«النتيجة محسومة... فلماذا أُضيّع الوقت فى طوابير اللجان؟» تلك العبارةُ وشبيهاتُها تتردَّدُ على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وهى بالتبعية النغمةُ التى يعزف على تنويعاتها بعضُ الشباب العازفين عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى تبدأ اليوم الاثنين، وتمتدُّ أيامًا ثلاثة. وبين أولئك العازفين عن المشاركة، دون شكّ، شبابٌ وطنى طاهر يحبُّ هذا البلد، ولا يبخلُ عليها بالوقت والجهد والعمل. ولكنهم للأسف، ودون أن يدروا، يُروّجون فكرةً شوهاء؛ يريدُ أعداءُ مصر نشرها وغرسها فى الوعى الجمعى المصرى، والعربى، والعالمى. وبكل أسف، يُساهم بعضُ أبنائنا، عن غير قصد، فى شيوع شائعات تُشوِّه وجهَ مصر أمام العالم. لو تتبّع أبناؤنا من شباب مصر الجميل خيطَ تلك العبارات، لعرفوا مصدرها، وتأكدوا أن من يمسك بطرف الخيط هو أوّل من أطلق تلك العبارات المسيئة لمصر، وهم الجماعة الإرهابية الشريرة وأزلامهم وأذنابهم فى قطر وتركيا وعلى شاشات القنوات المعادية لمصر، والجميعُ يعرفها. لو عرف الشباب ذلك، لكفوا عن ترداد أقوال جماعة الشر، ولحسموا موقفهم فى الوقوف إلى جانب الوطن، ضد أعداء الوطن.
ببساطة يريدون أن ينقلوا للعالم أن مصر غير مستقرة سياسيًّا وأنها متعثرة فى المِراس الديمقراطى وأن أحدًا من المواطنين لن يذهب إلى صناديق الانتخابات، وهذا لا يدل إلا على أمر واحد وحيد. أن المواطن المصرى لا يعرف «حقوقه» ولا يعرف «واجباته». هذا ببساطة ما يتمناه أعداء مصر: تشويه وجه مصر أمام العالم، حتى لا يدعمنا أحدٌ من الدول الداعمة، وحتى تسقط حقوقُ مصر العالمية فى المشاركة فى صنع القرار العالمى، وغيرها من المزايا التى نخسرها بتكريس تلك المغالطات.
مشهدُ اللجان الشاغرة، والصناديق الفارغة من أوراق الناخبين، هو «المشهد الحُلم» بالنسبة لكارهى مصر، وهو ما يرجوه خصومُ مصر فى قطر وتركيا وقنوات الإفك المُعادية للدولة المصرية. وهو ما لن يحدث بإذن الله. فكما أثبتَ المصريون بالخارج وطنيتهم فى سفاراتنا المصرية بكل دول العالم فى لجان الانتخاب الرئاسى، حين ملأوا سماوات الدنيا بأعلام مصر خلال الأيام الثلاثة (١٦-١٧-١٨ مارس)، فكانت صفعةً مدوية على وجه أعداء مصرَ، سوف يصنع المواطن المصرى داخل مصر سيمفونيته الخاصة اليوم وغدًا وبعد غد، لتكون الصفعة مزدوجة على وجه من يريد تشويه وجه مصر.
كنتُ حاضرة فى حفل تكريم الأمهات المثاليات بفندق الماسة الأسبوع الماضى. وحين تأملت تلك الوجوه المصرية المكسوة بالأمل والرجاء فى غدٍ طيب، ووجوه أمهات الشهداء الراضيات بأمر الله فى أن تكون دماء أبنائهن قربانًا لمصر الطيبة واستقرارها وتطهيرها من الإرهاب، ووجوه المصريات الاستثنائيات اللواتى كرّمهن الرئيس تقديرًا لدورهن المدهش فى إعلاء اسم مصر فى شتى المجالات، تأكدتُ أن بلدًا مثل مصر، مكتوبٌ له الصمود والثبات فى وجه الإرهاب وفى مدونة التاريخ وفى حاضرة الأمم. فهمتُ يومها لماذا مصرُ هى مصرُ، ولماذا سوف تظلُّ مصر، مهما تكسّرتِ النِّصالُ على النصالِ فى قلبها الطيب الذى يفتح دروبه لكل الدنيا، والذى هو بحجم الدنيا. مصرُ باقيةٌ بشرفائها المصريين ممن يعيشون فيها، وممن يعيشون خارجها وقلوبُهم فيها. لهذا سنحتشد فى لجان الانتخابات، ونملأ الصناديق بأصواتنا الشريفة التى تحمل الحبَّ لمصر، التى ليس لنا غيرها حضنٌ ولا ملاذٌ ولا دفءٌ.
سوف نملأ الدنيا اليومَ فى لجان الانتخابات بالأغانى والفرح والثقة فى غدٍ أطيب لنا جميعًا فى ظل وارفة أشجار بلادنا الطيبة التى تنتظر منّا الكثير من الجد والعمل ومحاربة: الفساد والكسل والإهمال والتراخى والأنامالية، حتى تصعد مصرُ إلى المكانة التى ينبغى لها أن تكون فيها. وسوف نردُّ السهامَ الموجّهة صوب قلب مصر، إلى صدور رُماتِها الأشرار التعساء؛ الذين لا يعرفون ما معنى: «المواطن المصرى»، الذى يظهر معدنه النقىّ فى المواقف والمحكّات الحقيقية. لن نقبلَ أن نكون شوكة فى خصرها، كما يريد لنا خصوم مصر أن نكون. سنشاركُ فى الانتخابات حتى نستحق اسم مصر الشريف.
نقلا عن المصرى اليوم