هل نحارب السلفية أم نحارب الإرهابيين2-2
د. مينا ملاك عازر
٠٦:
٠٥
م +02:00 EET
الأحد ١٥ ابريل ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
توقفت في الجزء السابق من المقال عن سؤال هام هو الذي عنونت به المقال، والسؤال إجابته يجب أن تكون واضحة باترة قاطعة، ولذا فعلينا أن نعترف بأمر هام حتى نستطيع التوصل لأهمية السؤال المطروح وفهم أيهما أهم محاربته هل السلفية أم الإرهابيين لنعيش في أمان دائم بإذن الله
توقفت في الجزء السابق من المقال عن سؤال هام هو الذي عنونت به المقال، والسؤال إجابته يجب أن تكون واضحة باترة قاطعة، ولذا فعلينا أن نعترف بأمر هام حتى نستطيع التوصل لأهمية السؤال المطروح وفهم أيهما أهم محاربته هل السلفية أم الإرهابيين لنعيش في أمان دائم بإذن الله
لا شيء يصنع الإرهاب إلا السلفية الوهابية، فتنة طائفية أو مذهبية تنتهي إلى عنف وقتل، ابحث عن الوهابية ذئب منفرد يتحوَّل من شخص عادي إلى قاتل وحشي باسم الدين، ابحث عن الوهابية كلهم يكذبون ويراوغون ويتحدثون عن أسباب اقتصادية أو سياسية للإرهاب، وهي أسباب موجودة وليست بعيدة فعلاً لكن الأصل والفصل، الجذر والفرع، هو الفهم الوهابي المتجمد المتخشب المتطرف الإرهابي للدين الإسلامي، ليس هناك إرهابي واحد قتل أو فخخ أو شخص واحد جرى بالطوب أو بالنار لقذف أو حرق منزل قبطي في مصر إلا وهو سلفي وهابي، السلفية الوهابية التي جعلت من الإسلام عنصرياً؟؟؟ يكره غيره، ويحتقره، وطائفيًّا لا يطيق الآخر ولا يفكر إلا في سحقه أو ضمّه، إما أن يرضخ الآخر المسيحي أو اليهودي، ويتصاغر جداً ويتذلل ويدفع الجزية بارتهان كرامته والتعامل كبني آدم درجة ثانية وإما أن يدخل مُكرَهًا الإسلام مُدَّعيًا حبّه، وإما أن يتم قتله ذبحاً.
بالمناسبة كانت مصر أول دولة تلغي الجزية عن المسيحيين في 1855 في عهد سعيد باشا، وبالمناسبة أيضاً كانت الجزية في مصر هي مرتبات مشايخ الأزهر ونفقات الجامع وطلَبته وقتها. ها هي الدولة التي كانت أول مَن استنارت، تظلم بالطائفية والفتنة الوهابية السلفية، الوهابية التي جعلت الإسلام مذهبيّاً لا يقبل إلا مذهباً واحداً، ويكفّر أي مخالف أو مختلف حتى لو صلَّى وصامَ وزكَّى وحج، فأي مسلم غير وهابي عند الوهابي كافر، جعلت السلفية الوهابية الإسلام دموياً لا يبغى إلا القتل بل والوحشية! من قنا حيث مواطنون مصريون عاديون لكنهم في الحقيقة إقصائيون مستبيحين دماء وحقوق الآخر، قرروا فجأة يحرمونهم من أن يتمتعوا بحقوق المواطنة وممارسة عبادتهم، المواطن الصعيدي الذى يعتقد أن بناء كنيسة يسيء للإسلام ووجود كنيسة بقريته يحط من شأنها ويقلل منه ويؤذي دينه، هو ذات العقل والمخ الذى يملكه مواطن إنجليزي أو فرنسي اعتنق الإسلام فرأى ضرورة أن يقتل أبناء بلده غير المسلمين بمنتهى الخساسة والنذالة! ضع في رأس أي شخص السلفية الوهابية ولن تضيع وقتاً كبيراً في انتظار تحوله إلى إرهابي سواء بحمل السلاح أو بحمل الكراهية سلاحاً! أكثر ما يؤلم المرء هو هذا الإجماع الأممي على الكلام الفارغ. تتنافس أطراف كثيرة في تصريحات إدانة الإرهاب، وتزايد أطراف أكثر على الوعد بمحاربته والقضاء عليه، بينما هم جميعاً شركاء في صناعته وأبعَد خلق الله عن محاربته! طبعًا الغرب متورط حتى ذقنه منذ تحالفَ مع الوهابية ومنذ صارت الوهابية صاحبة ثروة سمحت لها بغزو العالم بألف مركز إسلامي لنشر السلفية القاتلة العنصرية المتعصبة المذهبية، وهيَّأت لها غزو مصر وقهر عقلها واحتلال مؤسساتها السياسية والعلمية والدينية والإعلامية، بحيث لا نرى في مصرنا الآن إلا حصاد وهابية النفط التي هزمت الإسلام المصري منذ منتصف السبعينيات. نعم، كبار المتحكمين في القرار الحكومي والديني والتعليمي في مصر وهابيون سلفيون حتى وإن لم يعرفوا! هو إرهابنا وصنيعة أيدينا ولا ذرة شك في ذلك.
الاحتلال الوهابي للعقل المصري أجهض قدرة مصر على القضاء على الإرهاب، واستمرار الاستسلام المصري البائس للوهابية، فكراً وفقهاً وإعلاماً وتعليماً، يدعم وجود الإرهاب، بل ويجعل جذوره أكثر عمقا وأصعب قلعاً.
المختصر المفيد