لا تضطرب قلوبكم
نسيم عبيد عوض
٤٤:
٠٧
ص +02:00 EET
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨
بقلم نسيم عبيد عوض
" لا تضطرب قلوبكم " وصية قالها السيد المسيح لتلاميذه فى اواخر أيامه على الأرض وقبل الصلب ‘وقوله الخالد" سلامى أترك لكم ‘ سلامى أعطيكم ‘ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا‘ لا تضطرب قلوبكم ولاترهب."يو14: 27‘ وقوله على الصليب وقد أكمل كل شيئ قال بفمه الطاهر "قد أكمل" ‘ فقد دفع الدين عنا كقول معلمنا بولس الرسول " اذا لا شيئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح."رو8: 1‘ أيضا دفن الموت بموته كقول الكتاب" تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الى غلبة..اين شوكتك ياموت..أين غلبتك ياهاوية ."1كو15: 16‘ وأظهر القيامة بقيامته .." ان كان لنا فى هذه الحياة فقط رجاء فى المسيح فإننا أشقى جميع الناس‘ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين."1كو15: 21 ‘ ليؤكد لنا رجاءنا فيه والقاعدة الإيمانية التى قالها لمرثا" أنا هو القيامة والحياة .من آمن بى ولو مات فيسحيا . وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد. يو11: 25و26.
وعندما قدم لنا نفسه حيا من الأموات:
1- أعطانا ذاته خبزا حيا..
" والخبز الذى انا اعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم ."يو6: 51‘ وأقر هذه الحقيقة الإيمانية لنا" أنا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء ‘إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد ."يو6:.51‘ وقبلها قال " فقال لهم يسوع انا هوخبز الحياة .من أقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا."يو6: 34.
2- ودمه الكريم ..
حسب قوله للمرأة السامرية" ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد . بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية." يو4: 14‘ وأيضا " من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة ابدية وانا أقيمة فى اليوم الأخير." يو6: 54. 3- أعطانا نور الحياة الجديدة ومنحنا ان نكون نورا للعالم " مادام لكم النور .آمنوا بالنور. لتصيروا أبناء النور."يو12: 36. وفى فصل البشارة من إنجيل معلمنا يوحنا البشير إصحاح 14 ‘ والذى يقرأ إنجيل قداس يوم الأحد الخامس من الخمسين المقدسة ‘ فيه يقدم لنا رب المجد ثلاث حقائق إيمانية :
1- العالم يمضى وكل شيئ معه وليس لنا فيه إقامة دائمة.
2- منزلنا الحقيقى فى السماء مع المسيح.
3- بطريق واحد وهو إبن الله.
والرب قبل صعوده للسماوات قال لنا "لا تضطرب قلوبكم" والإضطراب معروف فى علم النفس انه حالة فكرية تأتى للإنسان بسبب الخوف من المجهول أو بسبب الحزن الشديد أو الشك الكثير‘ وعكسه تماما الإطمئنان الذى هو السلام وهدوء النفس ‘ والإضطراب الذى يقصده الرب هنا هو الذى يتملك الانسان إذا تخلخلت رباطات الإيمان بالله ‘ وبإبن الله ‘ وهذا هو الذى حدث للقديس بطرس (مت 14: 30-31 )..فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتى الى يسوع . ولكن لما رأى الريح شديدة خاف..وإذ ابتدأ يغرق صرخ قائلا..يارب نجنى.. فقال له الرب بعد أن أمسك بيده ونجاه" ياقليل الايمان لماذا شككت." ‘ فالإيمان بالله هو الثبات فى الحق الذى هو الله ‘ فالذى يؤمن بالله يثبت فيه ولا يتطرق اليه أى شك أو إضطراب لأنه كما قالت نبوة إشعياء " فالله هو صخرة الدهور." اش26: 4.
وعكس ذلك تماما هى خطة الشيطان الدائمة تصيبك بالإضطراب القلبى ليبعدك عن الله وطريقه بوسائل كثيرة:
1- بالشك ..يشكك فى كلمة الله وصلاحيتها.
2- يفحمك بالإحباط ليجعلك تعيش مشاكلك الشخصية بإستمرار فلا تنظر نحو الله.
3- بالتضليل ..يجعل الأشياء المضلة جذابة فى الأعين حتى تشتهيها أكثر من التى تقربك من الله. وفى هذا سأل إرميا النبى قديما: " أبر أنت من أن أخاصمك ‘لكن أكلمك من جهة أحكامك‘ لماذا تنجح طريق الأشرار؟ إطمأن كل الغادرين غدرا." إر12: 1‘ وبعدما عرف أرميا الحقيقة وقالها" عرفت يارب أنه ليس للإنسان طريقه .ليس لإنسان يمشى أن يهدى خطواته."إر10: 23.
4- الهزيمة ..الشيطان يجعل الإنسان يشعر دائما بالفشل وبصغر النفس حتى لا تفكر ولا تحاول فى التقرب من الله.
5-التأجيل ..يصيبك بالكسل ويضع حياتك كلها فى تأجيل مستمر حتى لا تنجز شيئا أبدا. ولكل هذا يأتى الإضطراب والقلق النفسى.والرب يوصينا " لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب." سلامى أترك لكم . سلامى أعطيكم. ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا." يو14: 27.
ويقول الرب لنا حتى لا تضطرب قلوبنا " فى بيت أبى منازل كثيرة. والا فانى كنت قد قلت لكم.والمعنى واضح:
1- الله قادر أن يعد مكانا لأى عدد من البشر المؤمنين.
2- فى بيت الله مقرنا الأبدى منازل ومنزلة لكثيرين حسب رحمته.
3- رجاءنا فى رحمة الله لأن الى الأبد رحمته.
4- لأن نجما يمتاز عن النجم فى المجد فقد رتب لنا منازل حسب الأجر السماوى‘ وحسب الجهاد ‘ فهو مثلا يعطى مرتبة عظيمة فى السموات ويطوب " طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين. افرحوا وتهللوا . لأن أجركم عظيم فى السموات ." مت5: 11و12.
وقول الرب " وان مضيت واعددت لكم مكانا آتى ايضا وآخذكم إلي حيث اكون أنا تكونون انتم ايضا." يو14: 3‘ وهو هنا يستعلن لاهوته :
1- أنا هو الطريق والحق والحياة.(يو14: 6)
2- ليس أحد يأتى الى أبى الا بى. (يو14: 6)
3- لو كنتم عرفتمونى لعرفتم أبى أيضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه.(يو14: 7)
4- الذى رآنى فقد رأى الآب. (يو14: 9)
5- الآب الحال في هو يعمل الأعمال. وما أعظم قول الرب " أنا هو الطريق والحق والحياة" وكما فسرها معلمنا بولس الرسول" لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول الى الأقداس بدم يسوع طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب أى جسده." عب10: 19-20 ‘ وطريق المسيح هو طريق الحب كقوله " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." يو3: 16‘ وهو طريق التواضع والطاعة" فهو الذى أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا فى شبه الناس ‘ وأطاع حتى الموت موت الصليب." في2: 7و8‘ وهو الطريق الوحيد الى السماء بتجسده وصلبه وموته وقيامته لنا فيه الفداء ‘ طريقا كراسه لخلاص البشر. وطريقه هو وصاياه المقدسة وكقول معلمنا بطرس الرسول "جعلنا شركاء الطبيعة الإلهية " فى القداسة وروح الحق. وأيضا بنعمته وهبنا الإيمان به وعطيته روحه القدوس فجعلنا هيكلا له وروحه القدوس يسكن فينا.
جوهر رسالة السيد المسيح تقوم على فعلين أساسيين هما :
1- استعلان الآب السماوى لنا‘ من خلال تجسده وبنوته الطبيعية للآب.."الذى رآنى فقد رأى الآب ..ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه " يو14: 7و9 ‘ وأيضا قول الكتاب " الله لم يره أحد قط ..الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر."يو1: 18.
2- حمل الرب يسوع جسدنا البشرى وصعد به للآب وذلك من خلال قوة قيامته كقول الكتاب " لأنه من عند الله خرج والى الله يمضى." يو13: 3‘ وكقول الرسول " دخل مرة واحدة الى الأقداس فوجد فداء أبديا." عب9: 12‘ وقول الكتاب:
" وليس بأحد غيره الخلاص .لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص." أع4:12 . فيكون السيد المسيح هو وحده الطريق والحق والحياة.وتكون الحياة فى المسيح مع السلام الذى تركه لنا ‘ حياة بدون قلق ولا إضطراب ‘ فعيشوا فى فرح وإبتهاج فى الرب يسوع.أمين.