الأقباط متحدون - أسلحة الدمار والكيماوي وأمن إسرائيل
  • ٠٣:٢٧
  • الثلاثاء , ٢٤ ابريل ٢٠١٨
English version

أسلحة الدمار والكيماوي وأمن إسرائيل

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٥: ١٠ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٤ ابريل ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

لم يكن تدمير العراق تحت زعم ملكية صدام حسين أسلحة الدمار الشامل، في نهايات القرن الماضي، عقاباً أو انتقاماً منه على استخدام الأسلحة الكيماوية، في حربه لأكثر من سبع سنوات ضد إيران، بمباركة من الحزب السني العربي، أو تسوية الحساب معه أو القصاص منه لما ارتكبه من مجازر في حق معارضيه سواء أكان هذا حقيقة أم زوراً وادعاءً، فقد كان الدعم الأمريكي في استخدامه لأسلحة الدمار المحرمة دولياً، ظاهراً وواضحاً وتحت سمعهم وبصرهم، ومعاونتهم، بل وإمداده بالمعلومات الاستخباراتية عن الأماكن والتوقيتات المحددة لاستخدامها ضد إيران، وكان عاملاً رئيسياً في حسم كل المعارك لصالحه، وأصبحت هذه الأسرار معروفة، ومعترفاً بها ومتداولة في دهاليز وأروقة المخابرات الأمريكية، بل كُشف عنها غطاؤها، وكان لاحتلال شبه جزيرة الفاو جنوب البصرة إحدى أهم هذه المعارك التي استخدم فيها صدام غاز الأعصاب "السارين" الذي حسم المعركة لصالحه، واستعاد صدام شبه الجزيرة في وقت قصير حاسم، ويحكي مسئول أمريكي في البنتاجون عن تسريب معلومات عام 1988 إلى صدام حسين، حين نجحت إيران عن طريق ثغرة في الدفاعات العراقية، في اكتساب ميزة استراتيجية كانت ستغير دفة الحرب لصالحها تماماً، فقد نقلت لصدام هذا الأمر، وزودته بالمقترح المطلوب، وطريقة التعامل معه سريعاً، واستخدم صدام الأسلحة الكيماوية تحت توجيهات الأمريكان، وكان لهذه المساعدات الأمريكية وهذه الضربة الكيماوية المدمرة، الفضل في انتصار صدام وقبول الإيرانيين وقف إطلاق النار، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حجبت أمريكا هذه المعلومات، وهذه الأدلة التي تدين صدام حسين عن جهات التحقيق ولم تقدمها، حين تقدمت إيران بشكوى تؤكد فيها استخدام صدام الأسلحة المحرمة دولياً في حربهما معاً، لكن الأمر بعد حسم المعركة لصالحه أصبح له شأن آخر. فما هو؟

ولم تكن مزاعم الأمريكان عن استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد التكفيريين أو الإرهابيين، مصدر قلق للأمريكان حتى تسارع لضرب سورية، أو بإرسال لجان تحقيق للتأكد من هذا الأمر، فليست قضية أمريكا شعباً عربياً يباد بالكيماوي، سواء أكان حقيقة أم خيالاً، أم استخدمها بشار أو استخدمها الإرهابيون بعضهم ضد بعض أو ضد العُزل من المدنيين، فالحرب التقليدية في سورية، واستخدام كل الأطراف الأسلحة المسموحة، قد حصدت أكثر من ذلك مئات المرات، ولا فرق بين الموت بأسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة التقليدية أو السيوف أو من الجوع، فالموت واحد.. إلا أن الأمر بعد استخدام الأسلحة الكيماوية واستيفاء الغرض منها، أصبح له شأن آخر.. فما هو؟

الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، هي أسلحة موجهة أساساً إلى الكائنات الحية، والزراعية والغابات، استخدمتها أمريكا في حربها في فيتنام لحرق الغابات وإتلاف المحاصيل الزراعية، وهي غازات الأعصاب، والسموم الكيماوية، وغاز الخردل السام، وغازات وقف التنفس، وغاز الهيدروجين السام، والأسلحة الكيماوية تمتلكها معظم الدول على مستوى العالم، الكبيرة والصغيرة، المتقدمة والمتأخرة من دول العالم الثالث، وذلك لسهولة تحضيرها، وقلة التكاليف بصورة ملحوظة، ما يشجع كل الدول على تحضيرها داخلياً دون الحاجة إلى استيراد مستلزماتها من الخارج، حتى ينكشف أمرها، وتشير أصابع الاتهام إلى مرتكبيها، وهي في نفس الوقت بديلٌ متواضعٌ للأسلحة النووية، التي تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة، ومعامل معقدة، وتكاليف باهظة، ومكونات يتم استيرادها مع التكنولوجيا الخاصة بها، فتقع عيون العالم عليها لحجبها ومنعها، وحظر التعامل بها، وفرض عقوبات على ملكيتها وإخضاعها للاتفاقيات الدولية الخاصة بها، وهو سوف يسيطر الكبار عليه، تحت زعم حماية العالم من هذه الأسلحة النووية، ليكون حصرياً لها، تهدد به العالم، وتبيده وقتما تشاء، كما استخدمته أمريكا في هيروشيما ونجازاكي في حربها ضد اليابان، وحسمت المعركة لصالحها، وأصبحت هذه الأسلحة الرخيصة هي وسيلة هذه الدول في مواجهة الأسلحة النووية، ولا تملك بديلاً في مواجهة الخطر النووي سواه، خصوصاً إذا كانت هذه الدول متتاخمة الحدود، لا تفصل بينها فواصل، أو في مرمى نيران الصواريخ، أو مدى الطائرات، وهذا الأمر ينطبق على العراق وسورية إلى حد كبير في مواجهة إسرائيل، التي تعترف بأنها لا تمتلك أسلحة نووية إلا أن الأدلة تؤكد ملكيتها هذا النوع من السلاح، فهي محصورة بين كماشة من الأعداء، وهي طرف لم يوقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي معاهدة مناهضة للتسليح النووي، ويصبح تفريغ المنطقة من الأسلحة النووية الإيرانية والأسلحة الكيماوية العراقية والسورية هو صمام أمن إسرائيل، ولا مانع من استخدام بعضها لها ضد بعض، حتى تؤتي ثمارها بينها إلى حين، وهذا "الحين" هو تهديد الأمن الإسرائيلي.
نقلا عن مصراوى

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع