الايقونة القبطية
البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين
الاربعاء ١٨ ابريل ٢٠١٨
الاب اثناسيوس حنين
أتصل بى صديق يقيم فى عاصمة أوروبية غربية للتهنئة بالقيامة، وبعد أن أخرجنى من همومى بتحية القيامة (أخرستوس أنستى)، أدخلنى فى هم جديد وهو يطرح السؤال عن أصل ومصدر أيقونة المسيح ذات الطابع القبطي الحديث والتى أنتشرت فى مصر والخارج وهى تصور السيد المسيح وهو يمد يده اليمنى الى الأمام ويضم الاصابع الاربعة ويشير بالاصبع السبابة الى الامام او فوق علي خلاف الايقونات المعهودة والتي نجد فيها السيد المسيح يرسم باصابع يده اليمني حروف IС ХС باليونانية وهو مايعرف بالكريستوغرام الذي يرمز إلى الحرف الاول والاخير لكلمتي يسوع المسيح تأكيداً علي ان من هو في الايقونة هو هو المسيح نفسه. صديقي ترجانى أن ابحث القضية .
الايقونة صارت علم وحسب العلماء يسمى (الايقونوجرافيا ) ويرى العالم كارليتى فى مقال له فى (المعجم الموسوعى للمسيحية الاولى-باريس 1990 ج 1 ص 1206 بالفرنسية ):
"الايقونة هى وسيلة تعليمية سواء رسمت السيد او القديسين او الاحداث الليتورجية والايقونة هى نتاج الجماعة المسيحية وتهدف الى تقديم رسالة جديدة " .
الايقونة تاريخ طويل وقد عقدت لها الكنيسة المجمع المسكونى السابع ( 760 م ) ردا على من حاربوها وأنكروها وشوهوها . ويرى أباء المجمع أن الايقونات التى ترسم شخص يسوع المسيح أو لمحات من حياته وكرازته تتفق تماما مع بشارة الانجيل وهدفها أن تؤكد أن المسيح قد صار انسانا حقيقيا وهم يرفضون من ينكر الايقونة معتمدا على تصورههم ان المسيح لم يصير انسانا بل شبه لهم . وهدف الايقونة هو تكريم السيد والقديسين من ناحية ومساعدة المؤمنين على التأمل والاقتداء بحياة السيد الظاهرة فى الايقونة (باسيليوس يانوبولوس : المجامع المسكونية ، أثينا 1995 ص1100 -106).
أذا جئنا الى الايقونة القبطية ’ نجد البحث الرائع الذى قام به البروفسور أشرف صادق عن الايقونة القبطية وعنوان الكتاب معبر " تجسد النور ، التجدد فى فن الايقونة القبطية على يد ايساك فانوس " 2000 (بالفرنسية) . ويلاحظ من يتصفح ايقونات السيد المسيح أنها حديثة وتصور المسيح فى نفس الوضع الذى وصفناه سابقا . يرفع اصبعا واحدا ويشير به الى الامام ولا يقول لنا المرجع عن تفسير هذه الاشارة من السيد المسيح . لجأنا الى كتاب صدر فى مناسبة الاربعين لرحيل الاستاذ ايساك فانوس "أيقونة خالدة ومدرسة متميزة فى الفن القبطى المعاصر" ( 1919 -2007 ) ويحتوى الكتاب على ايقونات للمسيح وهو يقوم بنفس الاشارة باصبع واحد وباقى الاصبع مضمومة (ص 25) وصورة للمسيح بنفس الوضع وامامها الاستاذ ايساك على سقالات الرسم (ص 80 ). وقد ذهبت الى مراجع أقدم ووقع بصرى على كتاب (الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار ، للأب متى المسكين 1995 ) وفى ملحق اللوحات والخرائط وتحت رقم 61 "صورة مكبرة للسيد المسيح موجودة فى كنيسة أنبا مقار – هيكل يوحنا المعمدان " ونرى فى هذه الايقونة القديمة والمرسومة على الحائط أن السيد يبارك بنفس الطريقة وحركة الاصابع التى يبارك بها كما في الايقونات التقليدية والموجودة في الكنائس والاديرة للروم وغيرهم اليوم فى العالم كله . هذه الايقونة اقدم تاريخيا من ايقونات ايساك فانوس .
يوجد فى كتاب (شرح انجيل يوحنا للقديس يوحنا الذهبى الفم ، اعداد القمص اغسطينوس البرموسى 2001 ) وعلى غلاف الكتاب صورة للقديس الذهبى الفم "على ما اعتقد" وهو يلبس قلنسوة قبطية على راسه ويبارك بنفس الطريقة التى يبارك بها اليوم الروم . ذهبت الى (الكنوز الخفية فى المقالات اللوكاسية للعلامة المتنيح الانب لوكاس مطران منفلوط وابنوب 2007 ص 365 -366 ) وفتحت الصفحات المشار اليها تحت عنوان (صور السيد المسيح والقديسين ) وهو يقدم فكرة عن أهمية التبرك بالايقونة ولا نجد ايقونات مع الكلام . فحصت كتاب ( القرارات المجمعية فى عهد صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث (117) 1996 وتوقعت أن يتصدر الكتاب صورة أو أيقونة للسيد المسيح رئيس الكهنة - لا يوجد! وكما لا يوجد أية قرارات تتعلق بالايقونة ومكانتها وشرح ما تم بها من تغييرات وتطويرات . لكن يوجد بالكتاب في صفحة 9 اشارة الى لجنة من لجان المجمع المقدس (لجنة الطقوس الكنسية وتشرف على كل ما يختص بالطقس سواء فى العبادة أو فى عمارة الكنائس وأيقوناتها أو ترجمات الكتب الطقسية أو الالحان أو ما يتعلق بالفن القبطى أو ما يدور من اسئلة طقسية ) . التطور سنة الحياة والتجديد رسالة الكنيسة وعمل الروح القدس ، لكن المهم أن يفهم الاكليروس والشعب السبب الروحى للتجديد والقصد اللاهوتى للتغيير فهل من مُفسر يشرح لنا لماذا؟