بقلم: تريزا عادل زاخر
فى قصة من مجموعة قصص تمثيلية " دقت الساعة" للحكيم توفيق الحكيم تحت عنوان " بين الحرب والسلام " وتبدأ بحجرة خاصة لسيدة تدعى السياسة .......بها فرش واثاث للزينة ذو مرايا عديدة وضعت عليه الادوات والاصباغ ..... ثم خزانة ملابس ضخمة فى صدر المكان .......... مصباح وردى يضىء الحجرة اضاءة شعرية خفيفة فى ذلك المساء ...... والسيدة جالسة الى مرأة الزينة تطلى شفتيها بالاحمر وقد جلس بالقرب منها رجل حسن المظهر يبدو عليه اللطف يدعى " السلام " . السياسة فى هذه القصة امراة تحب الزينة باعتبارها عادة قديمة اعتقادا منها فى انه من السذاجة اخفاء ما يعرفه الجميع وذلك خيرا من ان تكون قبيحة فى عيون الاخرين وهى اليوم فى قصتنا زوجة للسيد " حرب " الفظ الثقيل .... كما وصفه السيد " سلام " وبالطبع يحمل هذا الوصف كره للسيد "حرب " ولا شك فى ان الاخر يبادله نفس الشعور وهو ايضا على علم بعلاقة السلام والسياسة والتى لم يكن فى الامكان اخفاؤها فتارة كان يتصل بها واخرى يغازلها وتاره يهدايها بازهار المشمش البيضاء اغصانها تذكرة بحلول الربيع ولكن لا يوجد من من يعرفها ولا يعرف مايسرها وما يسوءها وهى تكره الفضائح المكشوفة هكذا قالت عن نفسها للسلام .
ولكننا سنتوقف للحظات امام لعبة " اليدس " التى تلعبها مع زوجها حرب وهى لعبة بسيطة يحاول كلا منهما فيها ان يعطى الاخر شيئا فاذا اخذه ساهيا ناسيا ولم يقل "فى بالى " اسرع الاخر قائلا" يدس " واملى عليه شروط انتصاره وهى واثقة بانتصارها عليه هذا عن زوجها، اما عن موقفها من السلا م فهى لا تريد ان تتزوجه او ترتبط به ولو انها تريد الاحتفاظ بعلاقة تربطها به ولكن لماذا لا تتزوجه فهى فى ذلك متسائلة هل لها ان تفكر فى السعادة او تبحث عنها ولكنها تخشى المستقبل وهى ترى فى زوجها السيد " حرب " السلطان والنفوذ والقوة وهى تعتمد عليه فى تحقيق كثير من مطالبها وتنفيذ اغراضها والسعادة ماهى الا حلم جميل ولكنه قصير ويجب ان يكون كذلك لياتى فى فترات كالنسمات فى ايام الحر الشديد .، و يعلم الجميع حبها الشديد للتغيير والتبديل . الى الحدث الاهم والرئيسى فى هذه القصة وهو اول ظهور لزوجها حرب وفى يده زهر المشمش ابيض الغصن و اختباء السلام فى خزانة الملابس تشكرالسياسة زوجها وتعد ذلك لطفا منه .......". فى بالى " بهذه العبارة خدعته وكسبت الرهان . فيصفها زوجها بالماكرة وانها تتمتع بذاكرة قوية وبفرط الذكاء وبراعة الاستنتاج . اما عن حرب فهو ينظر للسلام بانه لا يستحق منه مجرد التفكير فيه وانه سخيف وضعيف والسياسة هى الاخرى ترى امره متعب وشديد للالحاح والاصرار والعناد واخبرته بانه دخل حجرتها وانها استمعت اليه بهدوء وطول اناة لما راته فى حديثه من صدق واخلاص الى جانب انها تحسن الاصغاء ,هذا جعل من حرب ثائرا غاضبا طالبا منها صفعه ولكنها تركت له هذه المهمة وعلم بانه داخل خزانة الملابس فطلب اليها ان تعطيه المفتاح واعطت اياه وصاحت "يدس" خدعته للمرة الثانية وطلبت منه عقدا من اللؤلؤ الحر مزدوج الصفين لتتزين به علامة للانتصار وذهب" حرب "لاحضار الشمبانيا ..... ليهرب السلام قبل ان يصيبه مكروها مرددا يالك من امراة ! وهى تحيه الى اللقاء .
وهذه كانت رؤيه الحكيم توفيق الحكيم فى خمسنيات القرن الماضى للسياسة ....... اما شبابنا اليوم فكيف يرى السياسة ؟ ومارؤيته لاحداث تتزاحم وتتسابق على وسائل الاعلام المختلفة المرئية منها و المقروءة .......فالساعة دقت الان للعمل ولكن العمل يلزمنا التفكير، فتتزاحم الافكار والتساؤلات فى الاذهان وكيف سيعبر عن رؤيته وسيفعلها؟ وماذا عن طموحه ودوره فى المسرح السياسى فى الفترة المقبلة ؟ وهل سيقبل الشباب بالتمثيل فقط دون مشاركة فعالة فى كافة المجالات ؟ لا اظن فالشباب الذى بدا المشوار حتما لن يتخلى عنه ولكن السؤال الاهم هل سيصر على مدنية الدولة التى اكد عليها وبوضوح؟ وهل سيصمد ليس الشباب فقط بل و المصريين جميعا امام جحافل التيارات الدينية المتشددة والتى تفرض نفسها وبقوة فى الشارع المصرى ؟ فقوة هذه التيارات من الشارع ومن العامة وللاسف وجدوا تربة خصبة لافكارهم المسمومة فى بلد ترتفع فيه نسبة الامية الى 40% من سكانه وربما اكثر وبطبيعة الحال ليس جميع المتعلمين على درجة من الوعى والثقافة التى تؤهلهم لفرز هذه الافكار، ولشعب شديد التدين كالمصريين . كما فهمنا من هذه القصة" قليلة السطور" ان السياسة لعبة غير نظيفة على الاطلاق، لعبة المناورات ،لعبة لا تعرف المشروع اوغير المباح، لعبة المصالح والاجندات، فقط لعبة الاقوى تاثيرا ، فهل سيقبل المصرى المتدين بفطرته ربط "الدين الذى ارتضاه واحبه واعتقد فيه " ا الاسمى فى الوجود كما يراه بالسياسة ؟ ! ولم يفكر يوما بالمستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والتعليمى والفنى لكثير من الدول الدينية!!!!!!!! صدقوا عندما علمونا ان "الدين افيون الشعوب " ، و للاسف استخدم الاشرار اروع ماعرف من قيم فى التاريخ لارتكاب ابشع الجرائم فى تاريخ الانسانية ، فمن المجاهدون فى سبيل الله الى المتجارين بالدين الى المتطرفون الذين يبثون السموم فى النفوس ومغيبو العقول لبسطاء ارتضوهم قادة الى المتفرجين الصامتين بلا اى موقف واحيانا بلا اى رؤية من الاساس ينطبق هذا القول .ختام القول اننا نعيش فترة عصيبة وهامة فى الوقت ذاته لمصر وكافة المصريين والطرق كثيرة ومتعددة ولكن افضلها عن تجارب من سبقونا طريق دوله القانون ...... دولة العدالة ......... دولة الحرية .........دولة الانسانية...... دولة حقوق الانسان ، والعنوان ليس ببعيد " الدولة المدنية " فهو معلوم للكافة كل ماعلينا هو السير نحوه . حفظ الله الغالية مصر والمصريين جميعا .
مقالة اتمنى المشاركة بها فى قسم "ميدان التحرير "