الأقباط متحدون - اكتشاف معدة وأمعاء داخل سرطانات رئوية: السرطان يتغير ويفاجئ
  • ٠٠:٤١
  • الخميس , ٢٦ ابريل ٢٠١٨
English version

اكتشاف معدة وأمعاء داخل سرطانات رئوية: السرطان يتغير ويفاجئ

صحة | أنا أصدق العلم

٥٦: ٠٦ م +02:00 EET

الخميس ٢٦ ابريل ٢٠١٨

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

رصد الباحثون حديثًا مَعِدة دقيقة، واثني عشر-Duodenum، وأمعاء دقيقة مختبئة بين خلايا عيّنات الأورام الرئوية. تكون الأورام عادة في حالة فوضى شديدة؛ ففي الغالب تعبّر خلايا الجزء الواحد من الورم عن جينات مختلفة، وتكون لها أحجام وأشكال مختلفة عن خلايا جزء آخر من نفس الورم. وبالرغم من هذه الفوضى، فإنّ هذا الاكتشاف يُعَدّ مفاجأة كبرى.

اكتشف الفريق البحثيّ أنّ هذه الخلايا قد فقدت جينًا يسمّى NKX2-1 يعمل كمحوّل رئيسي، وعند عمله يقلب سلسلة من الجينات ليحدّد أنّ الخلايا الموجود بها ستصبح خلايا رئوية. وبدون هذا الجين، تتبع الخلايا مسار أقرب جيرانها – الجهاز الهضمي -، بالضبط مثل قطار يغيّر مساره عندما لا يعمل مفتاح محوّل السكك الحديدية.

وتؤكّد النتائج المنشورة في دورية Developmental Cell على المرونة المدهشة والمطاوعة التي تتمتّع بها الخلايا السرطانية. مثل هذه المرونة يمكن أن تمكِّن الأورامَ من مقاومة الأدوية، ويمكن القول إن هذا هو أكبر تحدٍّ لعلاج السرطان بنجاح.

يقول بوروشوثاما راو تاتا Purushothama Rao Tata، مؤلّف الدراسة الرئيسي والأستاذ المساعد لبيولوجيا الخلايا في كلية الطب بجامعة ديوك، وعضو في معهد ديوك للسرطان: «ستفعل الخلايا السرطانية كلّ ما يلزم لكي تظلّ حية». ويضيف: «عند استخدام العلاج الكيميائي، أغلقت الخلايا الرئوية بعض منظّمات الخلية الرئيسية-Key cell regulators، وأظهرت خصائص خلايا أخرى فقط من أجل الحصول على المقاومة والبقاء».

أمضى تاتا معظم حياته المهنية في دراسة أنواع الخلايا التي تشكل أنسجة الرئة الطبيعية، وكيف تُظهِر هذه الخلايا المرونة أثناء التجدّد بعد الإصابة.

بدأ تاتا يتساءل ما إذا كانت بعض القواعد نفسها التي وجدها تحكم التطوّر الطبيعي للخلايا وتجدّد الأنسجة قد تكون مسؤولة أيضًا عن الطبيعة المختلطة لخلايا الأورام.

وقرّر التركيز على سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة-Non-Small Cell Lung Cancer (NSCLC)، والذي يمثل نسبة 80-85% من جميع حالات سرطان الرئة.

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لوفيّات السرطان في جميع أنحاء العالم، ويمتلك واحدةً من أدنى معدّلات البقاء على قيد الحياة بين جميع أنواع السرطان.

حلّل تاتا البيانات من شبكة أبحاث أطلس جينوم السرطانCancer Genome Atlas Research) Network)، وهي اتّحاد كبير به قاعدة بيانات لجينومات آلاف العيّنات من 33 نوعًا مختلفًا من السرطان.

ووجد أنّ نسبة كبيرة من أورام سرطان الرئة من الخلايا غير الصغيرة تفتقر إلى NKX2-1، وهو جين معروف يحدّد الخلايا الرئوية. بل بدلًا من ذلك، عبّر العديد من الخلايا السرطانية عن مجموعة من الجينات الموجودة بالمريء والجهاز الهضمي.

افترض تاتا أنّ خلايا الورم الرئوي سوف تفقد هويّتها الرئوية وتُظهِر خصائص الخلايا الأخرى في غياب NKX2-1. وذلك لأن نموّ الخلايا الرئوية والخلايا المعوية يأتي من نفس الخلايا الأم، لذا كان من المنطقيّ أنّه بمجرّد أن تفقد خلايا الرئة الدليل الذي يحدّد نوعها، فإنّها تتبع مسار أقرب شقيق لها.

لاختبار ما إذا كان هذا صحيحًا أم لا، قام تاتا وزملاؤه بتوليد نماذج مختلفة من الفئران. حيث أخرجوا أوّلًا جين NKX2-1 من أنسجة الرئة في هذه الفئران.

ولاحظوا تحت المجهر ميّزاتٍ لا تظهر عادة إلّا في الجهاز الهضمي، مثل البُنى الشبيهة بالأغوار-Crypts وأنسجة من المعدة. ومن المثير للدهشة أنّ هذه الأغوار قد أنتجت إنزيمات هاضمة، كما لو أنّها موجودة بالمعدة لا في الرئة.

بعد أن أثبت تاتا أنّ عملية تعديل وراثية بسيطة يمكن أن تدفع خلايا الرئة إلى تغيير مسار نموّها، تساءل إذا كان من الممكن أن يساعدها تحويلٌ آخر أو اثنين على تشكيل الأورام. هذه المرة، بالإضافة إلى إزالة NKX2-1، نشّطوا الجينات الورميّة SOX2 أو KRAS.

ووجد الفريق أنّ الفئران الحاملة لطفرات SOX2 المفعّلة طوّرت أورامًا بدت كما لو كانت تنتمي إلى المعي الأمامي-Foregut. بينما الفئران الحاملة لطفرات KRAS طوّرت أورامًا تشبه أجزاء من المعي الأوسط والمعي الخلفي-Midgut and Hindgut.

ثم أراد تاتا وزملاؤه معرفة ما إذا كانت هذه الجينات كافية لتغيير مصير الخلايا الرئوية، أو إذا كانوا بحاجة إلى إشارات إضافية من البيئة الميكرويّة الأصلية-Microenvironment.

وللإجابة عن هذا السؤال، طوّروا نظام ورم مصغر للرئة-Mini-Lung Tumoroid، وهو عبارة عن نسخ مصغّرة من أنسجة ورم الرئة، ووجدوا أنّ التلاعب بالجينات كان كافيًا لخلايا الرئة لإظهار مثل هذه المرونة – أن تغيّر من نوعها.

يقول تاتا: «لطالما اشتبه البيولوجيون في مجال السرطان بأنّ الخلايا السرطانية يمكن أن تحوّر من شكلها لتهرب من العلاج الكيميائي وتكتسب مقاومة تسمح لها بالبقاء، لكنّهم لم يعرفوا الآليّاتِ الكامنة وراء مثل هذه المرونة. والآن بعد أن عرفنا ما نتعامل معه في هذه الأورام، يمكننا توقّع المسارات المحتملة التي قد تتّخذها هذه الخلايا عند مقاومة الأدوية، وتصميم علاجات لمنعها».

هذا ويخطط تاتا لاستخدام نظام ورم مصغر للرئة مجدّدًا في أبحاثه المستقبلية لمعرفة المزيد عن آليات المقاومة في خلايا سرطان الرئة.