ساندرا والسؤال الناقص
مقالات مختارة | طارق الشناوي
الخميس ٢٢ مارس ٢٠١٨
السؤال الذى طرحته ساندرا على نفسها، فى برنامجها (الشعب والرئيس)، أنها يجب أن تكون صوت الشعب للرئيس، بينما هم يريدونها صوت الرئيس للشعب، طبعا هى تعلم أننا فى العالم الثالث، ولا صوت يعلو على صوت الرئيس، ولكنها راهنت على أن تظل هناك مساحة ما للشعب.
البرنامج تكليف مباشر من الرئاسة لساندرا، وتلك النقطة وحدها كفيلة بضربه فى مقتل، ورغم ذلك فهو أنجح حوار أجراه الرئيس السيسى، لأن ساندرا كانت حاضرة ولم تتوار عن المشهد.
هدف الدولة واضح ومباشر، حث الشعب على التدافع صوب صناديق الانتخابات، الجرعة زائدة جدا، هناك إسراف شديد، ومن يدير العملية الإعلامية برمتها فى البلد لا يدرك أهمية ضبط الجرعة، وهو ما اعتبرته ساندرا منذ اللحظة الأولى التى تم تكليفها بالبرنامج هو (الترمومتر) الذى تتحرك من خلاله، وهكذا حرصت على أن تضبط هى الجرعة وأن تمنح الشريط التليفزيونى قدرا من الجاذبية ولمحة من خفة الظل وشيئا من الجرأة، مثلا اختارت أن تتعدد أماكن التصوير، تعاملت مع الحوار كمخرجة لفيلم تسجيلى، المونتاج والموسيقى وزاوية وحجم اللقطة، كلها مفردات توظفها لصالح الحوار، حاولت كسر العديد من الرسميات التى تراعى عادة فى حضرة الرئيس، مثلما تتحدث عن خاتم الرئيس، وعن الطقطوقة التى يحرص على تواجدها بالمكتب وغيرها، هناك اتفاق مسبق على الأسئلة الرئيسية، ولكن أيضا تستطيع أن ترى خيطا موازيا من التلقائية، عدد من الأسئلة فاجأت الرئيس تلقيها ساندرا بعفوية، فهى لاتزال تحتفظ بروح الطفل المشاغب فى ملامحها وفى بحة صوتها التى تذكرك بالرائعة نجلاء فتحى.
ساندرا مدركة من البداية أن الدولة تريد برنامجا يصب مباشرة لصالح الرئيس وحققت قطعا الهدف، بأسلوبها وليست بالضبط كما يريدون.
الجزء الحرج الذى تخشى حتى برامج (التوك شو) على كثرتها الاقتراب منه هو مناقشة زيادة توغل القوات المسلحة فى حياتنا المدنية من بيضة الفرخة إلى بناء المساكن، وعلى المقابل هبوط سقف الحرية، فى الأولى أكد الرئيس أن القوات المسلحة تتدخل للضبط والربط ولضمان سرعة الإنجاز، كما أن الحرية مكفولة للناس، ولديهم الحق فى المعارضة كما يحلو لهم ولكن التخريب ممنوع، إلا أن ما نراه على أرض الواقع، وهو ما لم تتعرض له ساندرا، يشير إلى أن القبضة الحديدية كثيرا ما تمارس سطوتها، وعدد من الكتاب- لست بالمناسبة من بينهم- رفضت لهم مؤخرا مقالاتهم سواء فى جرائد قومية أو خاصة، كما أن عددا من الأسماء لم يعد مرحبا بهم إعلاميا، بحجة أن الظرف الأمنى لا يحتمل.
ساندرا تُقدم لقاء يشبهها فكريا ونفسيا، فهو مثل أفلامها تنأى عن التورط فى الاصطدام مباشرة مع الدولة، ورغم ذلك فلقد تحررت فى عدد من الأسئلة، مثلما تناولت الرؤساء السابقين، ولا أدرى كيف سقط محمد نجيب رغم أن السيسى أعاده للضوء، من الواضح أنه يضع فى مساحة شفافة الرئيسين عبدالناصر والسادات، بينما مع مبارك قفز بعيدا عن الإجابة، وهذا يوحى فى الحقيقة بالإجابة!!
ماذا لو سألتنى ساندرا عن تقديم سؤال؟، سوف أقول مباشرة متى يوقف الرئيس أصوات من يريدون لمصر أن تسير على خطى الصين، ويغير الدستور ليصبح رئيسا مدى الحياة؟ هؤلاء المنافقون يستحقون حقا، رغم بضاعتهم الراكدة، ضربة قاضية، تغلق تماما هذا الباب، لتُصبح هى الذروة التى تنهى بها ساندرا حوار الرئيس!!
نقلا عن المصري اليوم