د. جابر عصفور يرد على «حديث الإفك»: كيف أصالح من يريد أن يقتلنى؟! (حوار)
أخبار مصرية | المصري اليوم
السبت ١٢ مايو ٢٠١٨
أقول لشباب ثورة 30 يونيو لا تصالح أى لص يسرق أحلامك
حديث الإفك- أقصد به حديث المصالحة «المفخخة»- يسرى وتدركه العقول بلا عناء.. هتفت به أصوات قبيحة تلوث بسناج صدورها صفو الزمان والمكان.. يرد العلامة التنويرى الدكتور جابر عصفور على المتطفلين على الموائد ببضاعة المصالحة «المضروبة» بقصيدة الرائع أمل دنقل الخالدة «لا تصالح» يزعق بها.. يهش «غربان البين» عن حصاد قمح الوطن.. وإلى نص الحوار:
■ دكتور عصفور.. فى البداية ما رأيك فى دعوات المصالحة الخبيثة التى تخرج بين الحين والآخر على استحياء، خاصة بعد كل عملية ينفذها الجيش للقضاء على الإرهابيين؟
- أستغرب والله من هذه الدعوات.. فكيف أصالح من يريد أن يقتلنى؟!.. لو حدث ذلك بالتأكيد «أكون رجل (أهبل)»!! الصلح هذا معاهدة بين ندين فى شرف القلب لا تنتقص.
■ وماذا عن «المد الرجعى»، وغسل بعض الأدمغة ومن هنا ظهرت المطالبة بتجديد الخطاب الدينى.. ما رأيك؟
- الخطاب الدينى والخطاب الثقافى وجهان لعملة واحدة وهى التنوير، وكل ما قلناه للنهوض بالوعى والفكر والثقافة هو نفسه ما ينطبق على تجديد وتطوير الخطاب وتشكيل العقول والارتقاء بالذائقة الثقافية والفنية والفكرية للإنسان، وتجديد الفكر الدينى الإسلامى، يوازيه تجديد الفكر الدينى المسيحى، ولقد أرسل لى د. نبيل لوقا بباوى نسخة من كتابه الجديد حول تجديد الفكر والخطاب الدينى المسيحى، ولابد من الخروج من قمقم الفكر السلفى السائد فى المجتمع والذى يتبنى التمييز الدينى، واستبداله بتفكير مستقبلى، يجيب عن سؤال المستقبل الغائب عن الثقافة العربية، بحيث يكون اتجاها عقلانيا حميدا يستوعب فكر التعددية فى الآراء ويكون القائمون عليه أساتذة مستنيرين مثل د. سعدالدين الهلالى، وأعود وأؤكد أن أصل الموضوع هو الثقافة والتعليم.. وأن يكون القانون فوق الجميع، فوق كل المؤسسات بما فيها الأزهر والكنيسة.
■ وكيف تعالج قضية التمييز الدينى التى أصبحت مرضاً عضالاً؟
- طبعاً بالتعليم، والتنشئة الاجتماعية العلمية التى لابد أن تتكاتف فيها مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والمجتمع المدنى.. ولكن يجب الإشارة إلى أننا لسنا حاسمين مع السلفيين فى قضايا التمييز الدينى، وهذه مسؤولية الدولة، وعلينا أن نطبق الدستور، لذا أطالب بقانون صارم يجرم التمييز الدينى والعرقى، ويحقق العدالة والحرية بين أبناء الوطن الواحد.
■ ألا ينص الدستور على رفض الأحزاب الدينية؟
- نعم ويجب أن نلغيها تماماً.. وهذه مسؤولية الدولة- كما قلنا- وحتى قصص الخلاف بين الأقباط والمسلمين لن تكون مدخلاً للفتنة الطائفية، لأننا نعيش مع بعض منذ زمن بعيد، والوعى المصرى هو الأهم، ومصر الوطنية فوق أى نعرة دينية..
■ ولكن ما تشعه أجهزة وزارة الثقافة من استنارة.. تطفئه خطب ومواعظ دعاة التطرف؟
- يحدث.. لأنه دولاب ضخم جداً.. والدولة كأنها جهاز كمبيوتر يعمل وفق برنامج معين، على أساس مدخلات ينتج عنها مخرجات، والمفترض أن يكون هناك تنسيق وتناغم بين هذه البرامج، ولكن الكمبيوتر عندنا «يعطل» و«يهنج» لأن البرامج ضد بعضها.
■ حين كنت وزيراً للثقافة كانت خلافاتك شديدة مع الأزهر.
- خلافاتى كانت مع الأزهر والسلفيين.. لأنه لا توجد حرية اجتهاد.. رغم أن «حق الخطأ» هو «حق إسلامى» بامتياز (من اجتهد، ولم يصب فله أجر واحد، ومن اجتهد وأصاب فله أجران).. حديث شريف «صدق رسول الله».. وهذا ينطبق على الخطاب الثقافى مثله فى ذلك مثل الخطاب الدينى أى إعطاء ومنح الإنسان الحرية فى التفكير والاجتهاد.
■ «حدث تغير تاريخى فى الأزهر، بعدما حاور المثقفين وأصدر وثيقته» هذا رأيك.. هل مازلت عنده؟
- لا طبعاً.. أين هذه الوثائق من موقف الأزهر الحالى، ومن قضايا الفن والمجتمع والثقافة بشكل عام.. أطالب الأزهر بإعادة نشر هذه الوثائق ومواقفه مع المثقفين.
■ ولماذا تطالب الأزهر، ولا تطالب المثقفين، هم أولى بالمطالبة بحقوقهم التى هى بالدرجة الأولى ثقافية؟
- طبعاً.. المثقفون مسؤولون عن المطالبة بهذه الوثيقة لأنها وثيقة عن الحريات فى الإبداع، ونص هذه الوثائق منشور فى كتاب للدكتور صلاح فضل.
■ «الحريات فى الإبداع» أحد أشكال الحرية، فهل هى أحد أعمدة مدنية الدولة؟
- مدنية الدولة.. هى نتيجة حتمية لتضافر مبادئ العقلانية والعدل والحرية والمساواة، هى الإيمان بأن الوطن يقوم على مجموعة من الناس تجمعها مجموعة من المصالح المشتركة، وهذه المصالح، تؤسس عقداً اجتماعياً بين الناس الذين يصبحون مواطنين فى هذه الحالة، وبشكل يكون معه الوطن، دولة قائمة على عقد اجتماعى، ودستور ينظم الحياة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، وهذا هو الأساس فى الدولة المدنية الحديثة.
■ وما طبيعة العلاقة بين هذه الدولة المدنية الحديثة.. والدين؟
- هذه الدولة المدنية.. لا تنتسب إلى الدين، لأن الدولة أشبه بالماكينة الضخمة، لا دين لها، وإنما تستمد صفتها أو اسمها من صفات ومسمى الوطن، الذى تنتظم أموره بها، على أساس مبدأ الفصل بين السلطات «تنفيذية، تشريعية، قضائية» وطبعاً ليس من بين هذه السلطات الثلاث، سلطة دينية، وهذا يعنى ببساطة أن الدولة الحديثة تقوم على الفصل بين الدين والدولة.
■ ولكن البعض يرى أن هذا الفصل فيه تهميش للدين؟
- إطلاقاً.. لأن هذا الفصل لا يعنى أى معنى سلبى فيما يتصل بالأديان.. فالأديان كلها مقدسة، ومن حق كل مواطن أن يختار الدين الذى يعتنقه، سواء بالوراثة أو بالاقتناع الشخصى العقلانى.
■ «نحن لا دولة مدنية.. ولا دينية».. هكذا قلت فما تفسيرك؟
- نحن فعلاً.. لا دولة مدنية حديثة، ولا دولة دينية ثيوقراطية، وذلك لأن لدينا تراثا من الحكم الاستبدادى، وصعب أن ننتقل بسهولة من الاستبدادية إلى الديمقراطية بأى شكل من أشكالها.. والشعب المصرى، شعب متدين بطبعه، وهذا يلعب دوراً كبيراً فى توجيهه، ولهذا تظهر باستمرار حركات تُدخل الدين فيما لا ينبغى أن يدخل فيه، ونجد اسم الدينية يتكرر عند الحركات الدينية «لا يؤمنون بالدولة المدنية الحديثة» ويتجلى ذلك فى الخطاب السلفى الذى لا يؤمن بأى دولة مدنية، ويحلم بدولة تستعيد ما كان موجوداً فى العصور الأولى للهجرة، ولذا فالخطابات المدنية للتنوير تعانى منذ زمن بعيد، وأصبحت مهمشة بسبب الاستبداد السياسى.
■ ترى.. هل انتهى زمن التنوير؟
- لا.. أبداً.. زمن التنوير سيظل مستمراً، والحاجة إليه تغدو حتمية، ما ظلت نقائضه قائمة، وهى التعصب الأعمى، والأصولية الجامدة، والفهم الحرفى، وضيق الأفق للنصوص الدينية والمدنية على السواء.
■ هل أصبحت «تهم��».. أن أصف مثقفا ما بـ«العلمانية» حتى إن البعض يراها مرادفة للكفر والإلحاد؟
- العلمانية.. ببساطة هى الفصل بين الدين والدولة ومن يعترض فإنما يريد أن يخلط بين الدين والدولة، ويؤسس لقيام دولة دينية.. وهذا ضد الدستور، والرئيس السيسى أعلن مراراً وتكراراً أننا دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
■ إذن إعمال العقل، يصب فى رفع وعى المصريين لتحقيق التنوير المنشود، من المسؤول عن رفع هذا الوعى، أليس وزارة الثقافة؟
- وزارة الثقافة ليست هى المسؤول الوحيد عن رفع وعى المصريين، أو ليست هى المسؤول الأول والأخير عن ثقافة المجتمع، الثقافة.. قضية أمن قومى مثلها مثل التعليم، فلابد أن يكون هناك أمن ثقافى، وأمن تعليمى، يشكل ثقافة تنويرية، تهيئ الناس لكى يخرجوا أفضل ما لديهم.
■ إذن من المسؤول عن «رفع وعى المصريين»؟
- «السيسى».. هو المسؤول عن رفع وعى المصريين، وأتصور أنها مسؤولية استراتيجية تخص رؤيته المستقبلية لهذا الشعب والمجتمع، لأننا حين نتحدث عن مستقبل أمة فيجب أن نهتم بالثقافة والتعليم، فكلاهما مشروع أمن قومى، وهذه «أ. ب» تنمية أى مجتمع لأنه يشارك فى تشكيل وعى «الإنسان»، وهو أهم عنصر فى التنمية لأن المواطن بعقله ووعيه يتصدى للإرهاب ولكل نزعات التخلف والرجعية.
■ بالنسبة للثقافة تحديداً.. توليت مسؤوليتها لمدة عام، فماذا عن الاستراتيجية التى التزمت بها وفقاً لتصورك؟
- تقدمت بمشروع المنظومة الثقافية الجديدة للدولة وهى تقوم على تشكيل مجموعة وزارية للتثقيف تماثل المجموعة الوزارية الاقتصادية، وكانت تضم «بروتوكول» مع 12 وزارة، ومجموعة من منظمات المجتمع المدنى، ومن هذه الوزارات التربية والتعليم والبيئة والثقافة والشباب، والتعليم العالى والسياحة.
■ وما هدف هذه المنظومة وعقد هذا «البروتوكول» مع كل هذه الوزارات؟
- الهدف من المنظومة أساساً هو التعاون المشترك والتنسيق فى الاتجاهات والتوجه، ووضع استراتيجية ثقافية عامة تنفذ فى كل مصر.
■ ما أبرز مشروعات هذه المنظومة؟
- مشروع «الكتاب للجميع» وكانت ميزانيته تقترب من 20 مليون جنيه، بالاتفاق ومساهمة وزارات أخرى كثيرة مثل الشباب والسياحة ووزارة التربية والتعليم لأنه مشروع للأمة وليس لوزارة الثقافة.
■ د. جابر.. هل رأى هذا المشروع «النور»؟
- لا.
■ لماذا؟
- باختصار، لأننا لا نمتلك سياسات ثابتة واستراتيجيات محددة أو واضحة، وليس لدينا رؤية ثقافية أو تصور.
■ ولماذا لم تنفذ هذه المنظومة حتى الآن؟
- لم تنفذ لأن مصر ليست دولة مؤسسات.. لكن أشخاص، والجميع يعمل بـ«الموجود» دون رؤية استراتيجية ملزمة.
■ إذا كانت دولة «أشخاص».. فأنت «جابر عصفور» لماذا لم تنفذها؟
- هذه المنظومة الثقافية، مثلها، مثل غيرها، المشكلة فى سياسات الدولة.. وهل سياسات الدولة فى الفترات السابقة وحتى الآن تتسع لوعى ثقافى يساهم فى رفع وعى الناس؟! أنا أزعم أن استراتيجيات الدولة نفسها لا يوجد بها ذلك.
■ وماذا عن مصير هذه «المنظومة».. هل ضاعت فى أدراج الوزارة؟
- شوفى.. هذه الاتفاقية التى أبرمتها مع الوزراء، ووافقت عليها الحكومة.. ملزمة.. ولكن للأسف لم يلتزم بها أحد.. لكن «المنظومة» كوثيقة، تركت نسخة منها فى مكتب رئيس الجمهورية ووزير الثقافة.
■ لو تحدثنا عن «وعى ثقافى».. أتصور أن الشباب هم الفئة المستهدفة أساساً، وأنت ترى: «التوافق الوطنى هو الأهم فى هذه المرحلة وهو ناتج الحوار بين كل القوى الوطنية، وعلى رأسها الشباب».. كيف ترى هذه «الفئة» فى المشهد السياسى والثقافى؟
- التوافق الوطنى.. لن يتم إلا بالحوار مع الشباب وعلى الحكومة أن تحاول وبإصرار عمل حوار دائم مع الشباب.
■ هناك مؤتمرات للشباب تُعقد فى مختلف محافظات الجمهورية وبانتظام؟
- الشباب الذى أقصده ونتحدث عنه، لا يذهب للمؤتمرات، ولا تقدم له أى دعوات، والتحدى الكبير أنى أتحاور مع المختلف معهم، وأفهم أسباب الاختلاف.
■ وماذا تقصد بـ«الحكومة» هنا؟
- كل مؤسسات التثقيف فى المجتمع، لأن ذلك اختصاص مجموعة كبيرة من الوزارات «ثقافة وتعليم وشباب وأوقاف، وأزهر، وكنائس» ولابد أن يعمل كل هؤلاء فى منظومة واحدة وفى تناغم وتنسيق كامل.
■ لكن هناك وزراء شباب الآن؟
- نعم.. لا أنكر ذلك، فقد انخفضت أعمار الوزراء كثيراً وليس مثلى حين توليت الوزارة كنت تجاوزت السبعين.. ولكن ما أقصده اهتمام ثقافى منظم، ومخطط، لأننا حتى الآن لا نهتم بالثقافة.. اهتماما حقيقيا.
■ وماذا عن أندية «الفكر» فى الجامعات.. وهى التى كانت تربى الشباب تربية ثقافية وسياسية فى الستينيات والسبعينيات؟
- يجب عودتها فوراً، «أندية الفكر» كانت بعيدة عن الأحزاب وصراعاتها، وكانت مهمتها هى تشكيل عقل ووجدان الطالب، وتربية كوادر ثقافية وسياسية، ويجب دعمها مادياً ويمكن مساعدتها بالتمويل بقانون حتى ولو كان لفترة انتقالية مبدئياً، وطبعاً، قصور الثقافة لابد من قيامها بدورها الغائب مع الشباب سواء بتثقيفه أو مساعدته فى اكتشاف موهبته.
■ وماذا عن دور المجتمع المدنى ورفع الوعى؟
- «أحلم».. «أتمنى».. «أرجو» أن يكون فى كل مجتمع مدنى جديد «مجمع» للثقافة والفنون، ومعارض فنون تشكيلية، ودور عرض سينمائى ومسرحى وطبعاً فى هذا الشأن أيضاً أطالب الرئيس السيسى، ببناء دور عرض سينمائى أكثر ودور عرض مسرحية، كما نطالبه بزيادة بناء المدارس، فالاثتا خطوط متوازية ولابد من توفر كتاب للأسرة بسعر رخيص ونعود مرة أخرى لسلسلة «اقرأ» ذات الثلاثة قروش طبعاً لن يكون بهذا السعر ولكن ما أقصده كتاب يقدر على شرائه الفقير.
■ هل ترى أن دور العرض السينمائى فى مصر غير كافية؟
- نعم.. دور العرض السينمائى فى مصر «ثمانون» (80) سينما، فهل هذا معقول؟!، وقد علمت أن السعودية تستهدف على المدى القريب بناء ألفى (2000) دار عرض سينمائى.
■ بعد استقالتك من الوزارة قلت: «لم أندم على ما فعلت، وكنت مع ثورة الشباب»، كنت تقصد ثورة 25 يناير 2011.. هل مازال هذا رأيك؟
- 25 يناير.. مشروع ثورة أجهضه الإخوان.. نعم انحيازى للشباب ولكن ماذا بعد أن هتف «يسقط النظام»؟!!، 25 يناير انتفاضة جماهيرية، ولكن لسوء الحظ كانت جماعة الإخوان وقتها هى القوة السياسية الوحيدة المنظمة، وكان من الطبيعى أن تسيطر هذه الجماعة وتصل للحكم.. لكن سرعان ما ظهر الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان المسلمين، وتعمدهم تحويل مصر، من دولة مدنية ديمقراطية، إلى دولة دينية، ثيوقراطية، وهذا ما لم يرض الشعب المصرى عنه، فتحالف المواطن الشريف مع جيشه الوطنى، ومعروف أن الجيش المصرى يتدخل دائماً فى الأزمات بدءاً من ثورة عرابى وانتهاءً بـ30 يونيو.
■ ماذا تقول لشباب 30 يونيو؟
- «لا تصالح».. لا تصالح أى لص يسرق أحلامك أو يحرمك منها أو يسعى لتدمير مستقبلك، وكما قال أمل دنقل:
لا تصالح!
.. ولو منحوك الذهب
هل ترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى؟
هى أشياء لا تشترى.
■ «وطنى لو شغلت بالخلد عنه نازعتنى إليه.. فى الخلد نفسى»، متى رددت هذا «البيت الشعرى» لأحمد شوقى بك ولماذا؟
- قلت هذا البيت و«بحرقة»، وحماسة، وحزن حين فصلنى السادات من الجامعة، وعملت فى «استوكهولم» بالسويد، «أستاذ زائر».
■ فى حياتك أكثر من امرأة.. من أهمهن على الإطلاق بالنسبة لك؟
- الدكتورة سهير القلماوى.. أستاذتى ومعلمتى، سيدة عظيمة بمعنى الكلمة، تعلمت على يديها ضرورة تحرير المرأة بسلوكها الراقى معى، ومع الآخرين، فهمت وقتها أن العفة ليست فى القماش، ولكن فى الشخصية والسلوك، وكانت قادرة بشخصها وحضورها المهيب أن تؤثر فى عشرات الرجال.
■ مرت 110 أعوام على دعوة قاسم أمين (تحرير المرأة)، والتبشير بالمرأة الجديدة.. كيف ترى هذا «التحرير» عام 2018؟
- لم يحدث «تحرير للمرأة» حتى الآن!! كيف نتكلم عن «تحرير المرأة»، وحقوق المرأة الشرعية والعادلة وعن المساواة، ومازلنا نجد المعارضين أكثر من المؤيدين.. الصعيد لا يعترف بميراث البنات، وحتى الآن نتجادل بل ونتصارع حول ما إذا كان يجوز للمرأة المسلمة أن يكون لها نفس حقوق الرجل أم لا؟ كما حدث فى تونس، ماذا يعنى كل ما يحدث، هل نستطيع أن نقول إن المرأة رأسها برأس الرجل الآن؟ أين تلك المساواة؟
■ المرأة الآن وزيرة؟
- نعم وزيرة، ولكن المهم هل تُعامَل المرأة الوزيرة مثل الرجل الوزير؟.. أنا أشك..
■ تقصد فى مجال العمل؟
- لا.. على المستوى الاجتماعى فى التعامل معها، هناك تحيز ذكورى فى المجتمع العربى كله.
■ قلت: «شرف المرأة لا يختزل فى قطعة من الثياب.. طالت أو قصرت» ماذا تعنى؟
- الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل، هذا هو الأصل فى موقف الإسلام من المرأة.. الأصل هو أن المرأة عفيفة، تحب زوجها، وترعى أولادها بما يرضى الله، أما مسألة الحجاب أو النقاب، فلا علاقة لها بالوجود الحقيقى للمرأة، هل ينتقص سفور الوزيرات الست من إيمانهن؟! ويمكننا أن نقيس على هؤلاء الوزيرات كل امرأة ناجحة ومتحققة.
■ ماذا قدمت للمرأة لتساندها بقدر إيمانك هذا بقضيتها؟
- حاولت.. وكنت متحمسا جداً، وفتحنا الباب أمام المثقفات المصريات لكى يشاركن، وطرحت فكرة إنتاج دراما تليفزيونية ينتجها المجلس القومى للمرأة، يعرض فيها أهم قضايا ومشكلات المرأة على غرار المسلسل الأمريكى الذى كانت تنتجه الكنيسة «Little House On The Prairie» «بيت صغير فى البرية»، وكل حلقة من هذا المسلسل كانت تقدم درساً أخلاقياً، وكنت أريد أن تكون كل حلقة إحدى قضايا المرأة، وعرضت المسألة كلها على الكاتب المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة، ووافق وتحمس، ولكن الأمور كلها توقفت.
■ على ذكر «المرأة الوزيرة» كيف تقيّم أداء د. إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة؟
- هى حريصة على أن تسير فى الاتجاه السليم، وبدأت فعلاً فى تغيير بعض القيادات، ودائماً المقدمات تؤدى للنتائج، وأدعو الله لها بالتوفيق.
■ د. جابر عصفور.. فى جملة واحدة لماذا ترفض ترجمة كتبنا إلى العبرية؟
- أنا لا أدفع أموالا لشركات إسرائيلية، تأخذ أموال العرب لتقتلهم بها، أنا من الجيل الذى وصفه أمل دنقل: نحن جيل الألم.. لم نر القدس إلا تصاوير، ولم نتعلم سوى أن هذا الرصاص.. مفاتيح باب فلسطين فاشهد لنا يا قلم.. أننا لم ننم.. أننا لم نقف بين «لا».. و«نعم»..