الأقباط متحدون - كلا.. فهذا العالم ليس سيئًا كما يبدو!
  • ٠١:١٩
  • الاثنين , ١٦ ابريل ٢٠١٨
English version

كلا.. فهذا العالم ليس سيئًا كما يبدو!

منوعات | إيلاف

٠٣: ٠٣ م +02:00 EET

الاثنين ١٦ ابريل ٢٠١٨

النظرة السوداوية إلى العالم صادرة من طريقة عمل عقولنا
النظرة السوداوية إلى العالم صادرة من طريقة عمل عقولنا

بحسب هانز روسلنغ، ميل الإنسان إلى ملاحظة السلبي، لا الإيجابي، ناتج من عدم استذكار الماضي بالشكل الصحيح، ومن التغطية الإخبارية الانتقائية، ومن الإحساس بأن الأمور ما دامت سيئة، فمن القسوة أن نقول إنها تتحسن.

 يبدو العالم في أسوأ أحواله، ويسير نحو الأسوأ: حروب وعنف وكوارث طبيعية وفساد. الأثرياء يزدادون ثراء، والفقراء يزدادون فقرًا، وموارد العالم ستنضب قريبًا في غياب أي إجراءات جذرية. هذه هي الصورة التي نراها في الإعلام، ونحملها في رؤوسنا.

نظرة سوداوية ومضللة
يقول الطبيب والأكاديمي والاختصاصي السويدي الراحل هانز روسلنغ في كتابه "قابلية الوصول إلى الحقيقة: عشرة أسباب لرؤيتنا الخاطئة إلى العالم" Factfulness: Ten Reasons We’re Wrong about the World، الذي نُشر بعد وفاته، إن هذه نظرة سوداوية ومضللة، فغالبية سكان العالم هي من ذوي الدخول المتوسطة، وإن كانت (هذه الغالبية) لا تنتمي إلى الطبقة الوسطى فإنها لا تعيش في فقر مدقع.
في هذا العالم إيجابيات كثيرة نغفل عنها

فبنات هذه الأكثرية يتعلمن في المدارس، وأطفالها تلقّح ضد الأمراض. شيئًا فشيئًا، وعامًا بعد عام، تتحسن أوضاع العالم، وإن لم يكن هذا التحسن في كل مجال. وشهد القرنان الماضيان تضاعف متوسط العمر الذي يعيشه الإنسان أكثر من مرتين. وعلى الرغم من التحديات الهائلة التي تواجه العالم، فقد حقق تقدمًا كبيرًا.

يقول روسلنغ إن خبرته على امتداد عقود في التدريس والاختبار جعلته يرى أن النظرة السوداوية إلى العالم صادرة من طريقة عمل عقولنا. فالعقل نتاج ملايين السنوات من التطور، ونحن مبرمجون بغرائز ساعدت أسلافنا على البقاء في مجموعات صغيرة من الصيادين والجامعين. نحن نحب السكر والدهن اللذين كانا مصادر الطاقة، يوم كان الغذاء شحيحًا. وبالطريقة نفسها، نحب القيل والقال والقصص الدرامية المثيرة التي كانت المصدر الوحيد للأخبار والمعلومات المفيدة. هذه الرغبة في الدراما تسبب تصورات خاطئة، وتسهم في تكوين نظرة مفرطة في دراماتيكيتها إلى العالم.


الحياة الطبيعية مستحيلة
ما زلنا بحاجة إلى هذه الغزائر الدرامية لإضفاء معنى على عالمنا، فإذا دققنا في كل ما نتلقاه، وحللنا كل قرار عقلانيًا، ستكون الحياة الطبيعية مستحيلة. ومثلما يجب ألا نمسك عن تناول السكر والدهون نهائيًا، يجب ألا نطلب من الجرّاح أن يزيل تلك المناطق من أدمغتنا المسؤولة عن العواطف. لكن، علينا أن نتعلم ضبط استهلاكنا من الدراما، كما يكتب روسلنغ.

لاحظ الأكاديمي السويدي الراحل أن عدد ضحايا النزاعات ينخفض منذ الحرب العالمية الثانية، لكن الحرب السورية قلبت هذا الاتجاه. والإرهاب أيضًا في صعود والصيد الزائد وتردي البحار كلها مبعث قلق وقائمة الأنواع المهددة بالانقراض تزداد طولًا.

لكن، في حين أنه من السهل معرفة ما يحدث في العالم من أمور سيئة، فإن معرفة الإيجابيات أصعب. خلال السنوات العشرين الماضية، انخفض عدد الذين يعيشون في فقر مدقع إلى النصف تقريبًا، لكن الذين يعرفون هذه الحقيقة أقل من 10 في المئة في غالبية البلدان.

يرد روسلنغ الميل الإنساني إلى ملاحظة السلبي، لا الايجابي، إلى ثلاثة أسباب: عدم استذكار الماضي بالشكل الصحيح؛ والتغطية الإخبارية الانتقائية من الصحافيين والناشطين؛ والإحساس بأن الأمور ما دامت سيئة، يكون من القسوة القول إنها تتحسن.

خديج في حاضنة
لمساعدة عقولنا على أن تدرك أن الأمور في تحسن، يقترح روسلنغ أن ننظر إلى العالم على أنه طفل خديج مريض في حاضنة. وبعد أسبوع يتحسن، لكن يجب أن يبقى في الحاضنة، لأن حالته ما زالت حرجة. فهل ثمة منطق في القول إن حالة الطفل تتحسن؟.

نعم. هل ثمة منطق في القول إن حالته سيئة؟، نعم، بكل تأكيد. هل القول إن الأمور تتحسن يعني أن كل شيء على ما يرام، ويجب ألا نقلق؟ كلا، قطعًا. فالأمور سيئة وجيدة في آن واحد. وهكذا، يجب أن ننظر إلى حالة العالم في الوقت الحاضر.

لنتذكر أن الإعلام والناشطين يعتمدون على الدراما للفت انتباهنا. فالقصص السلبية أكثر درامية من الإيجابية، ومن السهل بناء قصة أزمة على أساس تراجع موقت مأخوذ خارج سياقه من التحسن على المدى البعيد.

هذه هي قابلية التوصل إلى الحقيقة: أن يكون الفهم مصدر سلام ذهني. وعلى غرار النظام الغذائي الصحي والتمارين المنتظمة، يمكن، بل ويجب أن يصبح جزءًا من حياتنا اليومية. ومن شأن هذا أن يساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل، وعلى البقاء منتبهين إلى المخاطر والإمكانات الحقيقية، وتفادي التوتر المستمر بشأن الأشياء الخاطئة.

الكلمات المتعلقة