حينما يظهر الباطل وكأنه حقاً
ماجد سوس
٤٦:
٠٩
ص +02:00 EET
الخميس ٢٩ مارس ٢٠١٨
ماجد سوس
لا يتوقف القلم الحر طالما الكاتب قلبه لايزال ينبض وطالما يحركه ضميره الحي لن يحسب قلمه على فريق ضد آخرولن يستقطب ولن ينضم إلى محاكم تفتيش النفوس ولن يتلون سيبقى الأبيض أبيضاً والأسود أسوداً.
ما يحدث الآن في الكنيسة لهو أمر يحزن قلب المسيح فكل فريق يتصور أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وهو أمر غير صحيح فلا أحد يملكها ويمتلكها بمفرده فالحق المطلق هو الله وما زلنا نختلف في أمور كثيرة حتى بعد أن كشف الله لنا السر المكتوم منذ الدهور. نعم قد نتفق داخل كنائسنا على عقائد تراها كل كنيسة حق لكننا جميعا نعبد يسوع المسيح نعترف ونؤمن أنه هو الحق المطلق الذي يعمل في كل الأمم والقبائل والألسن واللغات والحق وضع المحبة لتكون معيارا لقبول كنيسته مبنياً على قبل الآخر وتقديم الاحترام اللائق له.
أما الآن فأنا أرى تحزبات وإدانات وتجمعات ومؤتمرات لتكفير الآخر وهرطقته تمزق جسد المسيح وتعثره والأمر اللافت أنك حين تعترض على ما يحدث تتهم بأنك انت الذي تعثر الناس فصار العاثر من يتهم الآخر بعثرة الناس فهو لا يرى نفسه في ضوء وصية الله بل يرى الآخر فهو يأخذ من الوصية ما يعضد فكرته ويثبتها لتكون سنده في حماية فكرته.
لا ريب في أن ترى أنَّ رأيك هو حق، وإلا ما اتبعتَه وما ناديت به، وأنا أيضا قد أرى رأيا وأعتقد بصحته،ولكن الضير كل الضير أن تعتقد أن رأيك حق في ذاته وأن رأي غيرك باطل في ذاته، ثم تتعامل من هذا المنطلق وبالطبع حتى لا يسرع المتصيدون بتكفيري لا أقصد ثوابت الإيمان والعقيدة الأرثوذكسية ولكن أقصد لا تجعل من نفسك صاحب العلم والفهم الأوحد فلم يخلق الله نبياً واحدا ولا رسولاً واحدا ولا عالماً واحد فهو فقط الفريد الوحيد الجنس مصدر العلم ومصدر الحق المطلق كما أسلفنا.
فالارتداد العظيم الذي سيضرب الكنيسة يوما، كما يرى البعض، قد يكون في المحبة وليس العقيدة لأنها السلاح الخطير الذي يزيف به إبليس الحقيقة ويشكل الأمر وكأنه يلتفت عنها لأنه بصدد الدفاع عن الكنيسة وإيمانها فيشعر الشخص أنه مسيح الهيكل الذي يحمل سوطاً والآخرون هم باعة الحمام والصيارفة فالإدانة وعدم محبة الآخر تشكل الضربة اليمينية التي تفقدك الملكوت وإن حملت في داخلك إيمان نقل الجبال.
إن ما نراه الآن من هجوم متواصل على قداسة البابا وبعض رجال الإكليروس وتصيد الأخطاء لهم ومحاولة إظهارهم أنهم يفرطون في معتقدات الكنيسة وإظهار قرارات الباباوات السابقين أو المجامع المقدسة أنها قرارات ثابته ثبوت الحق هو أمر مخالف لتعاليم الكنيسة والأمثلة كثيرة جدا فقد حكم ٣٦ أسقفاً برئاسة البابا ثاؤفيلس البابا ال ٢٣على يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية ومنع كتبه فأتى البابا اللاحق له وهو البابا كيرلس عامود الدين فرفع الحرم من على ذهبي الفم بل واعتبرته الكنيسة القبطية قديسا وعالما عظيما.
ما المشكلة أنا يكون لكل بطريرك رؤيته الخاصة وتصوره في قيادة الكنيسة ففي قراءتي لقرارات المجمع المقدس في عهد البابا شنودة الثالث وجدت أمرين أولهما أن هناك الكثير من القرارات التي تم فيها تغيير أمور كان يفعلها سلفه البابا كيرلس السادس في الأصوام أو في مجال الأحوال الشخصية او إلغاءه لصلاة الأربعين و الأمر الثاني أن في حواراته مع الطوائف الأخرى كان يلتقي مع المختلفين معه بما فيهم الأنجليكان الذين قاموا برسامة أسقف شاذ جنسياً فأرسل لهم أحد أساقفة كنيستنا ليحاورهم دون أن يوقف الحوار الأمر الذي إذا حدث الآن سيتم معه التشهير بالأسقف الذي سيذهب وربما بهرطقته وبالطبع تشويه صورة البابا.
لقد اقترحت أن توقف الكنيسة المؤتمرات والحوارات والمجادلات في الصوم الكبير من كل عام فيعتكف الآباء الأساقفة في أديرتهم أو قلاليهم داخل إيبارشيتاهم ويقلل الآباء الكهنة والخدام من العظات وتكون في أضيق الحدود عظات روحية خاصة بقراءات الصوم فقط ويعتكف الشعب كشعب نينوى وتكون أيام توبة ودموع وصلاة وأثق أنه سيكون فعلها أكثر قوة من خدمة الكلمة.