الأقباط متحدون - أولويات الدول هي بديهياتها1-2
  • ٢٢:٥٥
  • الجمعة , ٣٠ مارس ٢٠١٨
English version

أولويات الدول هي بديهياتها1-2

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٢٥: ٠٦ م +02:00 EET

الجمعة ٣٠ مارس ٢٠١٨

السيسي
السيسي

د. مينا ملاك عازر

أبدى الرئيس تسامحاً مشكورا عليه في الفيلم الذي سجله، قل الحوار الذي صوره مع المخرجة المتميزة ساندرا نشأت، لقد اقتحمت وتساءلت بعفوية شديدة عن أشياء لم يسبقها لها أحد، عرضت لآراء مواطنين وخناقاتهم وشجارهم وتناحرهم حول رأيهم في الرئيس، وعرضت بوضوح خوف المصريين من جراء إبداءهم رأيهم الذي أرادته منهم، ما يعكس أن لهم رأي سلبي يخشون عواقب إعلانه، ولن أنجر وراء فكرة التمثيلية وأن الرئيس قبل هذا باتفاق فحتى لو كان هذا صحيح، فلقد كان السقف المسموح به عالي لذا سأنجرف أناالآخر وراء ثقة الكثيرين بمصداقية الحوار وتسامح الرئيس الذي أبداه حتى مع ضيفه الرئيس السوداني الذي أساء له ولمصر واتهمنا بالتآمر عليه، ولكن الرئيس احتواه وقدره واحتفى به، وأشاد به، ووقع معه معاهدات واتفاقيات وتغاضى عن اتهامات الاستيلاء على الأرض، وأبدى مرونة للتفاهم مع السودان حول هذه المسألة بحسب فهمي من السيد عمرو أديب، الذي أقلق جداً لو ثبت بأي أسلوب أن المثلث حلايب وشلاتين سودانيتين سيكون موقفه سيئ، ومع استبعادي أن يتم إثبات سودانية المثلث المصري، وصعوبة هذا، لأن نظام مبارك لن يدفع الفاتورة هذه المرة خاصةً وأنه رفض بوضوح سودانيتهما بعكس الموقف الملتبس في تيران وصنافير حين دفع الفاتورة بشكل أو بآخر، المهم تسامح الرئيس هو موضوعي، ولن أحيد عنه، وسأستغله واثقاً في سعة صدره، وسعةصدرالمزايدين والرافضين لمناقشة الرئيس على عكس موقفهالشخصي، وسأتخيل أن المخرجة ساندرا سألتني، وسأقول لها ما يلي وللعلم أنه جزء من كل.

دعونا نرتكز أولاً على أساس وهو أن مشكلة الدولة في وجهة نظري حين تريد أن تبني رخاماً تكتب عليه افتتاحات جديدة، وتسعى إلى أن ترفع مسلات كعلامات على أنها فعلت ونفَّذت، لكنها في غمرة الحماس تبني على رمال متحركة مشروعات شاهقة فالمؤكد أن احتياجات الشعب غير مشروعات النظام الحالي، بعضها مشروعات ممتازة لكن ليست أولوية عاجلة ولا حالية،فليكن لينجزوا ما أرادوا ما داموا تحمسوا، لكن المشكلة هنا أن الضروري والحتمي لا يصبح في مقدمة الاهتمام ولا رأس الأولويات،وإما يتم تجاهله وإهماله، وإما أنه يتخذ ترتيباً متأخراً وإما يتم استنزاف ميزانياته لصالح العجلة في مشروعات المسلات والرخامات.

المؤلف الأمريكي الأشهر في مجال التنمية البشرية ستيفن كوفي يحدِّد شرط النجاح بأنه الالتزام بتنفيذ أول الأشياء أولًا،وهو صاحب التعبير الذى يجب أن تضعهكل أجهزة الدولة حلقة في ودنها (القيادة السهلة هي التي تبدأ بأول الأشياء أولاً).

انطلاقًا من جملة ستيفن كوفي، ماذا لو سألت الحكومة عن مشروعات الصرف الصحي مثلا؟ سوف تقدم لك إجابات كثيرة، ومنها أنها تعمل على تلك المشروعات فعلاً لكن هل بنفس الميزانيات المصروفة لغيرها؟ أبداً هل بذات العجلة التي نفذت بها مشروعات الكهرباء مثلاً لا، هل أهميتها أقل من العاصمة الإدارية؟ إطلاقًا بل أهم ألفمرة، هل أهميتها أقل من مشروع الضبعة؟ بل العكس لا وجه للمقارنة.

الأخطر هنا هل يمكن لوضع الصرف الصحي أن يستمر ونحن نعالجه بالتنقيط والتدريج البطيء وننصرف لغيره متحمسين جدًاً ومتسرعين تماما؟! فهل يمكن لأمة عاقلة أن تتصور أنها ستنهض وتقوم من عثرتها وتصبح قد الدنيا، وهناك ستون مليوناً من مواطنيها لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحي؟! رغم بديهية الإجابة على السؤال هذا إلا أنني سأفضل إرجاء الإجابة عليه للمقال القادم - بإذن الله- إن كان له نشر لنستكمل رحلتنا مع الصرف الصحي، واحد من مشاريع كثيرة كان يجب أن تكون في الأولوية بل في العجلة والسرعة يحتاجها المواطن، وكان المواطن حينها سيصبح ممتن وسعيد وشاعر بالإنجاز وحجمه.

المختصر المفيد الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، لكنه قد يفسد صحة وتعليم واقتصاد بلاد بموانيها.