الشعب يريد مصر مدنية
بقلم: زكريا رمزى زكى
صدمت عندما قرأت مقال الاستاذ ممدوح اسماعيل محامى الجماعات الاسلامية بعنوان الشعب يريد مصر إسلامية المنشور بموقع اليوم السابع بتاريخ السبت 28 مايو 2011 . وصدمتى كانت متعلقة بأن محتوى المقال كله منصبا كهجوم على من خرجوا إلى ميدان التحرير يوم الجمعة 27 مايو فى جمعة الغضب الثانية ، وكأنهم خالفوا أوامر أولى الأمر منهم وخرجوا على الشرعية بخروجهم فى هذه التظاهرة السلمية ، فظن هؤلاء الذين منهم كاتب المقال أنهم جرحوا فى كبريائهم وفى قيادتهم للشعب المصرى الطيب ، وأن الأمور بدأت تفلت من يديهم فقلبوا وجوههم على الوجه الحقيقى لهم الذى يظهره كاتب المقال فى مقاله فينادى جموع المسلمون فى كل ربوع مصر للخروج بمظاهرات مليونية فى كل محافظة للمطالبة باقامة دولة إسلامية نكاية فيمن خرجوا عن طوعهم ، وكأنه يملك مفتاح سحرى لكل المصريين ألا وهو الدين الذى يستطيع به أن يلعب على مشاعر البسطاء فنراه يستلهب الهمم ويصرخ فيهم لكنه نسى أن يناديهم بنداء واسلاماه ، وهنا أقول له ولماذا الآن ؟ وانت تقول اننا كنا نستحى بأن ننادى به ولماذا كنت تستحى ؟ فأنت تثبت أنك عندما تريد شيئا تذهب الى الجماهير وتخرج المفتاح من جيبك وتفتح به فتجنى النتائج والثمار وعندما لا تريد فأنت من تملك هذا المفتاح العجيب ،فلو أنت صادق فى ما تنادى به لكنت فعلته من أول يوم وليكن مايكون ، ولكن أن تأتى عندما شعرت بالحرج وأن زمام الأمور قد بدأ يفلت من أيديكم وتضغط على مفتاح الدين هذا غير مقبول ، وفى حديثك مع الشعب المصرى لم تنسى أن تسطر ما إعتدناه منذ سنين ألا وهو نظرية المؤامرة ، فتقول "والآن الموقف بيد كل مسلم ليس الجماعات الإسلامية أقول كل مسلم ومسلمة فى كل شارع وحارة فى كل قرية ومركز فى كل أرجاء مصر المؤامرة على الإسلام خطيرة وخبيثة، والإسلام دينك العظيم يناديك أن تدافع عنه يكفينا عشرات السنين من إقصاء شريعة الإسلام والحكم بشرائع وأفكار شتى علمانية وفرنسية وشيوعية اشتراكية." إنها لغة الخطابة التى تلهب حماس البسطاء ولا تتبرأ من الخداع الذى يلاحق به العامة فأى مؤامرة يتعرض لها الإسلام وشيوخ الأزهر الأفاضل يقرون أنه لا يوجد دولة دينية فى الإسلام ، هل أنت أعلم من هؤلاء ، أى مؤامرة تتحدث عنها وأنت تكيل الاتهامات لمعارضيك فى الرأى شمالا ويمينا ، فمرة يقول هناك من ينادون بجعلها دولة قبطية ، قل لنا ياسيادة الخطيب من الذى نادى بذلك لماذا غفلت التوضيح هنا وكتبتها جملة عابرة لكى تؤجج بها المشاعر فقط حتى ولو لم يكون لها مرجعية .
ويتطرق الكاتب إلى وصم من ينادون بوضع دستور مدنى بأنهم يجلبون الفوضى على البلاد والعباد فيقول "ويبقى أنه على كل مواطن مسلم مصرى أن يسعى لحقه فى دستور إسلامى لا دستور علمانى غربى نريد دستور محمد المسلم العربى لا دستور جورج أو محمد نابليون.
وكل محاولة للالتفاف على ذلك هى محاولة للفوضى، وتهديد هوية مصر وانتمائها لن نقبلها مهما كان الثمن.. يكفينا سنين الظلم والبعد عن عدل الإسلام." وبعد مطالبته للمسلمين بالتمسك الى ماينادى به من تطبيق للشريعة الإسلامية نراه يهدد بأنه لو لم يحدث ذلك أى تطبق الشريعة لن يتقبل هو ولست أدرى لمن صيغة الجمع التى يستخدمها قد تكون لكل المسلمين أو لأعضاء جماعته هذا الوضع مهما كان الثمن ، وهو الذى كان يعيب فى بداية مقاله على الذين خرجوا إلى التحرير ووصفهم بانهم خارجين على الشرعية لأنهم لم يحترموا رأى الأغلبية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية هنا يعرج ويخالف هو الشرعية بأنه يقول أنهم لن يتقبلوا أى رأى غير رأيهم .
وفى آخر المقال يعود ليذكر الشعب بالمؤامرة التى تحاك ضد الإسلام لست أدرى من الذى يدبر هذه المؤامرة ، فحين خرجت الثورة فى بدايتها طالبت بدولة مدنية والجميع كان يهتف بذلك والشىء الوحيد الذى حققته هذه الثورة حتى الآن أن أخرجت هؤلاء الذين يلتفون عليها الآن من السجون . ولا ينسى أن يذكر الشعب بضرورة الخروج بمظاهرات مليونية كل جمعة تأديبا لهؤلاء الذين يطالبون بدولة مدنية . فى النهاية لا يتبقى إلا أن أقول لك أن هذه الثورة العظيمة التى قامت فى مصر كانت ضد الديكتاتورية التى تتبنى نهجها أنت الآن ، وأظن أن الاغلبية الصامتة التى تراهن عليها فى مقالك تعرف أغراضكم جيدا ، وقد أستوعبت الدرس جيدا أيضا وأنها تحب دينها وتخشى الله ولا تنتظر لمن يملى عليها تحركاتها ، ولن ترضى بدكتاتورية أخرى تحكمها . فأقولها لكل وبعلو صوتى أن الشعب يريد دولة مدنية ، لأن الدين قوى وعالى وفوق الدول ولا يمكن أن يجر ويطوع للعبة السياسية . وجميعنا كما أنت نراهن على وعى وثقافة وحضارة الشعب المصرى ، وأنه ليس شعبا منقادا وإنما يملك ارادته وحريته التى لن تنزعوها منه بعد استردادها بدماء ابنائه
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :