ارتباك امريكي وتقدم تركي روسي ايراني
سليمان المنياوي
الجمعة ٦ ابريل ٢٠١٨
سليمان المنياوي
عقدت الأسبوع الماضي في انقرة القمة الثلاثية المغلقة لرؤساء روسيا بوتين واوردغان تركيا وروحاني ايران، وتأتي هذه القمة بعد أربعة شهور فقط من مثيل لها عقدت في مدينة سوتشي الروسية في 22 نوفمبر2017.. حيث اكد الرؤساء الثلاثة اتفاقهم علي وحدة الاراضي السورية ، وبالطبع كان مفهومهم للوحدة يعني، بقاء القوات الروسية عبر القواعد العسكرية الموجودة هناك ، وكذلك الوجود الايراني العسكري ، والاكثر ادهاشا أن وحدة الاراضي السورية من وجهة نظر تركيا تعني كما قال اودغان :" وأعيد التأكيد أننا لن نتوقف إلا بعد أن نعيد الأمن والاستقرار إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، وقبل كل شيء منبج"... "الدول الضامنة يجب أن تضمن وحدة أراضي سوريا ووقف إراقة الدماء، ونحن توصلنا إلى اتفاق بهذا الشأن"
وأكد بوتين التزام روسيا وتركيا وإيران بالمساهمة في تعزيز سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا، مشيرا إلى أن "هذا الموقف المبدئي له أهمية خاصة اليوم على خلفية المحاولات المتزايدة لإشعال الخلافات الأثنية والطائفية في المجتمع السوري، وتقسيم البلاد مع الحفاظ على مخاطر النزاعات في الشرق الأوسط
كما ذكر الرئيس الروسي أن الدول الثلاث اتفقت على تنسيق الخطوات لمحاربة الإرهاب وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين. وأضاف أنه أطلع نظيريه التركي والإيراني على الجهود التي تبذلها روسيا في هذا المجال، حيث أجرت روسيا عملية غير مسبوقة في الغوطة الشرقية لإنقاذ حياة آلاف المدنيين ، واضاف ،اتفقنا على توحيد الجهود لإعادة الإعمار في المرحلة ما بعد النزاع في سوريا. ويدور الحديث قبل كل شيء عن بناء منشآت البنية التحتية والمؤسسات العامة"، مشيرا إلى أن الشركات الروسية قد بدأت تشارك في هذا العمل، بما في ذلك في المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين قبل فترة.
من جانبة ،أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل العملية العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، والتي اعتبرها أردوغان خطرا على وحدة أراضي سوريا، وأضاف ،خلال عملية غصن الزيتون حاربنا ما يسمى بوحدات حماية الشعب، التي تشكل خطرا على وحدة أراضي سوريا".
وأضاف أن القوات التركية "حررت أكثر من 4 آلاف كيلومتر مربع من الإرهابيين"، مضيفا أن تركيا تضمن أمن هذه المنطقة وتبني البنية التحتية على "الأراضي المحررة" و"تعيدها لأصحابها أي السكان السوريين، واستطرد>"
من جانبه، شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن "سلامة أراضي سوريا وسيادتها ووحدتها واستقلالها هي المبادئ الرئيسية، وعلى الجميع احترامها، وهذا ما يريدة الشعب السوري.
وقال روحاني: "للأسف كانت بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة، تسعى لاستغلال الجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" كأداة للسيطرة على المنطقة"، مشيرا إلى أن بعض الدول الغربية قامت بتمويل وتسليح الإرهابيين بأحدث أنواع السلاح.
واضاف روحاني: "خصوم منطقتنا كانوا يخططون لتقسيم سوريا، لكنهم لن ينجحوا بذلك.. ونحن لن نسمح به".
وشدد الرئيس الإيراني على أنه لا يحق لأي دولة تقرير مصير سوريا، وهذا الحق يعود حصرا للشعب السوري.
يحدث ذلك في ظل ارتباك امريكي حيث أعلن رئيس لجنة رؤساء هيئات الأركان للقوات المسلحة الأمريكية، كينيت ماكينزي، الخميس الماضي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أمر بالاستعداد للخروج من سوريا، لكن دون تحديد جدول زمني لذلك
ويبدو الارتباك والتضارب واضحا في موقف الإدارة الأمريكية إزاء خطوة سحب قوات بلادهم من سوريا.
فمن تأكيد مسؤولين بالبنتاغون، أواخر 2017، البقاء في سوريا حتى إحراز تقدم ملموس بالعملية السياسية عبر جنيف، تغير الموقف إلى إعلان ترامب، قبل أيام، أن قوات بلاده ستغادر سوريا "قريبا جدا"، قبل الحديث عن إمكانية البقاء شرط دفع السعودية التكاليف، وأخيرا الحديث، اول امس، عن تأجيل الخطوة حتى نوفمبر.
ولكن ماكينزي أعلن في مؤتمر صحفي عقده بمقر البنتاجون بواشنطن ، إنه "لا يوجد إطار زمني لخروج القوات الأمريكية من سوريا".
وأضاف المسؤول في البنتاغون: "داعش مشكلة دولية، ونحن نتعامل معها على هذا الأساس دوليًا".
من جانبها، قالت مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون العامة، دانا وايت، خلال المؤتمر، إن "الولايات المتحدة ستواصل مواجهة داعش، والحرب على التنظيم لم تنته بعد".
وشددت وايت على أن "هذا هو موقف الولايات المتحدة، ومهمة القضاء على داعش لم تنته بعد"، دون تفاصيل إضافية.
وفي اليوم نفسه، قال البيت الأبيض في بيان، إن مهمة القوات الأمريكية للقضاء على "داعش" في سوريا "تقترب من نهايتها السريعة"، وإن "الولايات المتحدة وشركاؤها ملتزمون بالقضاء على الوجود المحدود المستمر لداعش هناك".
كما أفادت وسائل إعلام محلية بأن الرئيس ترامب طالب، خلال اجتماع مع كبار الضباط العسكريين وفريق الأمن القومي، الأربعاء الماضي، بسحب قوات بلاده من سوريا قبل الانتخابات الفرعية للكونغرس، المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، دون إصدار أمر رسمي أو اقتراح جدول زمني.
وفي وقت سابق اليوم، نقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن مصادر مطلعة، إن تحذيرات مستشاري ترامب له، خلال اجتماع الأربعاء، من مخاطر الانسحاب العسكري من سوريا "أثارت غضبه"بينما رجح موقع "ديلي بيست"، الأربعاء، أن ترامب يخلق الكثير من الالتباس حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بهدف ابتزاز السعودية وسحب الأموال منها مقابل تقويض النفوذ الإيراني في البلد الذي أنهكته الحرب منذ 2011 .
هكذا يبدو جليا ان القضية السورية اصبحت بين يدي التحالف الثلاثي (الروسي ـ التركي ـ الايراني) وارتباك امريكي ـ سعودي ـ خليجي .