الأقباط متحدون - أوجه الشبه والاختلاف بين الدواعش وأنصار الإمام
  • ١٨:١٦
  • الاربعاء , ٢ مايو ٢٠١٨
English version

أوجه الشبه والاختلاف بين الدواعش وأنصار الإمام

مقالات مختارة | بقلم: منصور الحاج

٥٥: ٠٣ م +02:00 EET

الاربعاء ٢ مايو ٢٠١٨

من الدمار الذي خلفه داعش في الموصل (أرشيف)
من الدمار الذي خلفه داعش في الموصل (أرشيف)

هناك مقولة في التراث العربي تقسم الرجال إلى أربعة أصناف وهم: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذلك العالم فاسألوه، ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذلك الناسي فذكروه، ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذلك الجاهل فعلموه، ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذلك الأحمق فاجتنبوه. وهناك صنف خامس أود إضافته وهو الذي يؤمن بأفكار الدواعش ولا يعلم أنه يؤمن بأفكار الدواعش فذلك إرهابي في طور الإعداد فحذروه.

عند قراءتي لتعليقات القراء على مقالي السابق "كشف ما جاء من تضليل في مداخلة إمام الجامع الكبير" لاحظت أن غالبية المعلقين يتفقون مع الدواعش لكنهم لا يعتبرون أنفسهم دواعش. وبالطبع، أنا لا أتهمهم بالدعشنة بقدر ما أحاول تنبيههم إلى المشتركات بينهم وبين الدواعش لعلهم يدركون خطورة الطريق الذي يسيرون عليه.

    إن المسلمين اليوم بحاجة ماسة إلى أئمة يفهمون لغة العصر ويقرأون المستقبل لنشر التنوير

وتراوحت تعليقات القراء على المقال المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي بين الرفض التام لفكرة المساواة بين الذكور والإناث والتشديد على سمو التشريعات الإسلامية وتحريم تعديلها أو تغييرها أو الاعتراض عليها مهما تغير الحال وتبدل الزمان. كما لم تخل تعليقاتهم من اتهامات بالزندقة والتجديف ومعاداة الإسلام ومحاربة الشريعة والعمل على نشر الأفكار العلمانية والقيم الليبرالية التي تهدف إلى إفساد المرأة بحسب زعمهم.

كما لاحظت أيضا اتسام غالبية التعليقات بالسطحية وتركيز المعلقين على تبرئة الإسلام والتأكيد على أنه أنصف المرأة متجاهلين تماما العديد من النقاط التي تطرق إليها المقال كفكرة أن مفهوم العدالة قابل للتطور وأن الكثير من أحكام الشريعة الإسلامية لم تعد مناسبة للتطبيق في هذا العصر.

ويتفق غالبية المعلقين مع الجهاديين والدواعش في اعتقادهم بسمو الشريعة الإسلامية على غيرها من القوانين وعدم قبولهم بتعطيل أو إسقاط أي من أحكامها أو إدخال أي تعديلات عليها فهي بالنسبة لهم كاملة وقابلة للتطبيق في كل زمان ومكان.

كما يشتركون أيضا في اعتقادهم بأن العلمانية نظام معاد للإسلام متناسين أنه لولا العلمانية لما انتشر الإسلام في الغرب ولما سمحت الحكومات الغربية للمسلمين ببناء دور عبادة وممارسة شعائرهم الدينية والاحتفال بمناسباتهم الدينية.

ومن المشتركات أيضا بين الدواعش وأنصار الإمام أنهم لا يؤمنون بحرية التعبير ويؤيدون قتل الناس بسبب آرائهم ومواقفهم إن رأوا فيها تعديا على المقدسات، كما لا يعترفون بأن يكون للناس الحرية في اعتناق ما يناسبهم من أديان ومعتقدات ويرون أن من يبدل دينه أو يرتد عنه يستحق الموت.

أما أوجه الاختلاف بين الدواعش وبين أنصار الإمام فهي أن الدواعش قرروا تطبيق ما يؤمنون به على أرض الواقع، فالتحقوا بصفوف التنظيم الإرهابي وأعلنوا بيعتهم للخليفة البغدادي ونفذوا أحكام الجلد وقطع الأطراف وضرب الأعناق والرجم وأعلنوا الحرب على كل من يخالفهم وأرسلوا الانتحاريين لتنفيذ العمليات ضد من يعتبرونهم أعداء الله بناء على تفسيراتهم الحرفية لآيات القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية.

    فكرة التجديد في الأحكام وأمور الدين ليست جديدة على الفكر والثقافة الإسلامية

من المؤسف أن يرى غالبية المعلقين في تطوير أحكام الشريعة الإسلامية وتحديثها بين الحين والآخر حتى تتناسب مع العصر تعديا وتطاولا على الله وعلى رسالة النبي محمد على الرغم من إيمانهم في الوقت نفسه بصلاحية الدين لكل زمان ومكان. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يكون الدين صالحا لكل زمان ومكان إن لم يملك المرونة اللازمة لاحتواء المستجدات والتلاؤم مع المتغيرات والنوازل؟

وفكرة التجديد في الأحكام وأمور الدين ليست جديدة على الفكر والثقافة الإسلامية، فقد جدد الخلفاء الراشدون في الدين بإسقاط سهم المؤلفة قلوبهم وتعطيل حد القطع، كما جدد أئمة المذاهب في الأحكام الفقهية بما يتناسب مع البيئة التي كانوا يعيشون فيها ولو أنهم بيننا اليوم لنصحوا الناس بتجاهل اجتهاداتهم واستنباط الأحكام التي تتناسب مع مستجدات العصر.

إن المسلمين اليوم بحاجة ماسة إلى أئمة يفهمون لغة العصر ويقرأون المستقبل لنشر التنوير ولحث أتباعهم على التسلح بالعلم والمعرفة وتعلم ثقافة الحوار والتفكير النقدي والتسامح وتقبل الآخر والتفاني في العمل ومساعدة الآخرين بدلا من التمسك بشعارات مستهلكة مهدت الطريق للجماعات الإرهابية ولم تجن الأمة من ورائها سوى الويلات.

وختاما أجدد استعدادي لمحاورة كل من لديه رأي مخالف لما تضمنه مقالي السابق والرد على الأسئلة والاستفهامات شريطة أن يكون الطرح عقلانيا وبعيدا عن التعصب والتكفير فالهدف أولا وأخيرا هو تحقيق المصلحة العامة عبر تشجيع ثقافة الحوار وعرض الأفكار المختلفة في مناخ حر وآمن أملا في قطع الطريق على المتطرفين الذين يزدادون قوة كلما طغى التشدد والتكفير ويضعفون كلما سادت ثقافة التسامح وتقبل الآخر.
نقلا عن الحرة

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع