دقت ساعة الإصلاح الحزبي
يوسف سيدهم
السبت ٢١ ابريل ٢٠١٨
بقلم: يوسف سيدهم
نجح الرئيس السيسي في الحصول علي ثقة المصريين في فترة رئاسة ثانية تبدأ في غضون شهرين, ولا يخلو منبر من منابر الإعلام منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية من مواد أو برامج تتناول ماذا يريد المواطن من الرئيس في المرحلة المقبلة… وبطبيعة الحال تتركز آمال المواطن البسيط الكادح في كل ما يتصل باحتياجاته الحياتية المباشرة من استقرار مادي وأمني وكفالة فرص العمل والعلاج له ولأسرته ومن بعدها يأتي النهوض بالتعليم والصحة والإسكان… إلي آخر تلك الاحتياجات الأساسية المشروعة.
وأنا إذ أتفق مع كل ذلك أظل مهموما بأمر إصلاح الحياة السياسية والحزبية, ذلك الملف الذي كتبت فيه مرارا بل عاهدت نفسي ألا أتوقف عن الخوض فيه حتي يتحقق, لما له من أهمية قصوي نحو تأمين المسار الديمقراطي والسياسي لهذا البلد… بل إني اعتبرته حجر الزاوية وراء دعمي ترشح السيسي لفترة رئاسة ثانية مستدعيا ما قاله خلال حديثه لرؤساء تحرير الصحف القومية في مايو من العام الماضي حين قال: … دعوت أكثر من مرة إلي اندماجات بين الأحزاب المتشابهة في برامجها وتوجهاتها السياسية من أجل خلق أكثر من حزب قوي لتسهم الخريطة الحزبية في تفريخ الكوادر المؤهلة لتداول السلطة, وأتمني أن نري الأحزاب ذات الأيديولوجيات المتشابهة تسعي نحو التنسيق فيما بينها تمهيدا للاندماج… وكتبت في هذا السياق في 22 أكتوبر الماضي الآتي: … في مايو الماضي كان الرئيس السيسي يعبر عما يتمني, لكني الآن وأنا أؤيد بشدة حملة دعم ترشحه لفترة رئاسة ثانية أقول له: أنا مواطن مصري غيور يحب مصر ويقلق علي مستقبلها أمنحك صوتي لفترة رئاسة ثانية مصحوبا بتكليف أساسي للعمل علي إصلاح الخريطة الحزبية لتندرج أحزابها في ثلاثة تكتلات لليمين والوسط واليسار تكون قادرة علي صياغة برامج قوية واضحة تتنافس بها في العمل الوطني وتستطيع إفراز كوادر سياسية قوية مؤهلة للتنافس علي القيادة وتسلم السلطة… إذا نجحت في ذلك خلال فترة رئاستك الثانية سيكون هذا هو أعظم إنجازاتك علي الإطلاق وسوف تذكره لك مصر بكل العرفان والتقدير….
الآن, ونحن علي أعتاب شهر مايو يكون قد مضي عام علي حديث السيسي في مايو الماضي ودون أن يتغير أي شئ في الواقع الحزبي المتهرئ والمشرذم وتظل الخريطة الحزبية تزهو بوجود نحو مائة حزب, لكنه رقم كبير بلا مدلول ولا مضمون ولا فاعلية يعكس تركيبة حزبية هشة عاجزة تدعو للشفقة… وذلك يثير تساؤلا جد خطير: إذا كانت دعوة السيسي لم تجد استجابة طوعية من جانب السواد الأعظم من الأحزاب, هل نمتلك ترف إضاعة الوقت في انتظار مبادرات حزبية لا تأتي للتلاقي والاندماج؟… نحن مقبلون علي فترة رئاسة ثانية تمتد أربع سنوات ويتحتم مع بدايتها الإسراع في تطبيق روشتة علاج للأحزاب العليلة بحيث يتعافي العمل الحزبي في غضون السنة الأولي وتترسخ ملامح الكتل الحزبية الرئيسية عبر السنة الثانية وتنضج وتتعرف عليها الجماهير وتتنافس في الانتخابات البرلمانية المقبلة وتفرز شخصيات وقيادات واعدة تحتل مقاعد زعامة الأغلبية والمعارضة وتدرك أدوات الائتلاف السياسي, وتمارس بحق أدوار الرقابة والتشريع والحكم… حتي إذا قاربت فترة الرئاسة الثانية للسيسي علي الانقضاء تتقدم هذه القيادات للترشح لمنصب رئيس الجمهورية في أول اختبار حقيقي لتدوير السلطة الذي استهدفه الدستور.
إذا ما العمل إزاء تقاعس الأحزاب عن الاندماج الطوعي؟.. هنا تبرز مسئولية السيسي وأعول أنا علي حكمته وبصيرته السياسية في أخذ زمام المبادرة في دعوة البرلمان لتعديل قانون الأحزاب وإعادة صياغة دور لجنة شئون الأحزاب لوضع المعايير الواجب استيفاؤها لإدراك الاندماج المستهدف والوصول إلي ثلاث أو أربع كتل حزبية قوية… ولعل من أهم تلك المعايير اصطفاف الأحزاب المتماثلة أو المتشابهة في برامجها وأيديولوجياتها معا في كتلة واحدة علاوة علي امتلاك حد أدني يتفق عليه من العضوية الحزبية عبر محافظات مصر يعكس الاستحقاق والشرعية لتلك الكتلة في تمثيل المصريين في العمل الحزبي والسياسي… وطبعا يجب أن يرتبط كل ذلك بفترة زمنية قصوي تترك بعدها فسحة كافية من الوقت للممارسة كما أسلفت.
سأظل مهموما ومشغولا ومثقلا بهذا الأمر وكما كتبت في هذا الملف في حلقات الأمور المسكوت عنها في تواريخ 27أغسطس, 22أكتوبر, 29أكتوبر من العام الماضي, ثم في 28يناير, 25 فبراير هذا العام, سأعود أكتب مكررا الدعوة وأثق أن كل غيور علي مستقبل هذا البلد يشاركني اهتمامي هذا.