الأقباط متحدون - عبقرية الروح تهزم عجز الجسد!!
  • ٠٢:٢٦
  • الثلاثاء , ٢٠ مارس ٢٠١٨
English version

عبقرية الروح تهزم عجز الجسد!!

مقالات مختارة | بقلم : طارق الشناوي

٢٣: ٠٥ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 غادرنا قبل أسبوع العالم الاستثنائى ستيفن هوكينج ولكن الشاشة لا تعترف بالموت فمنحته حياة سرمدية، بمجرد سماعى الخبر بحثت مجددا عن الفيلم الذى يروى تاريخ حياته ( نظرية كل شىء)، من المؤكد أنك قبل الفيلم لست أنت بعد أن شاهدته، أثناء جريان الشريط ربما تبكى فى لحظات وربما تضحك، وفى الحالتين ستضبط مشاعرك تماما على موجة الفيلم.

 
التحدى واحدة من القيم التى شكلت نقطة الانطلاق، واشتغل عليها المخرج بمزيج من الإبداع والإمتاع البصرى والصوتى، السلاح الذى نشهره فى وجه العجز ونقهره به هو أن نعيش الحياة بكل تفاصيلها، وحتى اللحظات الأخيرة كان بطل الفيلم الذى أدى دوره إيدى ريد ماينى، لديه رغبة فى المزيد عبر عنها بالنكتة كثيرا وبممارسة الجنس كثيرا أيضا، وحرص المخرج جيمس مارش على أن يصل المعنى العميق لنا كمشاهدين بأن البطل ستيفن هوكينج عالم الطبيعة والفلك لايزال متشبثا بالحياة وأحد مظاهرها من الممكن أن تلمحها فى إنجابه الأطفال لأن العجز لم يصل إلى مشاعره الجنسية، ولم يكتف بهذا القدر بل فى المشهد الأخير أثناء عقد مؤتمر صحفى عالمى له فى أمريكا وجد أن إحدى المشاركات وقع قلمها على الأرض فكان الحلم هو أنه يهبط من المسرح ليمسك بالقلم ويمنحه لها، معبرا عن رغبته التى لم تفقد أبدا اشتعالها.
 
بطل الفيلم أيقن استحالة تجاوز المرض، إلا أنه قرر ألا يقهره المرض، وهكذا ومهما زادت مساحات الألم، يواجهها بقفشة أو ضحكة أو سخرية، حتى إن الممرضة التى تولت رعايته فى سنواته الأخيرة، قالت لزوجته لو كنت منك لقبلت التراب تحت قدميه، إجابتها أنه لا يمشى على قدميه ولكن على كرسى، وأضافت الزوجة مستدركة إذن علىّ أن أقبل عجلات الكرسى.
 
لم نكن نعيش فقط مع عبقرية عالم الطبيعة والفلك ستيفن هوكينج، ولكن عبقرية المخرج الذى تمكن فى العديد من اللحظات أن يقهر تلك المأساة، ولا يستسلم لها، ونحن أيضا تجاوزناها معه، شاب يفيض حيوية وخفة ظل ويشتعل ذكاء ويضيف للعالم نظرية عن الوقت والطبيعة والفلك، ولن أشغلكم بتفاصيل الاكتشاف، الذى جعل منه قيمة استثنائية على مستوى العالم كله، فهو أكد بتلك النظرية أنه لا حدود للكون والتى غيرت النظرة أو الاعتقاد السابق للعالم كله باعتباره ناتجا عن الانفجار الكبير الذى أحدث انشطارا للمجموعة الشمسية التى ننتمى إليها، وفى نفس الوقت أشارت تلك النظرية إلى أن للكون نظاما دقيقا ومنتظما ومغلقا.
 
فى مطلع الستينيات، وكان وقتها ستيفن فى الواحدة والعشرين من عمره، أصابه هذا المرض القاتل والنادر، وهو لا يحيل الإنسان فقط إلى كتلة غير متحركة، ولكنه أيضا يضع النهاية مبكرا فى حدود عامين إلا أن بطلنا هزم الموت، ثم اختار هو ساعة المغادرة.
 
اخترعوا من أجله جهازا يتحدث وينطق بما يريد أن يقوله، عندما يُكرم فى أمريكا ويسألونه عن نظريته ويصل إلى الله، وهل الكون أسبق على الدنيا ومن هو الخالق، الرجل لا يؤمن بالله، ولكن الفيلم لا يقدم علاقته الدينية ولا موقفه من الخالق، ولكنه فقط يضع أمامنا حالة إنسانية خاصة جدا.
 
كانت لستيفن مواقفه المتصلة بالشأن العربى، فهو رفض الحرب على العراق، ورفض السفر لإسرائيل، احتجاجا على سياستها تجاه الفلسطينيين، وهذه المواقف لم يأت الفيلم على ذكرها، ولكن منحتنا ملمح كيف لعالم كبير أن يظل على تواصل مع العالم.
 
تخرج من الفيلم قادرا على أن تعيش الحياة مهما كانت قسوتها، فأنت تعيش الحياة عندما تقرر أن تعيشها، وعندما تفقد تلك الرغبة تحصل على تذكرة المغادرة.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع