الأقباط متحدون - صمت القبور
  • ٠٢:٤٠
  • الاربعاء , ٢٨ مارس ٢٠١٨
English version

صمت القبور

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٥٧: ٠١ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. مينا ملاك عازر
عفواً عزيزي القارئ، أنا لم أغشك في هذا المقال حين لم أكتب تلك السطور الفارغة من الكلمات كما ترى، ولا قد حُذِفت بفعل الإدارة ورؤية التحرير، فأنا لست من هؤلاء الذين لا يحترمون القانون، ولا يخترقون الموضوع، ولا ممن يضحون بأعمارهم ولا مستقبلهم الإنساني ولا غيره، ولا حتى من هؤلاء الذين يصدقون الدعاية، ولا ممن يكدرون السلم العام، وأغسل يدي قبل الأكل وبعده، وأستحم في الأعياد وأوفر المياه، وأحدد الحدود ولا أحب اختراقها، وأنا من هؤلاء الذين يفضلون الحيط ليمشون لجوارها، فلا أحب المشي حتى، بل أفضل الحيط فقط من باب أنه يداريني ويداري من أحبهم، وأفضل إرضاء رؤسائي، وإسعاد أصدقائي، وأتمنى الخير لسيادة رئيس المباحث ، وأدعي على اللي بيكرهوا البلد، بيد أن ذلك الفراغ الذي تراه أعلى الكلمات السابقة من فقرات متروكة فاضية لمقتضيات الصمت الانتخابي، ذلك الصمت الذي يسود عالم الأحياء من المنشغلين بالسياسة ومستقبل الأوطان لمدة ما، يسمع فيها صوت الناخب ويصمت المرشحون، يصمت المرشح ويتحدث الناخب، يكون هذا آخر حديث  له، وللمرشح آخر صمت له، ليبقى يتحدث ويتحدث ويأمر وينهي، ولك أن تعلم أن مصر بلد به ثروة بشرية وليس قنبلة سكانية، وبه مدارس تتسع للناخبين وتُفرغ من التعليم، ولهذا الانتخابات أهم من الشهادات والمؤسسات العلمية، مؤسسة لنصوت بها سواء لضرب المدرسين أو لضرب الأصوات.

ولأننا في لحظات الصمت الانتخابي في آخرها بالتحديد، إذ ينشر هذا المقال في آخر أيام الصمت، وبداية أيام التصويت حينها مصر تكون على طريق طويل من الديمقراطية، لا تمشي فيه ولا تخطو خطوات جادة فيه إلا في أيام الانتخابات أما غير هذا فتنتقل الديمقراطية للاستوديوهات والمقاهي، وهناك فقط يمكنك التصويت بالصوت الحياني ولكن كله تحت رؤية وسمع وبصر الأمن، وإلا فأنت مخرب وتضر البلاد.

وصمت المرشحين يذكرهم بصمت القبور حين يقف الإنسان دون حرس ولا مطبلاتية أمام وجه كريم يحاسبه ويسأله، هل عملت بما قلت وقت كلامك؟ أم كان أفضل لك أن تبقى كل عمرك في صمت انتخابي لترحم الذين وثقوا فيك، وهناك أيضاً سيصمت لأن في حضرة الله لا يكذب أحد، والصمت أفضل، فهو فاحص القلوب والكلى.

عفواً عزيزي القارئ، المساحة المكانية للمقال لن تسمح لي بالمزيد فجزء منه أفنيته في الصمت، والجزء الآخر قضيته في شرح أسباب الصمت ونتائجه، وتذكيرك بأنها آخر الفرص التي تصوت فيها لتبقى بعدها تصوت بصوت مكتووووووووم.

المختصر المفيد "الرئاسة لا تتم إلا بحسن السياسة." سقراط