهر، إطلاق قمر صناعي إسلامي قريبا، بهدف ضبط وتوحيد بدايات الشهور القمرية.
وأضاف أن "القمر سيعمل على رصد الهلال في سماء العالم الإسلامي على وجه الدقة وتنتفي بذلك احتمالات الشك في الرؤية، وتتوحد أيام المواسم والأعياد الإسلامية".