قمة الفن فى البساطة
مقالات مختارة | خالد منتصر
الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٨
عندما شاهدت فيلم wonder عرفت أن قمة وعمق الفن هما فى البساطة، عندما تقرأ اسم بطلة الفيلم وتجدها جوليا روبرتس فأنت حتماً تنتظر فيلماً قصته أسطورية ملحمية وتكاليفه مهولة وإنتاجه ضخم.. الخ، لكن الفيلم عندما تقرأ فكرته تجدها عن طفل وُلد مشوه الوجه واحتاج ٢٧ عملية جراحية تجميلية لكى يستطيع أن يرى وأن يتنفس، أقصى طموح هو أن تكون تلك القصة خبراً جانبياً فى زاوية صحفية، لكن أن تتحول إلى فيلم جذاب ومؤثر ومربح وجماهيرى أيضاً فتلك هى معجزة وسحر السينما، جوليا روبرتس هى الأم التى تنذر حياتها وتؤجل دراساتها العليا من أجل طفلها «أوغى» الذى وُلد مشوه الوجه، حتى شقيقته الكبرى تعانى من وحدة وعزلة نتاج هذا الاهتمام والتركيز على «أوغى»، والأب يحاول خلق جو مرح للحفاظ على اتزان البيت، الفيلم يعرض قضية فى منتهى الأهمية لم يتعرض لها الفن السابع من قبل، تعامل الأطفال مع المختلف، عدوانيتهم تجاهه، «أوغى» كان فى المرحلة الابتدائية متقوقعاً فى البيت يدرس منزلياً، حان وقت دخوله إلى المرحلة المتوسطة، لا بد من دخول المدرسة، ارتدى خوذة الفضاء كى يخفى تشوه وجهه، الأطفال لم يتعلموا أن ينظروا إلى ملامح الداخل، تجنبوه أولاً ثم مارسوا العدوانية تجاهه، القليل من الأطفال انتبه إلى «أوغى» المرح، «أوغى» الذكى الأول فى العلوم، بدأ الجميع يرى الداخل الثرى ويهجر السطح المخادع، ليس المهم الموضوع فقط لكنه التناول، ذكاء التناول وسحره، ما يهمنى فى هذا المقال رسالة إلى صناع السينما المصرية، الموضوع السينمائى ليس بالضرورة كلكعة وتعقيداً، ليس فرد عضلات، أرجو من نجماتنا الفرجة على جوليا روبرتس فى هذا الفيلم، مشاهد قليلة لكن تعبيرات غنية، هى لا تحزق أو تتشنج لكى تتسول إعجابك، إنما هى تتسلل، اختاروا موضوعات بسيطة تلمس القلب والعقل، القضية ليست فى الإثارة التى فى موضوع الفيلم ولكنها فى مدى النفاذ الإنسانى وعمقه، أتمنى فيلماً إنسانياً عن الحب، عن مشاعر طفل، عن إحساس امرأة مسنة أو رجل عجوز، عن أسرة صامتة فقدت التواصل، عن انكسار قلب محب أو هجران حبيبة، نفسى فى الغوص إلى ما تحت الجلد فى المشاعر الإنسانية.
كن بسيطاً تصبح فناناً.
نقلا عن الوطن