" البرعى": لا يصح أن يكون للدولة دين و"صالح" : لا بأس أن يكون للدولة دين
• نجاد البرعى :اى دستور يوضع للبلاد يجب ان يرى كل مواطن نفسه فيه
• صبحي صالح: لن يتخلى المسلم عن دينه ومعتقداته ليقبل ما لا يعرفه
• منير مجاهد: تاريخ المسلمين طوال 1432 سنة هجرية لم يكن في جوهره مختلفا عن الحكم الديني في أوروبا
كتب: عماد توماس
أكد الدكتور "عمار علي حسن"، الباحث في علم الإجتماع السياسي، فى بداية المناظرة التى نظمها مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" أمس الثلاثاء، تحت عنوان: " ما هي الضمانات المطلوبة في الدستور لحماية الحريات الدينية؟" على أن المناظرة لا تطرح خلافا او تنازعا على الدين ، وهناك تفرقة بين الدين والتدين، فالتدين من الممكن ان ينحرف بالدين الى ايديولوجية سياسية مثل جماعات الاسلام السياسى. مؤكدا على ان هناك استدعاء للدين فى المجال العام فى الفترة الأخيرة.
حرية العقيدة فى الدساتير المصرية
وفى كلمته، قال الأستاذ "نجاد البرعي"، المحامي بالنقض والناشط الحقوقي، أن مصر بلد متعدد الأعراق والديانات، فالعرب عرق، وهناك أهالى النوبة والامازيغ كأعراق اخرى.والديانات مثل الاسلام والمسيحية بالاضافة الى "البهرة" و"القاديانية" والبهائية وغيرهم
مؤكدا على ان اى دستور يوضع للبلاد يجب ان يرى كل مواطن نفسه فيه.
وحول حرية العقيدة فى الدساتير المصرية من 1923 حتى 1971، اعتبر "البرعى"، ان دستور 1923 يعتبر من أهم الدساتير التى وضعت فى مصر، فالمادة الأولى حتى المادة 148 لا يوجد به "دين الدولة" وبداية من المادة 149 وضع "دين الدولة" فى الاحكام العامة ولم يوضع على هذا المادة اى مناقشات.
واعتبر "البرعى" الدولة مكان او وعاء لا يصح ان يكون لها دين، لكن الدين هو غالبية سكان الدولة، واستشهد بالمادة (12) والتى تؤكد على ان حرية الاعتقاد مطلقة ومادة (13) التى تحمى الدولة فيها الأديان والعقائد "كل ما هو ليس بأديان"
وأشار الى دستور (1958) الذى لم ينص على ان هناك دين للدولة، ثم عاد النص للظهور مرة أخرى فى دستور (1964) بعد نكبة الاخوان ودخولهم السجون، وحاول النظام ان يثبت أنه اكثر تدينا من الاخوان فوضع هذه المادة
اشكالية وجود المادة الثانية فى الدستور
أكد "البرعى" على أن إذا كان دين الدولة الاسلام فكل من هو ليس على هذا الدين فلن يجد نفسه فى هذا الدستور، وأن هناك امكانية لاصدار أحكام قضائية مبينة على هذه المادة مثل أحكام مجلس الدولة-قبل الثورة- مشيدًا بالمادة (46) من الدستور التى تكفل الدولة حرية العقيدة، لكن نفسيرر المحكمة الدستورية العليا لهذه المادة يعنى ان ابناء الديانات الثلاث هم وحدهم من يقوموا بالشعائر الدينية، وربطت قيام الشعائر بالقيم الأدبية للمجتمع وهو نص لم يرد فى نص الدستور الاساسى وأضافتة المحكمة الدستورية
وطالب "البرعى" باضافة العقائد الى الاديان، فالدين علاقة بين الانسان وربه، وان يكون الاسلام دين غالبية سكان الدولة وتحمى الدولة وتحترم جميع العقائد والديانات، ولا يجب ان يخضع النص للتفسير والتغيير والتعديل.
حرية المعتقدات ثقافة وممارسه
من جانبه، قال المحامى" صبحي صالح" القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن حرية المعتقدات الدينية ليست محل خلاف، لانها واجب على كل دولة وعلى اى شخص يحترم نفسه لانها ثقافة وممارسه، ليس شرطا ان يكون لها دستور يكفلها لكن الشرط ان تكون الدولة دستورية، فالدستور لا يغير الواقع مالم يكن الواقع صحيحا، وحتى يكون الواقع صحيحا يحقق الحماية فيجب ان تكون الدولة دستورية وهذا يتحقق بأربع ضوابط، الأول : ان تذهب احكام الدستور الى تقييد السلطة لصالح الحرية، الثانى: ان يُحدث الدستور توازنا بين حقوق المواطن وواجباتة قبل الدولة والاخرين، الثالث: فصل واضح وحقيقى بين السلطات، الرابع: كفالة تمتع السلطة القضائية باستقلال الحصانة، بالاضافة الى خصوصية الحق فى الحرية الدينية لتميزة بخصوصيتين، الأول : لانه حق من اخص الخصوص فهو أكبر من الحرية والتعبير عن الراى، الثانى: القداسة عند معتقديه، فمن الممكن ان نتساوم فى اى حق الاهذا الحق لا يقبل المساومة. فصار الحق أحرى بحمايتة بحكم قدسيته. وفرّق "صالح"، بين النص والتطبيق، فهناك نصوص جيدة لكن تطبيقها سئ، كما فرّق بين استدعاء النص وتاريخ تطبيقه.
واعتبر "صالح"، أن الدولة ظاهرة إنسانية، وشخصية اعتبارية فى القانون، لها من الشخص الاعتبارى من خصائص، فلا بأس ان يكون للدولة دين. كما أن النص على ان الدين الرسمى "الاسلام" لا يعنى بالضرورة ان من لا يعتنق الاسلام ليس من مواطنى الدولة، فالتسمية تطلق على "العموم" او "الأكثرية"، فالاسلام جاء مصدقا لما بين يديه من الكتاب، وتبقى الاشكالية فى مالم يعد عند المسلم دينا كالبهائية، فلن يتخلى المسلم عن دينه ومعتقداته ليقبل ما لا يعرفه، لكن المسلم يقبل به كمذهب فكرى
وأشار "صالح"، إلى عدم وجود ترجمة اسمها الدولة الدينية او العلمانية، فمن يترجم مصطلح يجب أن يُترجم داخل لغتة ثم يأخذ الدلالة ويسميه، موضحًا أن "الثيوقراطية" هى الحق الالهى
اما ان نقول والديمقراطية هى حق الشعب، فالاسلام لا يعرف الثيوقراطية ولعنها فى القران (91) مرة فى قصة موسى وفرعون، مؤكدًا على كرهه للدولة الثيقراطية لانها ملعونة فى القرآن. معبترًا الترجمة بأنها تلاعب بالألفاظ يمكن الاختلاف حولها.
واعترض عدد من الحضور، على عدم وجود "قبطى" بين المتحدثين وهو ما رد عليه مدير المناظرة الدكتور "عمار" بأن إدارة المركز هى المسؤلية عن اختيار ودعوة المتحدثين.
ومن جانبه، علق الكاتب "كمال زاخر" بأنه ليس لديه استعداد لعمل موازانات بين قبطى ومسلم، واعتبر ان مصطلح دولة مدنية بمرجعية دينية هى أحد افكار المناورة من جماعة الاخوان المسلمين، مشيدا بالمحامى "صبحى صالح" فى انه واضحا وصريحا ولا يغلف كلامه
ودعى "زاخر" إلى سيادة دولة القانون، والعدالة، مؤكدًا على ان من يزعم ان المسيحية ليس بها تشريعات خاطئ، فالبعض يقرأ المسيحية بهدف النقد، ففى موعظة السيد المسيح على الجبل كما جاءت فى انجيل "متى" قال المسيحيح "قيل لكم اما انا فأقول" فما كان معترض عليه فى الشريعة اليهودية قاله على سيبل الحصر، وما سكت عنه فقال عنه "ما جئت لأنقض بل لأكمل"
فالشريعة اليهودية تتدخلت فى كل شئون الحياة، وتتطابق الشريعة الاسلامية فى جذورها التاريخية مع الشريعة اليهودية "عين بعين وسن بسن..."
وأكد "زاخر" على انه لا يوجد مصرى فى ذمة المسلمين، قائلا : " اننى كمصرى مسيحى فى ذمة الوطن وليس فى ذمة المسلم" وعلق على القول ""لهم ما لنا وعليك ما عليا" باعتباره نوع من التفضل، فمن يستطيع المنح يستطيع المنع فى اى وقت، ويمكن ان يعود مرة اخرى الى موضع "الذمى" وان يكون مواطنا من الدرجة الثانية.
هل الدولة الإسلامية تختلف عن الدولة الدينية؟
من جانبه، قال الدكتور محمد منير مجاهد ، منسق مجموعة مصريون ضد التمييز الديني، أن الحرية الدينية من أهم الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات مستشهدا بنص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتى تنص على أنه: "لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة"
أشار "مجاهد"، إلى أن قوى "الإسلام السياسي"، تزعم أن"الإسلام دين شامل، ورغم هذا الشمول لا يوجد به دولة دينية، وإنما دولته مدنية، وتاريخ المسلمين كله يشهد على ذلك"، موضحًا أن الدولة الدينية هي "دولة يمارس حكامها الحكم باسم الله، معلنين أنهم يطبقون شريعته ويستلهمون مقاصده، ويلتزمون أوامره ونواهيه"، وأن تاريخ المسلمين طوال 1432 سنة هجرية - باستثناء الفترة التي حكم فيها الرسول والخلفاء الراشدين - لم يكن في جوهره مختلفا عن الحكم الديني في أوروبا، فالدولة الدينية لا تشترط أن يحكمها رجال الدين مباشرة، وباستثناء دولة الفاتيكان أو الدولة الفاطمية في مصر، كان حكام كل الدول الدينية يمارسون الحكم باسم الله، وكان الخلفاء منذ عمر بن الخطاب وحتى السلطان عبد المجيد الثاني - وهو آخر الخلفاء قبل أن يلغي مصطفى كمال أتاتورك نظام الخلافة الإسلامية – يطلق عليهم لقب أمير المؤمنين والخلاف مع معظمهم كان يترجم إلى خلاف مع الله وكم من مفكرين وأئمة اتهموا بالزندقة أو الردة وسجنوا أو عذبوا أو قتلوا.
وأشار "مجاهد"، إلى زعم أنصار الدولة الدينية أن "الدولة الإسلامية تحمي الأقباط"، مؤكدًا على انه لا يوجد في الإسلام ما يحرض على الأقباط أو غيرهم، ولكنه يتحدث عن تاريخ ممتد لـ 1432 سنة ودونه بدقة عدد كبير من المؤرخين الذين عاصروا الأحداث، وهذا التاريخ المسجل يوضح أنه على عكس ما يروج دعاة الدولة الدينية، فإن الحكم الديني في بلادنا العربية الإسلامية – باستثناء الفترة التي حكم فيها الرسول - لم يكن مختلفا عما كان يحدث في أوروبا من حيث التعامل مع المخالفين دينيا، وقد عانت الأقليات الدينية في فترات كثيرة من تمييز واضطهاد، فقد كانت هذه هي طبيعة العصر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :