ما زال كتاب «الوهابية تشوه الإسلام»، الذى صدر منذ أكثر من عشر سنوات قادراً على إثارة الدهشة وتقديم النفع، خاصة بعد التغييرات الاجتماعية الضخمة التى يغير بها ولى العهد وجه وملامح السعودية من الناحية الاجتماعية، أهدى ولى العهد السعودى هذا الكتاب، لكى يستعين به كمانيفستو فى معركته ضد الحرس الوهابى القديم، الكتاب بقلم نخبة من الكُتاب المهمومين بحال الأمة الإسلامية وتدهورها الفكرى والحضارى، ويثير حيرتهم خروجها من سباق الحداثة، وأهميته الأكبر أن هؤلاء قد ناقشوا فى خاتمة الكتاب كيفية الخروج من هذه الأزمة، على رأس هؤلاء الكتاب الدكتور أحمد شوقى الفنجرى وعبدالفتاح عساكر وأحمد السايح وغيرهم، الكتاب برغم صغر حجمه أثار نقاطاً بالغة الأهمية فى قضية «الوهابية» التى شوهت الإسلام.
بدأ الكتاب بنشأة الوهابية فى أحضان وزارة المستعمرات البريطانية وعلاقتها بالجاسوس البريطانى همفر، الذى أوفدته بريطانيا إلى الحجاز، ومذكراته منشورة على الإنترنت لمن يريد المزيد من المعرفة، يؤكد الكتاب أن الفكر الوهابى الذى غزا مصر بأموال البترودولار خطر على العلم والأمن والتقدم وفكرة المواطنة، فهذا الفكر ضد الحضارة الحديثة وضد المرأة وضد الأديان والعقائد الأخرى، ويكفى أن نقرأ فتوى وجوب هدم الكنائس (فتوى لجنة الإفتاء السعودية برئاسة عبدالعزيز آل الشيخ) وتحريم البدء بإلقاء السلام على النصارى (ابن العثيمين 21-9-2005)، وعدم تهنئتهم بأعيادهم وعدم القصاص لهم تنفيذاً لفتوى لا يقتل المسلم بالكافر.
المرأة طبقاً للتفكير الوهابى مُجردة من آدميتها وإنسانيتها، لا تسير فى وسط الطريق ولكن بحافته وبجوار الحائط حتى تلتصق ملابسها بالجدار!!، وإذا تعطرت فهى زانية، وإذا كشفت وجهها أو شعرها، فمصيرها جهنم وبئس المصير، أقصى ما تستطيع المرأة فعله هو حريتها فى ارتداء كفن أسود يحجبها عن الأعين وعن الحياة ولا تتخلص منه إلا بكفن آخر لونه أبيض!.
تجديد وثورة الوهابية تمت بهدم بيت رسول الله وبيت أبى بكر ودار الأرقم وطمس كل مقابر البقيع!!، ولولا هجوم إبراهيم باشا لطالت نار الهدم والتخريب باقى الآثار الإسلامية، استمرت الثورة الوهابية فى تبنى مثل هذه التخريبات، حتى وصلت إلى التخريب بالفتاوى بدلاً من التخريب بالمعاول والفؤوس، وهى الفتاوى التى يحاربها الآن الاتجاه الجديد فى السعودية، والذى تعلم فى الخارج وشاهد أن تقدم الغرب التكنولوجى مرهون بالتحرر الفكرى.
الفتاوى تنتمى إلى عالم الكوميديا السوداء، التى تجعلك تبكى دماً من فرط التفاهة، بداية من تحريم لعبة البوكيمون بتاريخ 3/12/1421 هـ، حتى فتوى تحريم علم الجيولوجيا للفوزان مروراً بتحريم اللغة الإنجليزية لابن عثيمين، وتحريم إهداء الزهور للجنة الإفتاء الدائمة، وفتوى تحريم رنات الهاتف الخلوى للشيخ محمد صالح المنجد، وفتوى تحريم لعب كرة القدم للشيخ عبدالله النجدى، والفتوى التى جعلتنا مسخرة العالم وأعادتنا إلى عصر ما قبل جاليليو، وهى فتوى الشيخ ابن باز بتكفير كل من يقول بدوران الكرة الأرضية حول الشمس!!.
إنها ليست معركة سهلة، ولن يرضى الأسد الوهابى أن تخلع أنيابه ومخالبه بسهولة.
نقلا عن الوطن