بقلم : نسيم عبيد عوض
 فى كل معسكرات الجيوش يبدأ صحيان القوات صباحا بنفخ النفير بما يسمى نوبة صحيان , والمقصود بدأ اليوم الجديد , ولذلك قد أستبشرت خيرا بجمعة 27 مايو ورد فعل المجلس العسكرى , فقلت أنها لنوبة صحيان , ولكن قبل أن أبدأ الكتابة خرجت علينا رأس الحية لتفسد اليوم وتعكر صحيانة , ودعنى أفسر : * فى يوم 27 مايو خرجت فيه كل فئات الشعب الوطنية , التى تريد إصلاح المسار , وفى حماية نفسها بنفسها , بعد إعلان غامض بعدم حماية القوات المسلحة وقوات الأمن المصرى بحماية المتظاهرين , رغم أن هذه سقطة بالغة , لأن المظاهرات فى كل أنحاء العالم تخرج فى حماية أمنية , ولكن الله سلم وخرجت شعوب المتظاهرين يدا واحدة متماسكة وأرغمت الشارع المصرى بقبول مناداتها والتى تتلخص فى المطالب الأساسية التالية:
1- لابد من تصحيح المسار ليعطى يد الشعب القوة لتسيير أموره فى ظل ثورة قام بها وقدم التضحيات بدم أبنائه , ليغير النظم العتيقة ويجدد أثاث بيت مصر بكل شئ جديد فى جديد, على عكس ما يقوم من تسلموا السلطة من النظام القديم , وهذا هو حقهم , هم الذين ثاروا , وهم الذين فقدوا شهدائهم , ولهم الحق فى ألأخذ برأيهم فى مستقبل البلاد, ولا تفرض على الشعب مسارات ليست فى صالح مصر وحريتها .


2- بدأ المجلس العسكرى طريقة فى سكة تخالف رغبات الشعب بأجمعة , وأعتقد أنه بإستفتاء الشعب تحت دوافع سلفية وإخوانية , هو كرت أبيض لفرض مسار يحكم مصر فى الفترة القادمة , فوجدناه يعين المستشار طارق البشرى ( الذى لم يدعه أحد لحضور أو المشاركة فى الحوار الوطنى أو الوفاق الوطنى , لعلمهم بنبذه الوفاق والإتفاق) والذى قاد الفتنة الطائفية قبل 25 يناير ليرأس المجلس الذى يغير قوانين مستقبل مصر كلها , ومعه متطرف إخوان مسلمين إسمه صبحى صالح و وقدموا لنا التعديلات الدستورية , ثم قانون الأحزاب السياسية , ويوضعون اليوم قانون الإنتخابات البرلمانية , ولا أعلم ماسيضعونه مستقبلا , ولذلك قال الشعب فى التحرير كلمته , إن ماقمتم به قبل 27 يناير باطل ومرفوض.


3- وفى تعديل المسار الى الحق والصحيح , طالب الشعب بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد , يعرض بإستفتاء الشعب , ثم يلحقه إنتخاب رئاسة الجمهورية أو إستفتاء على لجنة رئاسيه مدنية تحكم البلاد فى فترة لا تقل عن سنة , يتم فيها تجهيز الأحزاب السياسية لتتعيش مع الشعب وتندمج فيه وتقدم نفسها لجموع شعب مصر بدلا من سيطرة الخفافيش وزواحف جمعية ملغاة منذ عام 53 , وليبدأ مسار الأمة إلى طريق منير يتنسم فيه الشعب رحيق الحرية والعدالة والكرامة , وليستعيد أبناء مصر مصيرهم بأيديهم نحو تقدم مرموق للأمة كلها ,وليس لفئات بعينها تتلقى التعليمات والتمويل من دول لا تحب الخير لمصر. كان هذا ملخص مطالب الشعب الذى إجتمع فى ميدان التحرير , وأصدر بياناته, وتبشرت خيرا أو نوبة صحيان عندما أصدر المجلس العسكرى الذى يقود البلاد ثلاثة رسائل من رقم 59 إلى 61 والتى تتلخص فى النقاط المهمة التالية:


* أن المجلس العسكرى يرتكز على عدة ثوابت منذ بداية أحداث ثورة 25 ينايرالعظيمة , وقد انحازت القوات المسلحة المصرية للثورة ودعمتها ايمانا منها بدورها الوطنى تجاه مصر, وبحق هذا الشعب فى حياة كريمة ومستقبل أفضل, وإحتراما للشرعية لن تقفز على السلطة. * أنها تتعامل مع كافة القوى الوطنية للشعب المصرى دون إنحياز أو إقصاء لأحد وصولا للتوافق الوطنى بين كافة القوى والأطياف السياسية للوطن على أى مطلب ثم يتم عرضه على الشعب لإستكمال شرعيته وانه لن يتم فرض رأى بعينه على الشعب بدون موافقته ( مثال قانون الأحزاب الذى صدر بدون أخذ رأى وموافقة الشعب , وكذلك قانون الإنتخابات المزمع إصداره ) * ثم أتى محتوى الرسالة ال60 وال61 بمحتوى دعوة وطنية لكافة إئتلافات شباب الثورة دون إقصاء لأى فصيل للحضور الى مسرح الجلاء للتواصل مع عدد من أعضاء المجلس العسكرى , تحقيقا للأهداف المرجوة . وكان هذا كفيلا بأن أطلق عليه نوبة صحيان , فهاهو المجلس الأعلى للقوات المسلحة , سيلتقى بفئات ثوار الشعب وليس فئات معينة , ليصحح المسار , وللبدأ فى الطريق السليم بداية من تأجيل الإنتخابات البرلمانية إلى ترشيح رئيس الجمهورية , ولكن وللأسف وقبل أن يكتمل اليوم من غروبه أطلت الأفعى برأسها , خرجت علينا لتهبطنا إلى اعماق الأرض ثانية , فالأمر ليس فيه نوبة صحيان , بل نحن فى إنتظار نوبة غروب, والسبب فى ذلك : 1

- أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمتمثل فى شخصيات بعينها, برآسة وزير الدفاع , هو المسئول سياسيا عن رئاسة الدولة وتسيير أمرها بصفة مؤقته, ولكنه يخلط القوات المسلحة( أى جيش مصر ) فى الأمر , فوجدناه لا يتحمل أى نقد لرئيس الشرطه العسكرية , ويثير الرعب وسط الإعلاميين الذين أناروا الطريق أمام فتح الملفات للمخالفات التى تمت ضد الثوار, ويفتح أبواب النيابة العسكرية لكل من تسول نفسه بالنقد. 2- القرار المفزع والذى يتناقض مع كل ماصرح به المجلس فى بياناته , هو تعيين اللواء المهدى وزيرا للإعلام , أى عضو عسكريا يقود الإعلام فى الفترة القادمة , وبينما قد طالبنا فى الأيام الأولى للثورة بإلغاء وظائف ومناصب وزارة ألإعلام والثقافة , وطبعا نحن جميعا نعرف معنى هذا التعيين جيدا فله سوابق فى حياتنا, ولعل هذا مقدمة لتعيينات أخرى. 3- أطل علينا أيضا المستشار طارق البشرى برأسه فى فضائية المحور \" برنامج علمتنى الحياة \" ليقرر مايلى: * المادة الثانية بالدستور بصيغتها الحالية ضرورية لتحقيق المساواة التامة بين المسلمين والمسيحيين , وهذا ترياق عجيب لأنه لم يوضح كيف يتم ذلك؟


* وعبر البشرى عن رفضه لفكرة تأجيل الإنتخابات البرلمانية ,متحديا كل آراء القوى الوطنية وأعلبية الشعب , بل أضاف أن من ينادى بالتأجيل كأنه يطالب بعودة مبارك من جديد , وهذا سم أيضا ,لأنه لم يحدد ماذا يعنيه بذلك, والكل يعرف غرضه بإهداء البلد للإخوان المسلمين. وفى نهاية اليوم أكتشف ثوار التحرير أنها لم تكن نوبة صحيان , بدليل إحتواء أعضاء المجلس العسكرى فى المسرح الذين دعوا إليه , لأعضاء الإخوان والسلفيين فى اللقاء المزمع , لذا وقفت كل فئات الثوريين الحقيقين , خارج الأسوار ولم يوافقوا على المشاركة بل هتفوا بسقوط الأقنعة والتمسك بمطالبهم فى 27 مايو , وهكذا عدنا بظهرنا للطريق , وفى إنتظار ثوار الخميس 2 يونية . وإتضح خطئى فلم يكن هناك أى صوت لنوبة الصحيان المزعومة.. بل كان خيالا توهمته

كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها

تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :