إخوتى الأقباط.. ساعدوا المستنيرين بهزيمة الخوف
مقالات مختارة | خالد منتصر
السبت ٢٤ مارس ٢٠١٨
كتبت كثيراً مدافعاً عن حقوق الأقباط فى التعيين، وبعض الاضطهادات التى يتعرضون لها فى بعض الأماكن، وعلى رأسها التعيين فى أقسام النساء والولادة، وركزت بالطبع على دور الأساتذة المسلمين المستنيرين فى تحمُّل عبء رفع هذا الاضطهاد. وعندما حضرت الاحتفال بتكريم اسم د. نجيب ميخائيل محفوظ باشا، رائد طب النساء والتوليد فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، وافتتاح متحفه الرائع، تمنيت أن تكتمل تلك الاحتفالية بثورة حقيقية فى تعيين نائب نساء وولادة مسيحى فى ذلك القسم الذى لم يعين أى طبيب مسيحى منذ د. نجيب محفوظ، بل شهد اضطهاداً ومؤامرات قديمة ضد أكثر من طبيب مسيحى فى ذلك الوقت ومن بعض الأساتذة المتزمتين المعروفين بالاسم والذين كانت لهم السطوة والقوة والصوت العالى آنذاك.
سألت سؤالاً مباشراً لأساتذة هذا القسم الذى يمثل صرحاً علمياً ضخماً الآن لا يقل مستوى عن المستويات العالمية، سألتهم ومعظمهم أصدقائى: هل تقدم مسيحى لهذا المنصب كنائب نساء وولادة ورفضتم؟! كان الرد من الجميع وبالقطع والجزم والحسم: لا طبعاً، كنت أعرف وأنا أسأل هذا السؤال أن تلك فرصة تاريخية وليست طبية فقط، كنت متأكداً أن هذا التعيين له رسائل ودلالات أكبر من بوست أو تعيين، إنه ترسيخ لدولة مدنية حديثة تحاسب الفرد على كفاءته فقط وليس على دينه، الفرصة تاريخية لأن هذا الجيل من الأساتذة، سواء على مستوى إدارة الكلية أو قسم النساء، جيل فى منتهى الاستنارة والتفتح، ومسائل الطائفية العنصرية لا تشغل ملليمتراً واحداً من مساحة اهتماماته، عرفت أن هذا العام شهد أكثر من عشرين قبطياً فى جدول الأوائل، مما يدل على أن إدارة طب القاهرة بعيدة كل البعد عن تهمة الطائفية أو تبنّى الاتجاهات العنصرية، وثلاثى الإدارة فى تلك الكلية منحنا القدر إياهم منسجمين مستنيرين متفتحين: العميد د. فتحى خضير والوكيلان د. خالد مكين ود. طارق أنيس، والثلاثة مصرون على محو وصمة الطائفية ورفع عار العنصرية من ذاكرة قصر العينى، أما قسم طب النساء فى هذا الصرح العريق فيشهد مجموعة نستطيع أن نقول عنها إنها فى منتهى الليبرالية: د. محمد ممتاز ود. عبدالمجيد رمزى ود. إيهاب سليمان وغيرهم، صاروا يمثلون جيل استنارة ثورياً، وكانت البداية افتتاح متحف هذا العملاق وإنصافه، وكانت ستكتمل بتعيين عضو هيئة التدريس فى هذا الفرع من المسيحيين. جاءت الفرصة، ولكن للأسف هذه المرة تقاعس الطالب المسيحى المتفوق أو بالأصح الطالبة المسيحية!! وهذا هو بيت القصيد، جلس معها العميد ورئيس قسم النساء ومن سيليه ومن سيأتى بعدهما، تحاوروا معها لكى تتشجع وتطمئن، ولكنها رفضت وخافت! من الممكن أن تكون لها أسبابها الخاصة، لكن ما يهمنى وما أقصده هو أنه قد حان دوركم أيها الأقباط، ساعدوا المستنيرين من أساتذة الجامعات، لا تكونوا مثل الطائر الذى فُتح له القفص ورفض الطيران، اهزموا الخوف والسلبية، تلك هى الثورة الحقيقية، يد واحدة لا تصفق، من الممكن أن تهدم لكنها لا تصفق.
نقلا عن الوطن